دويتشه فيله : الممنوع والمسموح في المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في ألمانيا .. ماذا يقول القانون ؟
شهدت ألمانيا في نهاية الأسبوع الماضي مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين، بينما حظرت السلطات بعضها الآخر. ماذا يقول القانون بألمانيا؟
تشير الفقرة الأولى في المادة الثامنة من الدستور الألماني: “لجميع الألمان الحق في التجمع بشكل سلمي بلا سلاح بدون تسجيل أو طلب إذن”. ويتعين وجود عقبات وعوائق كبيرة في حال أريد تقييد هذا الحق في التجمع وفرض حظر على المظاهرات؛ إذ يجب أن يكون للحظر مبررات قوية، كما تؤكد أعلى محكمة ألمانية، المحكمة الدستورية العليا، بوضوح.
في الأيام الأخيرة، تم منع العديد من المظاهرات من قبل المحاكم الإدارية في إجراءات تمت على عجل، لأن تلك التجمعات قد تشكل “خطراً مباشراً على الأمان العام والنظام”، أي قد يكون هناك توقع لارتكاب جرائم جنائية.
ومع ذلك، يظل الحظر هو الوسيلة الأخيرة. وقبل اللجوء لها تفرض على الجهات المنظمة بعض الضوابط، مثل إزالة الشعارات التي يعاقب عليها القانون، أو منع ترديد بعض الهتافات، وفي الحالات الطارئة، يمكن للشرطة فض المظاهرة.
تختلف قرارات المحاكم في ألمانيا حسب مكان المظاهرة والمنظمين. ويعود ذلك لأن السلطات يجب أن تقيَم، قبل المظاهرة، المخاطر لتحديد احتمال وقوع مخالفات وجرائم. هل حدثت في المظاهرات السابقة بشكل متكرر في مكان معين أو مدينة محددة أعمال شغب ومخالفات؟ وهل قام المنظمون في الماضي باستبعاد المخالفين أم لا؟
يُعاقب بالسجن حتى ثلاث سنوات أو بغرامة مالية من يخالف المادة 86 أ من قانون العقوبات، أي نشر أو استخدام رموز أو علامات لمنظمات مناهضة للدستور وإرهابية. في سياق المظاهرات في ألمانيا حول النزاع في الشرق الأوسط، يُحظر استخدام أعلام المنظمات المصنفة إرهابية: “حماس” و”الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” و”الجهاد الإسلامي الفلسطيني” و”حزب الله”، حسب جواب وزارة الداخلية في بريمن على سؤال وجهته مؤسسة ARD الإعلامية العمومية في ألمانيا. بيد أنه من المهم التوضيح إن رفع الراية الفلسطينية مسموح به.
وتعتبر دول عديدة حزب الله اللبناني، أو جناحه العسكري، منظمة إرهابية. ومن بين هذه الدول الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا وأغلبية الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية. كما حظرت ألمانيا نشاط الحزب على أراضيها في عام 2020 وصنفته كـ “منظمة إرهابية”.
ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية. ويشار إلى أنّ حركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية تصنف على أنها منظمة إرهابية، وهناك دلالات على تبعيتها لإيران.
وتحظر العلامات واللافتات التي تدعم الهجوم الإرهابي لحماس على إسرائيل. وكذلك تمنع اللافتات التي تدعو بشكل علني إلى القتل والاغتصاب واحتجاز الرهائن وتشجيع العنف ضد إسرائيل واليهود (الفقرة 140 في قانون العقوبات).
كما يُعتبر حرق العلم الإسرائيلي فعلاً جرميا يعاقب عليه القانون. وقد تم تعديل مادة في قانون العقوبات قبل ثلاث سنوات، بحيث أصبح حرق جميع الأعلام ممنوع بشكل قانوني.
ولكن ماذا عن الجرائم والأعمال الإرهابية التي ارتكبت خارج ألمانيا؟ معظم رجال القانون يتفقون على أن الاحتفال العلني بالهجمات الإرهابية مثل تلك التي وقعت في 11 أيلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة أو في 7 تشرين الأول/أكتوبر في إسرائيل يُعد جريمة.
أعلن المستشار الالماني، أولاف شولتس، مؤخراً تأييده لحظر شبكة “صامدون” الفلسطينية، التي احتفلت في شوارع برلين بـ “واحدة من أكبر الهجمات الإرهابية”، حسب تصريح شولتس. ووفق “هيئة حماية الدستور” (الاستخبارات الداخلية)؛ فإن “صامدون” معادية لإسرائيل وهي جزء من “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”. ويعتقد خبراء أن عدد أعضاء “صامدون” في برلين يبلغ العشرات.
تُراقب الاستخبارات الداخلية في ألمانيا “شبكة “صامدون” التي تأسست في الولايات المتحدة عام 2011 وتصف نفسها بأنها “شبكة تضامن مع السجناء”. ويعتزم رئيس الاستخبارات الداخلية، توماس هالدنفانغ، تنفيذ حظر لهذه المنظمة بسرعة ووصفه بأنه “نتيجة منطقية”، بيد أن ذلك يتطلب أمراً من وزيرة الداخلية الاتحادية نانسي فيزر.
ينص الدستور على حظر الجمعيات إذا كانت “أهدافها أو نشاطاتها تنتهك قانون العقوبات أو إذا كانت تعادي النظام الدستوري أو تعارض فكرة التفاهم بين الشعوب”. غير أن تنفيذ ذلك ليس بالأمر السهل: يمكن للجمعيات الاحتجاج بالاستناد إلى حق حرية التجمع، ولا يكفي ارتكاب بعض أعضاء الجمعية أعمالًا جنائية أو معادية للدستور من أجل فرض هذا الحظر.
ويعتزم المستشار الألماني، أولاف شولتس، تنفيذ فرض حظر على حركة حماس المتشددة المصنفة على مستوى الاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية. وسيكون هذا في حال حدوثه خطوة إضافية، حيث لا يوجد فرع رسمي لحماس في ألمانيا، وقد تم حظر جمعيات ومنظمات قريبة من الحركة قبل عدة سنوات.
فولكر فيتينغ / ليزا هينيل – دويتشه فيله
[ads3]