قطاع حيوي في ألمانيا يشهد أزمة تهدد استمراره

 

في آذار/مارس، تلقّى كادوفسكي (58 عامًا) اتصالًا تبلّغ فيه أن مجموعة “ألنيكس” Allnex الألمانية المالكة للمصنع ستغلق الموقع الذي تأسس قبل 90 عامًا في مدينة هامبورغ.

ويقول لوكالة فرانس برس “صُدمت تمامًا”.

مع إغلاق المصنع العام المقبل، سيخسر كادوفسكي و130 عاملًا آخر وظائفهم.

وعزت الشركة قرارها إلى “تغيّرات طرأت أخيرا على أسعار الطاقة”، مما ينعكس سلبًا على قطاع الكيميائيات الألماني.

ويُعدّ إغلاق هذا المصنع واحدًا من تداعيات الأزمة التي تضرب هذا القطاع الأساسي في الاقتصاد الألماني الذي شهد انكماشًا في بداية العام وركودًا في الربع الثاني وفقًا لبيانات نُشرت الجمعة.

وعلى المستوى التضخمي، تباطأ التضخم الألماني في تموز/يوليو ليسجّل 6,2% بعدما كان 6,4% في حزيران/يونيو، حسبما أظهرت أرقام أولية صادرة عن مكتب الإحصاءات الفدرالي “ديستاتيس”.

يقول رئيس مجموعة الضغط التي تمثل 1900 شركة في قطاع الكيميائيات في ألمانيا “في سي آي” VCI ماركوس ستيليمان إن “القطاع ينهار”.

ويضمّ قطاع الكيميائيات في ألمانيا 466 ألف موظف ويشكّل 5% من إجمالي الناتج المحلي، ويُعدّ أساسيًا لاستمرار قطاعات أخرى تشتري منه سلعا وسيطة.

لكن أداء القطاع يسوء منذ أشهر، فقد تراجعت مبيعاته بنسبة 11,5% في النصف الأول من العام، ويُتوّقع تسجيل تراجع بنسبة 14% في العام 2023 بكامله.

ويتراجع أيضًا عدد الموظفين في الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تمثل 92% من شركات القطاع. وفي أيار/مايو، تراجع عدد الموظفين في القطاع بنسبة 0,8% على أساس سنوي.

في شباط/فبراير، أعلنت شركة “بي إيه أس أف” لتصنيع المواد الكيميائية أنها ستلغي ثلاثة آلاف وظيفة لديها مع إغلاق عدة وحدات في موقعها التاريخي في مدينة لودفيغشافن (غرب). والجمعة، تحدثت الشركة عن تراجع بنسبة 76% في أرباح الربع الثاني على أساس سنوي.

تساهم مجموعة عوامل بشكل تدريجي في تدهور قطاع نجح بشدّة في ألمانيا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية.

أدّى بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في شباط/فبراير 2022 وتراجع صادرات الغاز إلى ارتفاع تكاليف الطاقة في أكبر اقتصاد في أوروبا، فيما أُغلقت آخر محطات نووية في البلد.

ورغم تراجعها منذ بلوغها ذروة في آب/أغسطس 2022، لا تزال أسعار الطاقة في ألمانيا أعلى بخمس مرات مما هي عليه في الولايات المتحدة وأعلى بمرتين إلى ثلاث مرات مما هي عليه في الصين، بحسب مجموعة “في سي آي”.

كذلك، تراجعت الاستثمارات في القطاع في ألمانيا بنسبة 24% العام الماضي، وتنظر ربع الشركات الألمانية في الاستعانة بشركات خارجية لتهتمّ بإتمام جزء من إنتاجها.

في هامبورغ، ترتفع أعلام نقابة “آي جي بي سي إي” أمام المصنع.

ويقول رئيس لجنة العمّال في “ألنيكس” كريستيان وولف لوكالة فرانس برس “إن قرار (الإغلاق) لا معنى له، المصنع يعود بربح”.

رغم التوترات المحلية، تتفق النقابات والشركات على الدعوة إلى تحديد سقف لأسعار الطاقة للمساعدة في إنقاذ القطاع.

في أيار/مايو، كشف وزير الاقتصاد روبرت هابيك المنتمي إلى حزب الخضر عن اقتراح يسمح بتجميد أسعار الكهرباء حتى العام 2030 للصناعات التي تستهلك أكبر كميات من الطاقة فيما تُكمل ألمانيا انتقالها إلى الطاقات البديلة.

لكن وزير المال كريستيان ليندنر المنتمي للحزب الديموقراطي الحر يعارض هذا الاقتراح بشدّة حتى الآن لأسباب متعلقة بالميزانية.

ويدعو بعض الخبراء إلى التخلص من هذه الصناعات التي لن تكون قادرة أبدًا على المنافسة في ألمانيا، والتركيز على قطاعات أقلّ استهلاكًا للطاقة في المستقبل.

ويقول رئيس “معهد كييل للاقتصاد العالمي” مورتيس شولاريك “الهدف الأساسي للقطاع كما للنقابات هو الدفاع والصون، وليس التغيير والابتكار”.

لكن بغياب الكيميائيات، سيخسر الاقتصاد “قطاعًا عالي الإنتاجية كان لسنوات القوة الدافعة للصناعة ككلّ”، بحسب الخبير الاقتصادي في معهد “إيفو” لأبحاث السياسات الاقتصادية تيمو فولمرشاوسر.

ويقول الميكانيكي في مصنع هامبورغ توربن بولدت (26 عامًا) لوكالة فرانس برس “لن أجد وظيفة كهذه تدرّ علي مالًا جيدًا وتوفر ظروف عمل جيدة كهذه”، مؤكدا أنه “سيحارب” ليحافظ على وظيفته. (AFP)

 

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها