أجواء تشاؤمية .. أدنى مستوى لمؤشر مناخ الأعمال في ألمانيا منذ 6 أشهر
تراجع مؤشر مناخ الأعمال في ألمانيا هذا الشهر بواقع ثلاث نقاط مئوية إلى 88.5 نقطة، وهو أدنى مستوى يسجله المؤشر على مدار نحو ستة أشهر، بحسب ما أعلنه معهد “إيفو” للبحوث.
وفيما كان يتوقع المحللون تراجعا إلى 90.6 نقطة في المتوسط، قال كليمنيس فوست، رئيس المعهد، “يؤدي ضعف الصناعة على وجه الخصوص إلى دفع الاقتصاد الألماني إلى مرحلة صعبة”. وأوضح أن مناخ الأعمال في مجال الصناعات التحويلية تراجع بشكل كبير، وتخيم أجواء تشاؤمية أيضا على قطاعات الخدمات والتجارة والبناء.
وتراجعت التوقعات المستقبلية لما يقرب من تسعة آلاف شركة، حيث انخفض المؤشر الخاص بالتطلعات المستقبلية بمقدار 4.7 نقطة إلى 83.6 نقطة. وتم تصنيف الوضع الحالي أيضا على أنه أقل مواتاة مما كان عليه في الشهر السابق، لكن التراجع بلغت نسبته 1.1 نقطة إلى 93.7 نقطة.
إلى ذلك، أظهرت دراسة لبنك التنمية الألماني التابع للدولة كيه.إف.دبليو أن نقص العمالة المدربة المناسبة يظل أحد أكبر العقبات أمام النمو الاقتصادي لألمانيا.
وبحسب التقرير نصف السنوي للبنك الصادر تحت عنوان “مؤشر العمال المهرة” للنصف الأول من العام الحالي فإن قطاع الخدمات هو الأشد معاناة من نقص العمالة.
وبشكل عام اشتكى أكثر من 42 في المائة من الشركات التي شملها المسح من نقص العمالة المدربة، في حين بلغت النسبة 75 في المائة من الشركات في مجال الخدمات القانونية والاستشارات الضريبية.
كما أظهر المسح أن الشركات الكبيرة تعاني نقص العمالة أكثر من الشركات الأصغر. كما تعاني مناطق شرق ألمانيا المشكلة بصورة أكبر، في حين تتراجع حدة أزمة نقص العمالة في جنوب غرب ألمانيا.
وبحسب دراسة بنك كيه.إف.دبليو، فإن التباطؤ الاقتصادي الناتج عن أزمة الطاقة والحرب الروسية – الأوكرانية، أدى إلى تراجع مؤقت في حدة أزمة نقص العمالة.
وقالت فريتسي كولر جايب كبيرة المحللين الاقتصاديين في كيه.إف.دبليو “حتى إذا تراجعت نسبة الشركات التي ترى تضرر أنشطتها الاقتصادية من نقص العمالة المدربة، نتيجة تباطؤ الاقتصاد فإن نقص العمالة بشكل عام ووفقا للمقارنة التاريخية ما زال يعرقل جزءا كبيرا من الاقتصاد في ألمانيا”.
وأكدت كولر جايب أنه “من المتوقع أن تتزايد حدة نقص العمالة المدربة بنهاية العام الحالي إذا استمر تعافي الاقتصاد”. وأضافت أنه من الضروري معالجة نقص العمالة من خلال نظام هجرة موجه يسمح بدخول العمالة المدربة إلى ألمانيا، مع زيادة إنتاجية العمال وتعبئة كل الألمان القادرين على العمل.
تخطط الحكومة الألمانية لزيادة الحد الأدنى القانوني العام للأجور من 12 يورو في الساعة إلى 12.41 يورو في الساعة ابتداء من الأول من كانون الثاني (يناير) 2024.
وبحسب مقترح قدمته لجنة الحد الأدنى للأجور في برلين أمس، فإنه من المخطط أيضا رفع الحد الأدنى من الأجور إلى 12.82 يورو في الساعة ابتداء من الأول من يناير 2025.
