دويتشه فيله : من سيستفيد من تعديل قانون استقدام العمالة الماهرة في ألمانيا ؟

 

ألمانيا تفتقر إلى العمالة الماهرة: من طواقم التمريض والرعاية الصحية، مروراً بخبراء تكنولوجيا المعلومات وليس انتهاء بالحرفيين. وفق وكالة العمل الاتحادية، يتعن استقدام 400 ألف مهاجر كل عام من أجل الحفاظ على استقرار سوق العمل. لكن في عام 2021، لم يتجاوز الرقم 40 ألف مهاجر من العمال المهرة.

وستزداد المشكلة تعقيداً عندما يتقاعد مواليد الستينات بعد سنوات. ومن المعلوم أن عقد الستينات في ألمانيا شهد طفرة كبيرة في معدل الولادة. وبسبب شيخوخة السكان، من المتوقع أن يخسر سوق العمل سبعة ملايين شخص بحلول عام 2035 إذا لم تتخذ الحكومة أي خطوات وفقاً لدراسة أجراها معهد أبحاث سوق العمل (IAB).

لتفادي ذلك النقص، اعتمدت الحكومة الاتحادية “أحدث قانون للهجرة في أوروبا”، حسب وزير العمل الفيدرالي هوبرتوس هايل الذي قال في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022: “نحن نتنافس مع العديد من الدول للحصول على عقول ذكية وأيدي عاملة. تحقيقنا لذلك الهدف يضمن الازدهار في ألمانيا”.

مشروع القانون الذي اعتمدته الحكومة يوم الأربعاء (29 آذار/ مارس 2023) وسيعرض في وقت لاحق على البرلمان لمناقشته، هو إصلاح لقانون صدر قبل ثلاث سنوات عن الائتلاف الحكومي السابق، الذي كان مكوناً من الاتحاد المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.

عبرت وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر عن رضاها عند عرضها مشروع القانون في مؤتمر صحفي: “اليوم هو يوم جيد جداً للاقتصاد الألماني ولألمانيا كبلد حديث ومتنوع”، مشيرة عدة مرات إلى أهمية الانفتاح وثقافة الترحيب، بحيث يشعر كل من العمال المهرة وعائلاتهم التي سوف تأتي معهم بالراحة هنا.

يهدف مشروع قانون وزارة الداخلية الاتحادية إلى إتاحة فرص جديدة للمتخصصين والعاملين من دول خارج الاتحاد الأوروبي. من حيث المبدأ، ستكون هناك ثلاث طرق للقدوم إلى ألمانيا كعامل ماهر في المستقبل: من خلال التأهيل والاعتراف بالمؤهلات وهو شيء متاح حتى اليوم، ومن خلال الخبرة المهنية، ومن خلال توفر الإمكانية والفرص للحصول على عمل، ولكن دون شرط وجود عقد عمل عند السفر.

وفي مقابلة خاصة مع DW قال وزير العمل هوبرتوس هايل: “نعلم أننا في منافسة مع دول أخرى على العقول الذكية والأيدي العاملة (…) نريد أن نكون مرحبين أكثر وإتاحة الفرصة لمن يعمل ويعيش معنا بشكل دائم أن يكون جزءاً من المجتمع”.

في المستقبل، سيحصل المزيد من الأشخاص على ما يسمى بالبطاقة الزرقاء المعتمدة في الاتحاد الأوروبي، لأنه سيتم تخفيض حد الراتب. وقد تم إصدار البطاقة الزرقاء للمتخصصين المؤهلين تأهيلاً عالياً للهجرة إلى ألمانيا قبل عشر سنوات. تتيح البطاقة للأكاديميين دخول البلاد للعمل دون فحوصات تثبت تمكنهم من اختصاصهم وبدون مهارات لغوية، ولكن بشرط الحصول على حد أدنى للراتب حسب الاختصاص. مشروع القانون الجديد يخفض ذلك الحد الأدنى. ففي السابق، كان الحد الأدنى للراتب السنوي 58400 يورو سنويا، وفي ومهن تعاني من نقص شديد في اليد العاملة 45552 يورو.

ويمكن لخبراء تكنولوجيا المعلومات الحصول على البطاقة الزرقاء دون تحقيق شرط الحصول على شهادة جامعية إذا كانت لديهم خبرة مهنية عملية تعادل نظراءهم الحاملين للشهادات الأكاديمية.

بالإضافة إلى ذلك، يتفاعل مشروع القانون مع سوق العمل المتغير: في المستقبل، سيكون بإمكان العامل الماهر القيام بأي عمل يتقنه، أي يسمح مشروع القانون بتغيير التخصص، بحيث يمكن للميكانيكي المؤهل، على سبيل المثال، العمل أيضاً في مجال الخدمات اللوجستية.

