خبيرة إسرائيلية : تقارب العرب مع نظام سوريا لا يبعد شبح هجمات إسرائيل
غير آبهة بالتطورات السياسية والدبلوماسية التي تشهدها المنطقة، تواصل المقاتلات الإسرائيلية شن غارات في محيط العاصمة السورية دمشق.
وكشفت وكالة أنباء النظام السوري “سانا”، مساء الأحد الماضي، أن طائرات حربية إسرائيلية شنت غارات استهدفت مواقع بمحيط دمشق.
لم يكن الهجوم الأول من نوعه الذي ينسب إلى إسرائيل، لكنه كان الأول منذ عودة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية في مايو/ أيار الماضي، بعد 12 عاما من الاستبعاد.
وكانت الهجمات الجوية الإسرائيلية على أهداف توصف بأنها تابعة لإيران أو أسلحة موجهة الى منظمة حزب الله اللبنانية قد تكثفت في الأشهر الماضية تزامنا مع نقاشات عربية حول إعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية.
ولا تعترف إسرائيل رسميا بشن هجمات جوية في سوريا ولكنها لا تنفي أيضا تقارير سورية عن شن هذه الهجمات.
غير أن إسرائيل أعلنت مرارا في السنوات الماضية إنها لن تسمح لإيران بما تسميه “التموضع عسكريا” في سوريا أو نقل أسلحة من سوريا إلى منظمة حزب الله في لبنان.
وقالت مديرة برنامج أبحاث سوريا في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، كارميت فالنسي: “بشكل عام ننظر إلى عودة سوريا الى الجامعة العربية على أنها تحمل في طياتها بعض التأثيرات السلبية لإسرائيل”.
وفي مقابلة مع الأناضول، أضافت فالنسي: “لأن الطريقة التي ننظر فيها إلى الأمور هي أن الرئيس السوري بشار الأسد قد مُنح هدية مجانية بدون أن يعطي أي شيء بالمقابل”.
واعتبرت أن الأسد بعودته الى الجامعة العربية “حصل على الاعتراف الجديد بمنصبه وعودة العلاقات الدبلوماسية وفتح السفارات وربما حتى بعض التمويل الاقتصادي بحيث تستثمر الدول العربية مليارات الدولارات في عملية إعادة الإعمار في سوريا وربما حتى الضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لرفع العقوبات عن نظام الأسد”.
وأشارت إلى أن العرب “طلبوا بالمقابل من الأسد الالتزام ببعض القضايا بما فيها استئناف الحوار مع المعارضة والعودة الآمنة للاجئين وربما حتى تخفيض التواجد الإيراني”.
وقالت فالنسي “كان هذا هو الإعلان العربي ولكن في حقيقة الأمر لم نشاهد أي بيان أو التزام من جانب الأسد باستعداده للقيام بهذه التنازلات”.
وقد اتفق وزراء الخارجية العرب في 7 مايو/أيار الماضي، على عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، واستئناف مشاركة وفودها في اجتماعات الجامعة، مع تسجيل بعض الدول تحفظها على القرار.
سبق القرار وأعقبه زيارات متبادلة بين سوريا وعدد من الدول العربية.
وفي 19 مايو/آيار الماضي، شارك بشار الأسد للمرة الأولى منذ 12 عاما في اجتماع للقمة العربية عقد في جدة بالسعودية، وهو ما لم يلق ارتياحا من قبل إسرائيل ولا الولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت فالنسي: “ما نراه هو أن الأسد يُمنح هدية مجانية بدون أي شيء بالمقابل وهذا أمر إشكالي بالنسبة لنا لأن الأسد يكسب المزيد من الثقة بالنفس والقوة والاعتراف ولكن في نفس الوقت ما زلنا نرى التواجد الإيراني على الأرض وهو ما يشكل تهديدا أمنيا لإسرائيل”.
وأضافت: “إيران تواصل التموضع العسكري في سوريا وتواصل التسلح ونقل السلاح من خلال سوريا الى حزب الله في سوريا ولبنان والأسد لم يفرض أي قيود على هذه النشاطات حتى بعد حصوله مجددا على الاعتراف الإقليمي العربي”.
وفي حين تواصل إسرائيل هجماتها الجوية على أهداف في سوريا، فليس من الواضح للمسؤولين في دوائر القرار بإسرائيل كيف ستؤثر الخطوة العربية على حريتها بالعمل في الأجواء السورية.
وقالت فالنسي: “ربما يكون أحد الخيارات هو أن الدول العربية ستمارس الضغوط على إسرائيل لتجنب مهاجمة أهداف في الأراضي السورية”.
وأضافت: “بما أن الأسد هو أكثر قبولا في الساحة الإقليمية، فإن هذا قد يدفع أطرافا إقليمية للضغط على إسرائيل لتجنب أو على الأقل الحد من أنشطتها العسكرية في سوريا خاصة ما يتعلق بمنشآت النظام السوري”.
وتابعت مفسرة: “ولذا فحينما تهاجم إسرائيل، حسب تقارير غربية، أهدافا إيرانية فهذا مقبول وهذا يخدم المصالح الإقليمية لأنهم لا يريدون رؤية إيران تعاظم قوتها في سوريا ولكن حينما يتعلق باستهداف النظام مثلا في مطار دمشق الدولي فإن الأمر قد يصبح إشكاليا وربما يتم انتقاد إسرائيل”.
واستدركت: “لم نر أي انتقاد حتى الآن ولكن هذا أمر قد نراه في المستقبل”.
وسيتعين متابعة التوجهات الإسرائيلية في الأسابيع والأشهر المقبلة لتحديد كيفية تفاعل إسرائيل مع عودة سوريا إلى الجامعة العربية.
كما سيتعين رؤية المواقف العربية الرسمية إزاء الهجمات الجوية الإسرائيلية في حال استمرت أو تكثفت.
وقالت فالنسي: “لا يوجد شيء عملي يغير الوضع في سوريا أو حرية عمل إسرائيل، ولكن نعتقد أن الدول الإقليمية العربية يجب أن تكون أكثر حزما بأن توجه مطالب أكثر وضوحا للأسد بمقابل لكل هذه الهدايا التي يحصل عليها”.
وأضافت: “ومع ذلك فلا زالت هناك عقبات، ولا نعتقد أن الأسد سيقدم أي تنازلات، فهو يؤمن بطريقته، ويؤمن بأن التنازلات تعني الضعف ولذلك يجب أن يواصل سياسته لأنه يحصل على ثمار من كلا الطرفين، فليس عليه مثلا أن يتراجع عن علاقاته مع إيران فهو باستطاعته أن يحافظ عليها وفي نفس الوقت الحصول على تمويل لإعادة الإعمار من الدول العربية”.
ومن جهة ثانية، فإن إسرائيل تواصل متابعة رد الفعل الأمريكي على التقارب العربي مع سوريا.
وقالت فالنسي: “السؤال هو الموقف الأمريكي، وما إذا كان ما جرى سيتواصل وأن تنجح الدول العربية في التخفيف من العقوبات الأمريكية”.
واستدركت: “لا أرى ذلك سيحدث وأعتقد أن الولايات المتحدة مصممة على المضي قدما في العقوبات الاقتصادية ولذا فإن خيار توفيرها التمويل لإعادة الإعمار في سوريا مستبعد”. (Anadolu)[ads3]