دويتشه فيله : خطط التهجير من ألمانيا تشعل الجدل حول حزب البديل اليميني

 

في 10 كانون الثاني/ يناير أفادت شبكة “كوريكتيف” للتحقيقات الصحفية عن اجتماع بين سياسيين من حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني، المتطرف في بعض فروعه، معنازيين جدد. ويقال إنهم وضعوا خططا لتهجير ملايين الأشخاص من ألمانيا.

كان محور الاجتماع فيبوتسدامهو الموضوع الذي أشار إليه المشاركون باسم “إعادة التهجير”. يشير المصطلح إلى عودة المهاجرين إلى بلدهم الأصلي، ويأتي في الأصل من العلوم الاجتماعية.

وقد تم اختيار عبارة “إعادة التهجير”، والتي يقصد بها إعادة المهاجرين إلى أوطانهم، كأسوأ عبارة في ألمانيا لعام 2023، وذلك حسبما أعلنت حملة “الكلمة غير المناسبة” للنقد اللغوي في مدينة ماربورغ، الاثنين 15 يناير/كانون الثاني. وبررت لجنة التحكيم اختيارها لهذه العبارة بأنها “تحولت داخل حركة الهوية والأحزاب اليمينية والمجموعات اليمينية واليمينية المتطرفة، إلى تعبير ملطف للمطالبة بطرد الناس قسرا، وحتى الترحيل الجماعي للأشخاص ذوي الأصول المهاجرة”. وذكرت اللجنة أن انتقاد استخدام هذه العبارة يرجع إلى أنها تم استخدامها في العام الماضي كـ”مصطلح حزبي يميني، ومصطلح تجميلي يخفي النوايا الفعلية”.

وهذا بالضبط ما تقصده الدوائر اليمينية الشعبوية واليمينية المتطرفة بـ”إعادة التهجير”، أي الترحيل والطرد الجماعي. وبحسب تقرير شبكة “كوريكتيف”، فقد تحدثت رسالة الدعوة إلى الاجتماع عن “خطة شاملة، بمعنى خطة رئيسية”.

وهذا يعني، من ناحية، أنه يتعين على غير الألمان، مثل طالبي اللجوء والأشخاص الذين لديهم بالفعل حق الإقامة، مغادرة ألمانيا. إلا أن اجتماع بوتسدام، ناقش أيضا طرد المواطنين الألمان ذوي الأصول المهاجرة أيضا، إذا لم يتكيفوا مع مجتمع الأغلبية.

هذه الخطط تخالف الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور الألماني. ومنها عدم التمييز ضد أحد بسبب أصله أو إثنيته أو لغته أو وطنه.

لذلك أثارت التقارير حول اجتماع بوتسدام غضب ممثلي الأحزاب السياسية من اليسار إلى حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي/الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظين. وكتب رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الليبرالي الديمقراطي كريستيان دور: “إن خطط طرد ملايين الأشخاص تذكرنا بالفصل الأكثر قتامة من تاريخ ألمانيا”. بين عامي 1933 و1945، قام النظام النازي بطرد وقتل ملايين الأشخاص، وخاصة اليهود.

ومن المرجح أن تنظر الدوائر اليمينية المتطرفة إلى مناقشة مسألة “إعادة التهجير” وبالتالي عمليات الطرد، باعتبارها نجاحا، وإن كانت المناقشة تتم بغضب شديد. وغالبا ما يكون هدفهم هو تحويل النقاش الاجتماعي بحيث يبدو ما لم يكن من الممكن تصوره سابقا، أمرا ممكنا مرة أخرى.

بحسب موقع كوركتيف، قام طبيب الأسنان السابق، اليميني المتطرف، غيرنوت موريغ، بتنظيم الاجتماع الذي عُقد في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 في فيلا “لاندهاوس أدلون”. وفي خطاب الدعوة طلب هو ورجل الأعمال هانز كريستيان ليمر التبرع بحد أدنى قدره 5000 يورو من كل مشارك.

ومن جانب حزب البديل من أجل ألمانيا، قبل رولاند هارتفيغ، مستشار رئيسة الحزب ورئيسة المجموعة البرلمانية، أليس فايدل، الدعوة، كما فعل عضو البوندستاغ غيريت هوي، وزعيم الكتلة البرلمانية في ولاية ساكسونيا أنهالت، أولريش سيغموند. كما شارك بعض أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ. وقد هددهم الأمين العام للحزب الأخير كارستن لينيمان باتخاذ “إجراءات صارمة” بعد التحقيق في الأمر.

إلا أن الضيف الأكثر أهمية ربما هو مارتن زيلنر. حيث يعتبر النمساوي من منظري “اليمين الجديد” و”حركة الهوية” اليمينية المتطرفة، ويتمتع بتواجد إعلامي واسع على شبكات التواصل الاجتماعي. وفي بوتسدام قام بعرض أفكاره حول “الهجرة المعاكسة” والتهجير.