مشروع القانون سيكون له تأثير على دول البلقان، إذ سيتم تمديد توظيف العمال من ست دول في غرب البلقان، والذي كان محدوداً حتى نهاية عام 2023، إلى أجل غير مسمى. وسيتم زيادة الحصة السنوية إلى 50 ألف عامل وهو ضعف الحصة الحالية.

من العقبات الرئيسية أمام هجرة العمال ضرورة الاعتراف بمؤهلاتهم في ألمانيا. وفي الغالب تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً. في المستقبل، لن يضطر الأشخاص إلى الحصول على اعتراف بشهاداتهم إذا كانت لديهم خبرة مهنية كافية، أي سنتين على الأقل، ودرجة أكاديمية معترف بها من الدولة في بلدهم الأصلي. وعلقت الوزيرة نانسي فيزر على ذلك بأن “هذا التغيير سيعني بيروقراطية أقل وبالتالي إجراءات أسرع”.

ما سبق ينطبق فقط على المتخصصين الذين يتجاوزون حداً معيناً للراتب. بالنسبة لأولئك الذين لا يصلون إلى عتبة الراتب تلك، وبالتالي لا يزال يتعين عليهم الاعتراف بمؤهلاتهم في ألمانيا، ينص مشروع قانون العمالة الماهرة أيضاً على تغيير جديد: يمكن للعمال المهرة القدوم إلى ألمانيا والبدء في العمل أثناء عملية الاعتراف بالشهادة والمؤهلات.

بالإضافة إلى ما سبق، سيتم إدخال ما يسمى ببطاقة الفرصة القائمة على نظام النقاط، الذي سيسمح للعمال المهرة بالقدوم إلى ألمانيا للبحث عن عمل لمدة عام، بشرط حيازة شهادة مهنية أو جامعية من دولة أخرى.

يمكن أن تشمل شروط الحصول على بطاقة الفرصة المهارات اللغوية في اللغة الألمانية و/أو الإنكليزية، والعمر، والخبرة المهنية، وإمكانيات الزوجة وشريكة الحياة التي سترافق المتقدم إلى ألمانيا. بالإضافة إلى ذلك، يُسمح لمن لديهم بطاقة الفرصة هذه بالعمل لمدة تصل إلى 20 ساعة في الأسبوع إلى جانب البحث عن عمل، كما يُسمح أيضاً بالتوظيف تحت الاختبار.

وقالت فيزر في المؤتمر الصحفي: “إننا نجعل ألمانيا أكثر جاذبية للعقول اللامعة في العالم. وسنعمل بنشاط على الترويج لألمانيا كدولة هجرة”.

رد المعارضة كان نقدياً؛ إذ قالت خبيرة سوق العمل سوزان فيرشل من حزب اليسار: “يجب التصدي بحزم للهجرة التي تستهدف بعض المهن غير المستقرة وللاستغلال بدلاً من التوسع فيها”.

ومن جانبه، قال نائب كتلة الاتحاد المسيحي في البرلمان، المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري المسيحي الاجتماعي، هيرمان غروهه، إن مشروع القانون “لا يفعل شيئاً فعالاً بحق” لتشجيع الأشخاص المتعلمين جيداً على الهجرة؛ وأضاف “ليس المهم إصدار قانون ولوائح جديدة، بل المهم هو التطبيق الأفضل على أرض الواقع. يضطر الآلاف من العمال المهرة الراغبين في الهجرة إلى الانتظار لشهور للحصول على تأشيرة أو الاعتراف المهني. يتطلب الأمر، على سبيل المثال، تعزيز البعثات الدبلوماسية في الخارج بموظفين جدد”.

يحذر رئيس “اتحاد الحرف اليدوية الألمانية” (ZDH) من أن “أفضل قانون ليس بذي نفع من دون تطبيق جيد”. ويضيف في مقابلة صحفية: “يجب تبسيط عملية هجرة العمال المهرة بشكل جذري عن طريق الحد من البيروقراطية وتسريع الإجراءات الإدارية”.

“وكالة العمل الاتحادية” متأخرة في مجال الرقمنة. وقالت فانيسا أهوغا، رئيسة الشؤون الدولية في الوكالة، إن نصف المراسلات مع سلطات الهجرة لا تزال تتم بالفاكس والرسائل البريدية التقليدية. تسعى الوكالة لجعل تلك المراسلات تجري كلها بطرق رقمية. (DW)

 

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها