اليوم العالمي للسل .. خبراء ألمان يوضحون فرص القضاء على المرض

غداً الجمعة 24 مارس يحتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة مرض السل. ومن الملاحظ أن هناك زيادة في الإصابات الجديدة بالسل على مستوى العالم، وبلغ عدد الأشخاص الذين يموتون سنويا جراء الإصابة بهذه العدوى البكتيرية نحو 1.5 مليون شخص، ورغم ندرة المرض في ألمانيا، فإن خبراء ألمان يرون أن هناك حاجة ماسة إلى إيجاد لقاح فعال مشيرين إلى أن هناك العديد من المستحضرات التي يجري تجريبها لهذا الغرض.

وكان معهد روبرت كوخ في ألمانيا سجل في العام الماضي 4076 حالة إصابة بالمرض، وهو ما يعادل 4.9 حالة إصابة جديدة لكل 100 ألف نسمة، مقابل 4.7 في عام 2021، ووصل عدد وفيات مرض السل في 2022 إلى 116 حالة.

من جانبه، يقول كريستوف لانجه المدير الطبي في مركز بورستل البحثي بألمانيا:” لا يوجد مرض آخر يعكس الظروف الاجتماعية بمثل هذا القدر القوي”، ويتضح ذلك من خلال نظرة إلى منطقة البلطيق في الماضي القريب، إذ وصل معدل الإصابة في إستونيا في عام 2000 قبل فترة قصيرة من الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004 إلى 65 حالة إصابة جديدة لكل 100 ألف نسمة، وفي عام 2021 وصل إلى 9. وفي ليتوانيا انخفض المعدل في نفس الفترة الزمنية من 95 إلى 16. ووصل التراجع في الدولتين إلى أكثر من 80%.

ووصل المعدل في مجمل المنطقة الاقتصادية الأوروبية التي تشمل الاتحاد الأوروبي إلى جانب ليشتنشتاين والنرويج وايسلندا، إلى أقل من 10 لكل 100 ألف نسمة في عام 2019، ويرى لانجه أنه “إذا استمر هذا الاتجاه فسيتم القضاء على مرض السل في المنطقة الاقتصادية الأوروبية إلى حد بعيد بحلول عام 2040”.

ويقول الطبيب رالف أوتو-كناب من اللجنة المركزية الألمانية لمكافحة السل في برلين إن “مرض السل يعتبر المرض المعدي البكتيري صاحب أكبر عدد من حالات الوفيات على مستوى العالم”، مشيرا إلى أن نحو 1.6 مليون شخص في كل أنحاء العالم توفوا بالسل في عام 2021، وهو عدد يتجاوز السنوات الماضية.

وكانت منظمة الصحة العالمية أعلنت أنها تستهدف تخفيض معدل الإصابة بالسل بحلول عام 2035 بنسبة 90% مقارنة بعام 2015، وتخفيض معدل الوفيات بنسبة 95%. غير أن عبء المرض عالميا ارتفع مؤخرا. ووفقا لبيانات المنظمة وصل المعدل العالمي في عام 2021 إلى 134 حالة إصابة لكل 100 ألف نسمة بما يعادل 10.6 مليون حالة. ووصل معدل الإصابة في أفريقيا في عام 2021 إلى 212 حالة وفي شرق آسيا إلى 234 حالة.

وتصبح حالة المريض سيئة على نحو خاص إذا جمع بين السل والإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية “إتش آي في” المسبب لمرض نقص المناعة المكتسب (الإيدز)، وهذا ما يحدث في أفريقيا مع نحو 20% من الـ2.5 مليون شخص المصابين بالسل هناك.

وهذا هو السبب في أن علاج فيروس “إتش آي في” تحديدا هو الذي يساعد في مكافحة السل، ويقول لانجه إن نسبة مرضى فيروس “إتش آي في” المصابين بالسل على مستوى العالم انخفضت بمقدار يزيد عن الثلثين بعد أن أصبحت علاجات فيروس “إتش آي في” المضادة للفيروسات القهقرية متاحة في الدول الفقيرة “وكان هذا هو الإجراء الأكثر فعالية في السيطرة على مرض السل في السنوات العشر الأخيرة”.

