بي بي سي تسأل و تجيب : لماذا لا نصف مسلحي حماس بالـ ” إرهابيين ” ؟
وزراء الحكومة، وكتاب الأعمدة في الصحف، والناس العاديون، جميعهم يتساءلون لماذا لا تصف بي بي سي مسلحي حماس الذين هاجموا إسرائيل والإسرائيليين، بالـ”إرهابيين”.
تعود الإجابة مباشرة إلى المبادئ التأسيسية لبي بي سي.
الإرهاب كلمة مشحونة يستخدمها الناس لوصف جماعة لا يوافقون عليها أخلاقياً، ليست مهمة بي بي سي أن تقول للناس من يجب أن يدعموا ومن يجب أن يدينوا، من هم الأخيار ومن هم الأشرار.
إننا نشير بانتظام إلى أن الحكومات البريطانية والحكومات الأخرى أدانت حماس باعتبارها منظمة إرهابية، ولكن هذا شأنهم.
النقطة الأساسية هي أننا لا نقول ذلك بصوتنا، عملنا هو أن نقدم لجمهورنا الحقائق، وندعهم يتخذون قرارهم بأنفسهم.
وكما يحدث، بالطبع، فإن العديد من الأشخاص الذين هاجمونا لعدم استخدامهم كلمة “إرهابي” قد شاهدوا صورنا، أو سمعوا مقاطعنا الصوتية أو قرأوا قصصنا، واتخذوا قرارهم على أساس تقاريرنا، لكن الأمر ليس كذلك، كما لو أننا نخفي الحقيقة بأي شكل من الأشكال.
أي شخص عاقل سيشعر بالفزع عند رؤية ما حدث، لذا من المعقول جداً أن نصف الأحداث التي وقعت بالـ”الفظائع”، لأن هذا هو التصنيف الصحيح.
ولا يستطيع أحد أن يدافع عن قتل المدنيين، وخاصة الأطفال والرضع، ولا عن الهجمات على الأبرياء المحبين للسلام الذين يحضرون مهرجاناً موسيقياً.
خلال الخمسين عاماً التي كنت أغطي فيها أحداث الشرق الأوسط، رأيت بنفسي آثار هجمات مثل هذه التي وقعت في إسرائيل، وشاهدت أيضاً آثار الهجمات بالقنابل والمدفعية الإسرائيلية على أهداف مدنية في لبنان وغزة، هذه المشاهد المرعبة تبقى في ذاكرتك إلى الأبد.
لكن هذا لا يعني أننا يجب أن نبدأ كلامنا بالقول إن حماس منظمة إرهابية، لأن ذلك يعني أننا نتخلى عن واجبنا بالبقاء موضوعيين.
وكان الأمر دائماً هكذا في بي بي سي، خلال الحرب العالمية الثانية، طُلب من مذيعيها صراحة عدم وصف النازيين بالأشرار، على الرغم من أننا كان بإمكاننا أن نطلق عليهم اسم “العدو”.
وكان من الصعب الحفاظ على هذا المبدأ عندما كان الجيش الجمهوري الأيرلندي يقصف انجلترا ويقتل المدنيين الأبرياء، لكننا فعلنا ذلك. وكانت حكومة مارغريت ثاتشر تمارس ضغوطاً هائلة على بي بي سي، وعلى المراسلين الأفراد من أمثالي في هذا الشأن وخاصة بعد تفجير برايتون، حيث نجوت للتو من الموت وقُتل وجُرح العديد من الأبرياء الآخرين.
لكننا احتفظنا بالخط الموضوعي، وما زلنا نفعل ذلك حتى يومنا هذا.
نحن لا ننحاز إلى أي طرف، نحن لا نستخدم كلمات مبطنة مثل “الشر” أو “الجبان”، نحن لا نصف أي مجموعة بالـ”الإرهابيين”، ونحن لسنا الوحيدين الذين يتبعون هذا الخط، لدى بعض المؤسسات الإخبارية نفس السياسة تماماً.
لكن بي بي سي تحظى باهتمام خاص، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن لدينا منتقدين أقوياء في السياسة وفي الصحافة، وجزئياً لأننا نلتزم بمعايير عالية، ولكن جزءاً من الحفاظ على هذا المستوى العالي هو أن تكون موضوعياً قدر الإمكان.
ولهذا السبب فإن الناس في بريطانيا وفي جميع أنحاء العالم، بأعداد كبيرة، يشاهدون ويقرأون ويستمعون إلى ما نقوله كل يوم. (BBC)
[ads3]