وقد نشر زيلنر هذه المقالات سابقا بالفعل. ولم يكتب فقط أنه يجب في المقام الأول ترحيل “من يحتالون على نظام اللجوء” وكذلك” الأجانب (أي غير المواطنين) الذين يمثلون عبئا ثقافيا واقتصاديا ويرتكبون الجرائم”، وإنما شمل أيضا بخططه للتهجير “المواطنين المتجنسين ممن لم ينصهروا في المجتمع”.

“يجب علينا أخيرا الترحيل على نطاق واسع لأولئك الذين ليس لهم الحق في البقاء في ألمانيا”، هذا الكلام قاله المستشار أولاف شولتس في مقابلة مع مجلة “دير شبيغل” الخريف الماضي، ويتفق مع هذا التقييم العديد من السياسيين في الحكومة الحالية، وكذلك حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المعارض.

فيما تذهب مطالب حزب البديل من أجل ألمانيا إلى أبعد من ذلك: إذ يتحدث سياسيو حزب البديل عن عمليات ترحيل “جماعية” و”بالملايين”. هذا الأمر يرددونه منذ سنوات. كما تبنى حزب البديل من أجل ألمانيا مصطلح “إعادة التهجير”. ولكن ليس من الواضح من يشمله هذا المصطلح، أو ربما يتركون الأمر بشكل متعمد غير واضح.

وكتب رئيس حزب البديل من أجل ألمانيا، تينو كروبالا، على موقع إكس تغريدة في 11 يناير/كانون الثاني، كرد فعل على تسريب أنباء الاجتماع السري: “نحن ندعو الألمان من أصول مهاجرة إلى التعاون معنا لتحقيق التغيير نحو الأفضل”.

وفي البرنامج الانتخابي لانتخابات البرلمان الاتحادي لعام 2021، وضع الحزب “أجندة إعادة الهجرة”. وفي 10 يناير/كانون الثاني كتب حزب البديل من أجل ألمانيا على منصة إكس أنه يسعى لسياسة إعادة تهجير صارمة لا تتأثر باللغط الدائر، وطالب بسحب الجنسية الألمانية من المجرمين.

حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يريد أيضا تسهيل سحب الجنسية منهم. لكن هذا صعب من الناحية القانونية. فعلى سبيل المثال، لا يُسمح بسحب الجنسية، إذا كان هذا سيؤدي إلى حالة انعدام الجنسية. كما أنه لا يجوز، بموجب القانون، ترحيل اللاجئين المعترف بهم إلا لأسباب تتعلق بـ”الأمن القومي أو النظام العام”.

ومنذ أن صارت خطط الطرد التي نوقشت في بوتسدام معروفة، ارتفعت الأصوات المطالبة بحظر حزب البديل من أجل ألمانيا. ووفقا للاستطلاعات، فإن حوالي نصف الألمان يؤيدون الحظر.

وقال توماس شتروبل، وزير الداخلية في ولاية بادن فورتمبيرغ: إن هناك أسباب وجيهة لقيام مكتب حماية الدستور (المخابرات الداخلية) بمراقبة حزب البديل من أجل ألمانيا. وقال شتروبل في مقابلة صحفية: “إذا رأى مكتب حماية الدستور والسلطات الأمنية معلومات كافية لإجراء الحظر، فيجب التعامل مع مسألة حظر الحزب”.

الجهة الوحيدة المخوّلة بحظر أي حزب سياسي في ألمانيا هي المحكمة الدستورية الاتحادية. وآخر مرة حدث فيها هذا كانت في عام 1956، عندما تم حظر الحزب الشيوعي الألماني. وينص القانون الأساسي (الدستور) على أن الحزب لا يعتبر غير دستوري إلا إذا كان يعرض وجود جمهورية ألمانيا الاتحادية للخطر أو يحاول إضعاف أو القضاء على النظام الأساسي الديمقراطي الحر.

وقال زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، أكبر أحزاب المعارضة حاليا، فريدريش ميرتس في 12 كانون الثاني/ يناير: “علينا أن نحارب حزب البديل من أجل ألمانيا بالوسائل السياسية وليس القانونية”. لا ينبغي للمرء أن يساعد حزب البديل من أجل ألمانيا على إظهار نفسه كضحية من خلال إجراءات الحظر. ويعد حزب البديل من أجل ألمانيا حاليا ثاني أقوى حزب معارض في البوندستاغ الألماني. ووفقاً لاستطلاعات الرأي، لديه حاليا أكثر من 20 بالمئة من الأصوات.

بيتر هيلله – دويتشه فيله

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها