صادرات الغاز الإيطالي إلى ألمانيا قد تتراجع خلال الشتاء المقبل
يبدو أن صادرات الغاز الإيطالي إلى ألمانيا قد تشهد انخفاضًا، خلال موسم الشتاء المقبل، في ظل الجهود المضنية التي تبذلها برلين لتعزيز إمدادات الطاقة وتجنب أزمة طاقة جديدة.
فقد انخفضت نسب الخصم لعقود الغاز في مركز “بي إس في” الإيطالي مقابل مركز “تي إتش إي” الألماني خلال فصل الشتاء -بمعدلات كبيرة- ما يُشير إلى أن ألمانيا ربما تعتمد بصورة أقل على الغاز الإيطالي خلال الشتاء المقبل، بحسب تقرير لوكالة أرغوس ميديا (Argus Media) المعنية بشؤون الطاقة، في 15 يونيو/حزيران الجاري.
يأتي هذا بينما تتوسع إيطاليا في الحصول على المزيد من إمدادات الغاز من شمال أفريقيا وأذربيجان لتعويض خسارتها للغاز الروسي، بحسب المعلومات التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
تراجع صادرات الغاز الإيطالي إلى ألمانيا
تقلص متوسط الخصم لسعر الغاز في مركز “بي إس في” الإيطالي مقابل مركز “تي إتش إي” بنحو 1.60 يورو (1.75 دولارًا أميركيًا)/ميغاواط/ساعة خلال المدة من 1 إلى 13 يونيو/حزيران (2023)، مقارنة بخصومات يونيو/حزيران (2022) البالغة 4.66 يورو/ميغاواط/ساعة.
وتشير هذه الأسعار إلى أن صادرات الغاز الإيطالي إلى ألمانيا من المتوقع أن تتراجع خلال موسم الشتاء المقبل.
وتتدفق صادرات الغاز الإيطالي إلى ألمانيا من خلال نقطة ربط باسو غريس على الحدود الإيطالية-السويسرية وصولًا إلى نقطة والباخ على الحدود الألمانية-السويسرية.
وخلال الأشهر الأخيرة، حدث تغيير في وجهة تدفقات الغاز عبر نقطة والباخ، وبلغ صافي الكميات المستوردة من الغاز الطبيعي في ألمانيا عبر هذه النقطة 96 غيغاواط/ساعة يوميًا خلال المدة من 1 يناير/كانون الثاني حتى 13 يونيو/حزيران الجاري.
وعندما توقّفت محطات الغاز الطبيعي المُسال الفرنسية عن العمل في مارس/آذار الماضي بسبب الإضرابات العمالية، استوردت ألمانيا الغاز عبر والباخ، وبلغت التدفقات 54 غيغاواط/ساعة يوميًا خلال المدة من 9 إلى 13 مارس/آذار الماضي.
وربما ما تزال ألمانيا بحاجة إلى استيراد بعض الغاز من إيطاليا خلال موسم الشتاء المقبل، ولا سيما أنها تُعَد سوقًا متميزة للعقود الآجلة.
ألمانيا والغاز الروسي
اعتمدت ألمانيا تاريخيًا على واردات الغاز الروسي؛ ففي عام 2021 وفّرت روسيا 55% من إجمالي استهلاك ألمانيا من الغاز، وما زالت هناك بعض المخاوف بشأن مدى توفير إمدادات الغاز خلال فصل الشتاء المقبل والتالي له.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد خفض شحنات الغاز الروسي في صيف العام الماضي 2022، تحوّلت ألمانيا إلى مستورد صافٍ عبر والباخ في سبتمبر/أيلول 2022.
وقفزت الواردات من الغاز الطبيعي في ألمانيا من خلال نقطة والباخ إلى أكثر من 95 غيغاواط/ساعة يوميًا في نوفمبر/تشرين الثاني؛ ما رفع متوسط واردات الربع الأخير من العام الماضي (2022) إلى 75.9 غيغاواط/ساعة يوميًا.
