صحيفة بريطانية : ” كيف ستغير أزمة الرهائن الإسرائيليين العالم إلى الأبد “
تابعت صحيفة تلغراف البريطانية وصول الرهائن والسجناء إلى ذويهم، وكتب جيك واليس سيمونز مقال رأي حول “كيف ستغير أزمة الرهائن الإسرائيليين العالم إلى الأبد”.
يقول الكاتب إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية والمواطنين العاديين على السواء، دخلوا قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول، في حالة من الرضا العميق، وحتى في حالة من النوم، فيما يتعلق بالتهديد القادم من غزة بعد ما يقرب من عقد من الزمن دون حرب برية في القطاع.
واعتقد الجميع أنّ التهديد الذي تمثله الفصائل الفلسطينية في غزة يمكن السيطرة عليه، على الرغم من الانقسام الشديد في الداخل الإسرائيلي، والذي أثارته عودة بنيامين نتنياهو للحكم، ودفع عشرات الآلاف للتظاهر كل يوم سبت، وشركات التكنولوجيا والمستثمرين لمغادرة البلاد.
ووفر السياج الحدودي الذي كلف مليار دولار، ونظام القبة الحديدية الصاروخي والقوات الجوية والقدرات الاستخباراتية المخيفة لإسرائيل رادعاً قوياً، ونجح – باستثناء بعض الهجمات – في الحفاظ على سلامة المدنيين الإسرائيليين.
وبالتزامن مع هذا التوسع في القوة الصلبة، كانت هناك محاولات إسرائيلية لتحقيق الاستقرار في القطاع، بحسب الكاتب، وسُمح لعشرات الآلاف من العمال الغزيين بالعبور إلى إسرائيل كل أسبوع للعمل. كما سُمح للمياه وشاحنات الغذاء و”حقائب الأموال القطرية” وغيرها من الموارد بعبور الحدود، للتعويض عن استخدام حماس لأموالها الخاصة لبناء الأنفاق.
بل إنّ الرضا عن النفس الذي ساد إسرائيل، يضيف الكاتب، دفع السعوديين للتفكير في صفقة تطبيع، وكان الأمل السائد في العديد من الأوساط هو أنّ التوصل إلى تسوية سياسية في المنطقة قد يؤدي في يوم من الأيام إلى تحييد أي تهديد مستقبلي.
وفي الواقع، يقول الكاتب إنّ مصدرا أخبره بامتعاض “لو كانت إيران هي التي وجهت الهجمات، لكان الموساد على علم بها”. قبل أسبوعين من فتح أبواب الجحيم – يقصد 7 أكتوبر/تشرين الأول – قال أحد طياري النخبة الإسرائيليين في مقابلة مع صحيفة جويش كرونيكل، إنّه سينفذ غارة ضد التهديدات الوجودية التي يشكلها حزب الله أو إيران، لكن القيام بمهمة فوق غزة ستجعله متردداً، مضيفاً “لا أعتقد أنه ستكون هناك حرب غداً”.
وفي الساعة السادسة والنصف من صباح يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول، تحطمت هذه الأوهام. ولم يمض وقت طويل حتى عاد الطيارون إلى سماء غزة وأعادت البلاد اكتشاف تضامنها في ظل حكومة الوحدة الوطنية، لقد نُسيت احتجاجات الشوارع وكان ذلك اليوم نقطة محورية في تاريخ إسرائيل والمنطقة، وإلى حد ما، العالم بأسره.
كان لإسرائيل دائما نهج فريد تجاه حرية أسراها، كما تجسد ذلك عام 2011، بمبادلة 1027 أسيراً فلسطينياً مقابل الجندي المختطف جلعاد شاليط، بالنسبة للعالم الخارجي، قد يبدو ذلك محيراً، لكنّ القوات المسلحة الإسرائيلية مختلفة، فالجميع يعلم أنّ السماء والأرض سوف تتحركان لضمان عودة جندي واحد، سواء كان حياً أو ميتاً.
لكنّ حماس أصبحت ماهرة في تحويل إنسانية إسرائيل – المتمثلة في حرصها على جنودها ومواطنيها – ضد نفسها، بحسب الكاتب، وتأمل حماس أن يتم استخدام الرهائن أيضا لردع وتأخير وتعليق الانتقام الإسرائيلي في نهاية المطاف، مما يسمح للحركة بتكرار “المجزرة” كما قال أحد قادتها، غازي حمد، “طوفان الأقصى هو المرة الأولى فقط وسيكون هناك مرة ثانية وثالثة ورابعة لأننا نملك العزيمة والهمة والقدرة على القتال”.
ويوضح الكاتب أنّ الاستفادة من إنسانية إسرائيل ضد نفسها لن تنجح هذه المرة، فقد أخطأت حماس في حساباتها بأنه لو تم تبادل 1027 أسيراً مقابل رهينة واحدة في الماضي، فإنّ 240 رهينة سيجلبون 246480 سجيناً فلسطينياً، وكان من الخطأ أيضاً افتراض أن الأعمال العدائية ستتوقف لفترة طويلة في هذه الأثناء، مما يسمح لها بالقتال في يومٍ آخر.
وما غاب عن حماس دائماً هو حقيقة أنّ إسرائيل ليست قوة استعمارية مثل فرنسا، والتي انتهى احتلالها للجزائر بالموت وبآلاف الجروح، فليس لدى الإسرائيليين دولة أخرى ينسحبون إليها، فالدولة اليهودية عازمةٌ على هزيمة العدو مهما كان الثمن.
أما على الجانب الإسرائيلي فقد تغير كل شيء في السابع من أكتوبر/تشرين الأول “فبذبح الأبرياء بمثل هذه الوحشية، واحتجاز العديد من الرهائن، بما في ذلك الأطفال الرضع والناجين من المحرقة” بحسب الكاتب، تكون حماس قد غيرت الحسابات الأمنية عن غير قصد، لقد تمزقت سياسة الاحتواء، والتي كانت لعقود من الزمن بمثابة الوتد الرئيسي في الموقف الدفاعي لإسرائيل.
فبالنسبة للعديد من الإسرائيليين، يعتبر وقف إطلاق النار لمدة أربعة أيام بمثابة ثمن باهظ يجب دفعه، وهم يدركون أنّ ذلك من شأنه أن يضع جنودهم في طريق الأذى، علاوة على ذلك، فإنّ تدفق الوقود والمساعدات الأخرى إلى القطاع سيتم حتماً مداهمته واستخدامه من قبل حماس، لتجديد مقاتليها وتعزيز شبكة أنفاقها، ومع ذلك فقد انتصرت رغبة إسرائيل بإنقاذ مدنييها. (BBC)
[ads3]