وتصادق الحكومة الألمانية على مقترحات اللجنة لتصبح قانونا بشكل دائم تقريبا، وفي المقابل، عارض ممثلو العمال في اللجنة رفع الحد الأدنى للأجور بحسبانه غير كاف للعمال المتضررين من ارتفاع التضخم.
وقالت لجنة الحد الأدنى للأجور في قرارها، “يأتي القرار في وقت يتسم بضعف النمو الاقتصادي والتضخم المرتفع باستمرار في ألمانيا، ما يفرض تحديات كبيرة على الشركات والموظفين على حد سواء”.
وانتقد الاتحاد الألماني للنقابات العمالية القرار بشدة، إذ قال شتيفان كورتسيل عضو مجلس الإدارة في الاتحاد، وهو أيضا عضو في لجنة الحد الأدنى للأجور، إن الزيادة الاسمية البالغة 0.41 يورو ستعادل في الواقع خفضا هائلا للحد الأدنى لأجور نحو ستة ملايين عامل، نظرا لارتفاع التضخم.
وقال كورتسيل إن ممثلي العمال ضغطوا من أجل رفع الزيادة إلى 13.5 يورو على الأقل، لكن تم رفض المقترح من قبل ممثلي الشركات ورئيسة اللجنة كريستيانه شونيفيلد. وكانت الحكومة الألمانية وافقت على رفع الحد الأدنى من الأجور في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي من 10.45 يورو إلى 12 يورو في الساعة.
وكانت هذه الزيادة تعهدا رئيسا في الحملة الانتخابية للمستشار أولاف شولتس. وسنت ألمانيا لأول مرة حدا أدنى قانونيا للأجور في 2015، الذي بلغ في ذلك الحين 8.5 يورو في الساعة، لكن تم زيادته مرارا منذ ذلك الحين.
من جهة أخرى، أعلنت الوكالة الاتحادية للعمل في ألمانيا استمرار تأثر قطاع التمريض في البلاد بشدة بنقص العمالة. وفي تصريحات أمس، قال دانيل ترتسنباخ عضو مجلس إدارة الوكالة، “يعد التمريض منذ أعوام عديدة من بين المهن ناقصة العمالة، عدد العاملين في هذا القطاع ارتفع في أيلول (سبتمبر) الماضي إلى 1.7 مليون شخص بزيادة بنسبة 10 في المائة خلال خمسة أعوام.
وأكد أن إجمالي عدد العاملين في كل القطاعات ارتفع في الفترة الزمنية نفسها بنسبة 6 في المائة.
ورأى ترتسنباخ مع ذلك أن هناك نقصا في الكوادر الفنية المتخصصة في التمريض “ولا يزال الطلب مرتفعا كما هو”. وأضاف ترتسنباخ أن “عدد الوظائف الشاغرة المبلغ عنها يفوق عدد العاطلين بشكل ملحوظ”، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى أن الوضع معكوس بالنسبة لمعاوني التمريض الأقل تأهيلا حيث يزيد عدد طالبي التوظيف عن عدد الوظائف الشاغرة.
وأعرب ترتسنباخ عن اعتقاده بأن هذا هو السبب في أن التأهيل حتى في مكان العمل أيضا يمثل عنصرا حاسما. وعد أن سداد أرباب العمل للرسوم المدرسية التي سبق ودفعها المتدربون خطوة مهمة، لكنه رأى أن أرباب العمل يستطيعون أن يفعلوا أكثر من ذلك وبمقدورنا أن ندعم هذا.
وأوضح ترتسنباخ أن الهدف هو تأهيل المعاونين وترقيتهم إلى كوادر فنية متخصصة ولا سيما بالنسبة للأشخاص القادمين من الخارج. ونوه ترتسنباخ إلى أن اللوائح الموجودة في النظام الألماني التي تعترف بشهادات التدريب المهني الأجنبية تؤدي فقط إلى إتاحة العمل لأصحاب هذه الشهادات كمعاونين وطالب بحل هذه المشكلة.[ads3]