ونجحت ألمانيا في بناء 3 محطات عائمة لاستيراد الغاز الطبيعي المسال على مدار شتاء 2022/2023، وهي كذلك في طريقها لإضافة ما لا يقل عن محطتين أخريين بحلول نهاية العام الجاري 2023، مع زيادة السعة -أيضًا- في محطة لوبمين.
وتتجه ألمانيا إلى إيطاليا كونها مصدرًا بديلًا لإمدادات الغاز في أوقات نقص الإمدادات بالسوق؛ إذ يبدو أن جارتها الجنوبية من المتوقع أن تحصل على إمدادات جيدة من الغاز خلال الأعوام المقبلة.
إمدادات الغاز الإيطالي
على صعيد آخر، أصبحت الجزائر أكبر مصدر للغاز إلى إيطاليا خلال الأشهر الأخيرة؛ إذ تتجه شركات التنقيب والإنتاج الأوروبية مثل شركة فينترسال ديا الألمانية إلى دول شمال أفريقيا بعد خسارة أصولها في روسيا.
وقالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، إن إيطاليا أعلنت، في فبراير/شباط الماضي، خطتها “ماتي” بشأن تعميق العلاقات في مجال الطاقة والسياسة مع أفريقيا من أجل التحرك نحو التخلص التام من الاعتماد على الغاز الروسي.
وأوضحت ميلوني أن التعاون المثمر مع الدول الأفريقية ينبغي أن يُعزز دور إيطاليا المتنامي بوصفها مركزًا أوروبيًا للطاقة.
كما يمكن لإيطاليا استيراد الغاز الأذربيجاني عبر خط الأنابيب العابر للبحر الأدرياتيكي؛ إذ توجد خطط لزيادة قدرات هذا الخط بدءًا من عام 2026.
وقد أعربت أذربيجان مرارًا وتكرارًا عن اهتمامها بزيادة الصادرات إلى أوروبا.
بالإضافة إلى ذلك، ما زالت هناك مناقشات حول خط أنابيب غاز إيست ميد، على الرغم من وجود تقديرات تُشكك في نجاح هذا المشروع.
إمكانات الغاز الإيطالي
تخطط شركة سنام الإيطالية لشبكات الغاز لبناء خط أنابيب البحر الأدرياتيكي بحلول نهاية عام 2027، بالتوازي مع خط أنابيب قائم على الساحل الغربي لإيطاليا.
ومن شأن هذا أن يؤدي إلى زيادة قدرة النقل من جنوب البلاد إلى شمالها بمقدار 10 مليارات متر مكعب سنويًا، والسماح لإيطاليا بتلقي إمدادات إضافية من الجزائر وأذربيجان، بالإضافة إلى مواقع الإنتاج قيد التطوير قبالة سواحل صقلية وتعزيز إنتاج محطات الغاز الطبيعي المسال الإضافية.
وتمتلك إيطاليا محطات “بانيغاليا” و”أدرياتيك” للغاز الطبيعي المسال، ووحدة عائمة للتخزين وإعادة التغويز “أو إل تي”، ومن المقرر إتمام أعمال التوسعة في هذه الوحدة خلال الربع الأخير من العام الجاري 2023.
وتعتزم ألمانيا وإيطاليا بناء خط أنابيب مشترك للغاز والهيدروجين، ومن المتوقع بدء تشغيل المشروع في عام 2030، ومن الممكن أن يكون ذلك سببًا في تعزيز صادرات الغاز الإيطالي إلى ألمانيا.
ويهدف المشروع إلى نقل الغاز والهيدروجين الأخضر من شمال أفريقيا إلى القطاعات الصناعية التي يصعب تخفيف انبعاثاتها في إيطاليا والنمسا وجنوب ألمانيا، والتي لا تتصل مباشرة بمحطات استيراد الغاز الطبيعي المسال الجديدة والمخطط لها في بحر الشمال وبحر البلطيق.
(اليورو = 1.10 دولارًا أميركيًا).[ads3]