ويقول أوتو-كناب إن “العلاج يستغرق فترة طويلة للغاية. ويتوقف عدد كبير جدا من المرضى عن تناول الأدوية عندما يشعرون بتحسن”، ورأى أن هذا الأمر قد يكون مفهوما في ضوء الآثار الجانبية التي تتسم بالخطورة في الغالب. غير أنه حذر من أن قطع العلاج لا يمنع الشفاء وحسب بل إنه يهيئ لظهور مسببات مرض مقاومة لا تفلح معها بعض الأدوية. وذكر أن القضاء على مسببات المرض المقاومة للأدوية تستغرق ما بين 18 و24 شهرا.

ويساور الخبراء قلق بسبب التطور السريع لمسببات المرض المقاومة للأدوية، وتشير تقديرات إلى أن عدد الأشخاص الذين يحملون هذا النوع من مسببات المرض يبلغ 450 ألف شخص على مستوى العالم، ويوضح لانجه أن 300 ألف شخص من هؤلاء لم يتم علاجهم.

ويؤكد لانجه في ضوء الوضع العالمي: “بدون لقاح لن نتمكن من السيطرة على الموقف”، ويرى أنه على الرغم من كثرة استخدام لقاح “بي سي جي” المستخدم منذ العشرينيات، في مناطق الخطر فإن الحماية التطعيمية محدودة.

ويتم في الوقت الحالي تجريب لقاحات أخرى ومنها مستحضر “في بي إم 1002” الذي يحتوي على بكتيريا “بي إس جي” تم إضعافها وتعديلها وراثيا بحيث يمكن لجهاز المناعة أن يتعرف عليها بشكل أفضل.

وهناك ثلاث دراسات سريرية تختبر حاليا مدى جودة الحماية التي يوفرها اللقاح فعليا في سيناريوهات مختلفة. وتختبر إحدى هذه الدراسات في خمس دول أفريقية جنوب منطقة الصحراء الكبرى مدى جودة الحماية التي يوفرها اللقاح للأطفال حديثي الولادة الذين تزيد أعمارهم عن ثلاثة أعوام، مقارنة بمستحضر “بي سي جي”. بينما يتم إجراء الدراستين الأخريين في الهند حيث يعيش أكثر من 25% من كل مرضى السل في العالم. وتهدف الهند إلى القضاء على السل بحلول عام 2025.

وتقارن إحدى الدراستين مستحضر “في بي إم 1002” بمستحضر جديد بمشاركة 12 ألف شخص يعيشون في منازلهم مع مصابين بالسل ومن ثم فإنهم عرضة لخطر الإصابة على نحو خاص. وأخذ جزء منهم لقاح “في بي إم 1002″، فيما أخذ جزء آخر لقاح “إيموفاك/ إم آي بي” الذي طورته شركة هندية، بينما بقي جزء ثالث دون أخذ تطعيم. ومن المتوقع ظهور النتائج في نهاية هذا العام أو بداية العام المقبل. وتجرب الدراسة الأخرى لقاح “في بي إم 1002” على 2000 شخص كان قد سبق علاجهم بنجاح من السل حيث تختبر الدراسة ما إذا كان من الممكن للقاح أن يمنع حدوث انتكاسة عند هؤلاء.

وفي ذات السياق، تقوم شركة بيونتيك الألمانية بأبحاث لإنتاج لقاح مضاد للسل. ومن المنتظر أن تبدأ دراسة سريرية في ألمانيا ستختبر فيها في البداية سلامة مستحضر “بي تي إن 164” الذي يعمل بالحمض الريبوزي وجرعته المثلى على نحو 100 شخص، وستظهر نتائج الدراسة في نهاية 2025.

ورغم الإفادة التي يوفرها تقدم الطب في مكافحة السل، فإن أخصائي المناعة الألماني شتيفان كاوفمان يرى أن تحسن الظروف المعيشية ربما كان أكثر أهمية، وقال: “القضايا الاجتماعية في غاية الأهمية لكن حلها قد يكون أصعب من حل القضايا الطبية”. (DPA)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها