إندبندنت : روسيا بعد الحرب .. ” ترانزيت خلفي ” للمهاجرين العرب إلى ألمانيا
بعد الحرب في أوكرانيا تحولت وجهة المهاجرين العرب الراغبين في العبور إلى أوروبا بصورة غير شرعية إلى روسيا وبيلاروس، وهي رحلة يصفها المهاجرون بالخطرة لأن فشلهم في عبور بولندا يعني أنهم سيظلون عالقين في غاباتها بلا أكل أو شرب.
مصطفى (35 سنة) ينحدر من مدينة السلمية في سوريا، وقبل شهرين قدم إلى ألمانيا من بيروت وكان يعمل في سوريا ميكانيكياً، ثم هاجر بسبب الحرب من بلده إلى لبنان، وأمضى هناك خمسة أعوام ثم انتقل بعد ذلك إلى موسكو، ويقول في هذا الصدد “حصلت على تأشيرة الدخول إلى موسكو للدراسة لأتمكن بعد ذلك من العبور إلى ألمانيا عبر روسيا”.
ومن بيروت إلى موسكو ثم إلى العاصمة البيلاروسية مينسك، دفع مصطفى 3500 دولار للمهربين ثم قدم إلى مهرب آخر للانتقال من مينسك إلى الحدود مع بولندا، ومن هناك استقل شاحنة من الحدود البولندية – الألمانية إلى برندبورغ في مقابل 000 4دولار أخرى.
ولدى مصطفى أقارب في مدينة دورتموند يرغب في الاستقرار لديهم إلى غاية حصوله على رد حول طلب لجوئه في ألمانيا، وهو واحد من آلاف اللاجئين الذين تم تهريبهم بصورة متزايد إلى ألمانيا عبر روسيا وبيلاروس.
عمر (36 سنة) سوري قدم رفقة شقيقته إلى تركيا ثم سافرا إلى روسيا بتأشيرة ليعبرا إلى بيلاروس وبولندا ثم ألمانيا، ويقول إن “الرحلة ليست بسهلة لأنه إذ لم تتمكن من العبور من بولندا فلا يمكنك العودة، ويمكن أن تظل عالقاً في الغابة هناك بلا أكل أو طعام لأنه من الممنوع العودة بسب الحراسة المشددة، وحالياً يوجد عمر في مركز لاستقبال اللاجئين في برلين، ويأمل في أن يتم قبول لجوئه هو وشقيقته”.
وينظم المهربون رحلة عبور المهاجرين العرب عبر دول روسيا وبيلاروس نحو بولندا، وهنا يقول عمر “عادة ما تتراوح بين 6 و10 آلاف يورو للشخص الواحد (6350 دولاراً و10600 دولار)، وقد تتجاوز أحياناً هذا المبلغ”.
وكان وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر أعلن أنه سيدرس الخيارات المتاحة لمنع تحويل اللاجئين في ألمانيا الأموال التي يحصلون عليها كمساعدات من الدولة إلى بلدانهم الأصلية، وقال في مقابلة صحافية إنه “يمكن أن يكون تحويل اللاجئين في ألمانيا المال إلى بلدانهم الأصلية مصدراً لتمويل جرائم التهريب”، لافتاً إلى أهمية “أن تستعيد برلين السيطرة على الهجرة”.
ووفقاً لوزارة الداخلية الاتحادية الألمانية فقد أبلغت الشرطة عن دخول نحو 21 ألف شخص عبر الحدود مع بولندا خلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى يوليو (تموز) الماضيين، كما أن أكثر من ضعف العدد مقارنة بالعام الماضي. وكشفت السلطات الألمانية أن المهاجرين من سوريا يسافرون جواً من تركيا إلى روسيا، ثم يتم تهريبهم من هناك بطريقة منظمة عبر بيلاروس إلى بولندا وألمانيا.
ولم يتوان الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لحظة عن اللعب بورقة اللاجئين حين سارع عام 2021 إلى نقلهم إلى الحدود مع دول الاتحاد الأوروبي المجاورة كمحاولة لرفع العقوبات ضد بلاده.
وفي ذلك الوقت سمح لوكاشينكو للمهاجرين من دول الشرق الأوسط وأفريقيا بالدخول إلى أراضيه، إذ تم نقل الأشخاص إلى الحدود مع بولندا وليتوانيا وسماح لهم بالسفر إلى غرب أوروبا.
وكان عليهم في بعض الأحيان أن يدفعوا مبلغ يصل إلى 20 ألف دولار في مقابل تهريبهم، ووفقاً للشرطة الاتحادية فقد دخل نحو 15 ألف مهاجر إلى ألمانيا عبر بولندا خلال النصف الأول من عام 2023، أي أضعاف العدد في العام السابق.
ويقول رئيس مركز الاستقبال الأولي لطالبي اللجوء في برندبورغ أولاف يانسن، “إنه من بين نحو 100 شخص طالب اللجوء يأتي نحو نصفهم إلى ألمانيا عبر موسكو وبيلاروس عبر بولندا”.
وأوقفت الشرطة الألمانية في جنوب ساكسونيا سيارة لشحن السلع على الحدود التشيكية واكتشفت 27 سورياً داخلها، وألقوا القبض على اثنين من المهربين المشتبه فيهم، رجل وامرأة من رومانيا.
وبحسب التحقيقات التي أجراها مكتب المدعي العام في دريسدن بألمانيا فإن “منظمات التهريب تنظم اتصالات مع اللاجئين بهدف عبورهم إلى أوروبا الغربية، ثم يضع المهاجرون بعد ذلك الأموال في مكاتب تلعب دور الوساطة بين المهرب واللاجئ”.
وبعد أن يوثق المهربون وصول اللاجئين إلى ألمانيا بفيديو لأقاربهم يتم تحويل الأموال إلى المهربين، وغالباً ما يكون المهربون الذين قبضت عليهم الشرطة الفيدرالية الألمانية مجرد مساعدين، أما العقول المدبرة فموجودة في أماكن بعيدة. (independentarabia)
[ads3]