دويتشه فيله : الرياضة المدرسية في ألمانيا تعاني من أزمة حادة !

 

الوضع ليس جديدا، فالرياضة المدرسية في ألمانيا تمر بأزمة منذ أعوام. حيث هناك نقص في عدد مدرسي الرياضة المؤهلين وصالات الرياضة المجهزة بشكل مناسب، وبالتالي فإن الكثير من حصص الرياضة يتم إلغاