قصص مؤلمة لباحثين عن مستقبل أفضل .. الكشف عن عدد السوريين الذين قضوا في كارثة ليبيا الأخيرة
طبيب أسنان، وحلواني يصنع الحلويات العربية الشهية، ونجار.. هؤلاء نماذج لسوريين غادروا بلادهم التي مزقتها الحرب إلى مدينة درنة الليبية على مدى السنوات الماضية، بحثًا عن عمل وفرص أفضل.
لكن العشرات منهم أصبحوا الآن في عداد المفقودين ويخشى أن يكونوا لقوا حتفهم، بعد أن تسببت العاصفة دانيال في فيضانات كارثية اجتاحت المدينة الساحلية ليل الأحد الماضي، وأحدثت دمارًا هائلا وجرفت أحياء بأكملها إلى البحر الأبيض المتوسط.
فوفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، تأكد مقتل 42 سوريا في ليبيا، في حين أن العدد الحقيقي قد يصل إلى 150.
ومن بين الضحايا سوريون كانوا يعيشون ويعملون هناك لفترة طويلة، ومهاجرون استخدموا الساحل الليبي كنقطة عبور فقط للوصول إلى أوروبا.
فمن ضمن هؤلاء عمار كنعان، نجل نسمة جباوي البالغ من العمر 19 عاماً، والذي غادر منزله في محافظة درعا جنوبي سوريا قبل عامين.
ليتوجه إلى ليبيا حيث خطط للعمل وتوفير المال من أجل دفع رسم للسلطات السورية يبلغ حوالي 8000 دولار يعفيه من الخدمة العسكرية الإجبارية.
وقالت نسمة إن ابنها تحدث معها آخر مرة بعد ظهر الأحد، وأخبرها بأنه سيغلق محل الحلويات الذي يعمل فيه ويعود إلى منزله، لأنه من المتوقع حدوث عاصفة قوية. لكنها حاولت مراراً الاتصال به، الاثنين، دون جدوى.
فيما أظهر حساب واتساب الخاص به أن آخر مرة كان فيها هاتفه متصلاً بالإنترنت في حوالي الساعة 1:30 صباحًا يوم الاثنين.
وقالت والدموع تخنقها: “لا يزال لدينا أمل”.
ويوم الثلاثاء، توجه عم كنعان بالسيارة إلى درنة من مدينة بنغازي حيث يعمل، ليجد أن المبنى الذي يعيش فيه ابن أخيه قد جرفته المياه. وعلقت نسمة قائلة “كل من كان بالداخل يعتبر ميتاً”.
من جانبه، روى زيد مرابح، البالغ من العمر 19 عاماً، والذي سافر إلى ليبيا قبل عامين من مدينة حمص وسط البلاد وعمل نجارا كيف شاهد المياه تتدفق نحو مبناه ليل الأحد. وقال “سمعت دوياً عالياً”، وكانت هذه هي اللحظة التي انهارت فيها السدود. لكنه عندما بدأ منسوب المياه بالارتفاع في حيه، ركض بشكل محموم نحو الأراضي المرتفعة – تل شيحا الشرقي القريب. ومن هناك رأى المياه تدمر كل شيء تقريبًا في طريقها.
ثم عاد مرابح صباح الاثنين بعد أن انحسرت المياه للاطمئنان على عمه وأقاربه.
ليجد المبنى الذي كانوا يعيشون فيه مختفيا. وقال إن عمه عبد الإله مرابح وخالته زينب وابنتهما شهد البالغة من العمر سنة واحدة لقوا حتفهم.
كما أكد أنه بحث في صفوف الجثث الملقاة في شارعهم لكنه لم يتمكن من العثور على عائلة عمه.
أما في العاصمة السورية دمشق، فقد تلقى أفراد عائلة قلعجي، يوم الخميس، التعازي في وفاة أفراد عائلتهم الثمانية الذين قتلوا في درنة. وقالت الأسرة في بيان إن فراس قلعجي وزوجته رنا الخطيب وأطفالهما الستة سيدفنون في ليبيا.
وأفادت غنى القاسم بأن ابن أخيها، هاني تركماني، كان طبيب أسنان وصل إلى درنة منذ حوالي تسعة أشهر “لتحسين حياته”. وقد وجد له أبناء عمومته، الذين كانوا هناك بالفعل، عملاً.
لكن المأساة خطفته أيضا.
وكان عدد من المسؤولين المحليين في ليبيا أعلنوا أن هناك المئات من المهاجرين في عداد القتلى، دون تحديد الجنسيات بعد.
وعلى الرغم من أن عدد الضحايا ليس نهائيا بعد فإن التقديرات تشير إلى احتمال وصوله إلى 20 ألفا، لاسيما أن نحو 30 ألفاً ما زالوا بعداد المفقودين.
وتسببت العاصفة “دانيال” منذ الأحد الماضي بحجم مهول من السيول والفيضانات التي أغرقت أحياء بكاملها، كان لدرنة الحصة الأكبر منها، إذ محيت أجزاء بأكملها من الخريطة، وجرفت المياه عائلات برمتها فوجئت بما حصل. (alarabiya)[ads3]