أكبر مزاد لطاقة الرياح البحرية في ألمانيا يثير جدلاً أوروبياً

تعرّضت نتائج أكبر مزاد لطاقة الرياح البحرية في ألمانيا لانتقادات واسعة النطاق بسبب ما يُطلق عليه “العطاءات السلبية”، وسط تحذيرات بأنه لا يتعيّن على أوروبا أن تحذو حذو برلين.

وقدّمت وكالة الشبكة الفيدرالية الألمانية 4 مواقع، تعهّدت أكثر من شركة ببنائها دون أيّ دعم من الدولة، وهو الأمر الذي أدى إلى إطلاق “عطاء ديناميكي” إضافي؛ ما يعني أنه إذا تخلّت عدّة شركات عن الإعانات الحكومية، فإن الشركة التي لديها “استعداد كبير للدفع” ستفوز بالعقد.

وتطلَّبَ هذا الإجراء من المطورين الدخول في جولة ثانية من العطاءات السلبية غير محددة السقف؛ ومُنحت العطاءات على أساس سعري فقط.

وحذّرت مؤسسة “ويند يوروب” -في بيان صحفي طالعته منصة الطاقة المتخصصة- من أن العطاءات السلبية تؤدّي إلى تكاليف إضافية لمطوري طاقة الرياح البحرية؛ إذ ستُمرر هذه التكاليف إلى سلسلة التوريد التي تكافح بالفعل مع التضخم وارتفاع تكاليف المدخلات، أو للمستهلكين الذين يواجهون ارتفاع أسعار الكهرباء وتكاليف المعيشة.

وقالت “ويند يوروب”: “كل الأموال المدفوعة في العطاءات السلبية هي أموال لا تستطيع شركاتنا استثمارها في مشروعات طاقة الرياح الأخرى؛ لذلك يجب على الحكومات الأوروبية ألّا تحذو حذو ألمانيا في العطاءات السلبية”.

أعلنت ألمانيا -الأربعاء (12 يوليو/تموز 2023)- أسماء الفائزين في مزادها لطاقة الرياح البحرية بسعة 7 غيغاواط للمواقع التي لم تُطَوّر مسبقًا من قبل الدولة؛ ما جعله أكبر مزاد لطاقة الرياح البحرية في ألمانيا حتى الآن.

ويتألف المزاد من 3 مواقع بسعة 2 غيغاواط لكل منها تقع في بحر الشمال (إن-11.1، وإن-12.1، وإن-12.2)، وموقع واحد بسعة 1 غيغاواط يقع في بحر البلطيق (أو-2.2).

والفائزون هم شركة النفط البريطانية بي بي بموقعين في بحر الشمال بإجمالي 6.78 مليار يورو (7.57 مليار دولار أميركي)، وشركة توتال إنرجي الفرنسية بموقع في بحر الشمال، وموقع آخر في بحر البلطيق، بإجمالي 5.82 مليار يورو (6.5 مليار دولار).

ومن المقرر بدء تشغيل المشروعات الأربعة لطاقة الرياح البحرية في ألمانيا بحلول عام 2030، وسيتعين على المطورين دفع 12.6 مليار يورو (14.07 مليار دولار أميركي) للحكومة الألمانية.

وسيُخصص 90% من الأموال لتمويل تكاليف توصيل الشبكة، و5% لحماية التنوع البيولوجي البحري، و5% أخرى لدعم الصيد الصديق للبيئة.

قال رئيس وكالة الشبكة الفيدرالية الألمانية، كلاوس مولر: “تؤكد النتائج جاذبية الاستثمار بطاقة الرياح البحرية في ألمانيا”، بحسب ما جاء في بيان صحفي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وأضاف: “المنافسة في طاقة الرياح البحرية لم تكن بهذا الارتفاع من قبل.. والنتائج هي خطوة أساسية نحو تحقيق هدف التوسع البحري البالغ 30 غيغاواط بحلول عام 2030”.

ولم تكن هذه آخر مزادات طاقة الرياح البحرية في ألمانيا في عام 2023؛ إذ ستقدّم ألمانيا مناقصة بسعة 1.8 غيغاواط من الرياح البحرية في مواقع مطورة مسبقًا هذا الصيف، وفق ما نقلته مؤسسة “ويند يوروب” في بيانها.

وستُباع هذه المواقع في مزاد علني بموجب تصميم مزاد مختلف يتضمن 4 معايير غير سعرية: حماية البيئة، والمساهمة في القوى العاملة الماهرة، والبصمة الكربونية في إنتاج توربينات الرياح، ووجود عقود اتفاقية شراء الكهرباء، ولن يُطبَّق “إجراء العطاء الديناميكي” غير المحدد على هذه المواقع.

ومن خلال الجمع بين هذين المزادات للرياح البحرية، ستقدّم ألمانيا مناقصة لما مجموعه 8.8 غيغاواط من الرياح البحرية في عام 2023، أكثر من سعة الرياح البحرية المركبة مجتمعة اليوم.

أوضحت شركة توتال إنرجي أنها حصلت على امتيازين بحريين “إن-12.1″ و”أو-2.2” لمدّة 25 سنة قابلة للتمديد إلى 35 سنة، في نهاية أكبر مزاد لطاقة الرياح البحرية في ألمانيا.

ويقع الامتياز “إن-12.1” في بحر الشمال، على بعد 170 كيلومترًا من الساحل، ويغطي مساحة تبلغ نحو 200 كيلومتر مربع، بينما يقع الامتياز “أو-2.2″ في بحر البلطيق على بعد 40 كيلومترًا من الساحل، ويبلغ مساحته نحو 100 كيلومتر مربع.

وستوفر مزرعتا الرياح، بسعة 2 غيغاواط و1 غيغاواط على التوالي، حجمًا من الكهرباء يعادل استهلاك أكثر من 3 ملايين منزل، وفق ما جاء في بيان صحفي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

بعد هذه المنح، ستدفع توتال إنرجي للحكومة الفيدرالية الألمانية 582 مليون يورو (650 مليون دولار أميركي)، والتي ستُخصص للحفاظ على البيئة البحرية وتعزيز الصيد الصديق للبيئة، كما ستُدفع مساهمة سنوية لمشغّلي نظام نقل الكهرباء المسؤولين عن ربط المشروعات لمدّة 20 عامًا من بدء تشغيل المواقع.

وستُجري الشركة الفرنسية الدراسات المطلوبة للحصول على التصاريح البيئية، فضلًا عن التحليلات الفنية على هذه المواقع؛ ما سيؤدي إلى قرارات الاستثمار في عام 2027، والتشغيل بحلول عام 2030.

وأكد الرئيس التنفيذي لـ توتال، باتريك بويانيه، أن شركته ستستفيد من خبرتها في المشروعات البحرية والواسعة النطاق لبناء مزارع الرياح العملاقة هذه، و”التي ستسهم بشكل كبير في تطوير الكهرباء المتجددة في أوروبا بحلول عام 2030”.

وأضاف: “دخولنا إلى طاقة الرياح البحرية في ألمانيا، الأكبر في سوق الكهرباء الأوروبية، يُعد خطوة أساسية في تنفيذ إستراتيجيتنا لنصبح لاعبًا مربحًا ومتكاملًا في أسواق الكهرباء”.

من جانبها، أعلنت شركة النفط البريطانية بي بي حصولها على حقوق تطوير مشروعين لطاقة الرياح البحرية في ألمانيا “إن-11.1″ و”إن-12.2” الواقعين في بحر الشمال، بسعة إجمالية تبلغ 4 غيغاواط.

وأوضحت الشركة أن هذه المشروعات ستكون أولى مشروعاتها بطاقة الرياح البحرية في ألمانيا، وتتوافق تمامًا مع إستراتيجية الطاقة المتكاملة للشركة وتخصيص رأس المال المنضبط، وفق ما جاء في بيان صحفي طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وأشارت إلى أنها ستدفع في البداية ما يصل مجموعه إلى 678 مليون يورو (756.81 مليون دولار)، أي ما يعادل 10% من مبلغ العطاء، بحلول يوليو/تموز 2024، بينما ستدفع الـ90% المتبقية على مدى 20 عامًا عندما تصبح المشروعات جاهزة للعمل في العقد المقبل.

وقالت نائبة الرئيس التنفيذي لشركة بي بي لأعمال الغاز والطاقة منخفضة الكربون، أنجا إيزابيل دوتزنراث: “تُعدّ هذه المنح علامة فارقة لخطط بي بي لإزالة الكربون في ألمانيا، وهي انعكاس قوي لإستراتيجيتنا الأوسع”.

وتابعت: “ستعمل الكهرباء المتجددة التي نهدف إلى إنتاجها على ترسيخ الطلب الكبير الذي نتوقعه على الإلكترونات الخضراء لعملياتنا في ألمانيا، من مجموعة كاملة من المنتجات والخدمات، بما في ذلك إنتاج الهيدروجين الأخضر والوقود الحيوي، ونمو التنقل الكهربائي، وإزالة الكربون من مصافي التكرير”.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها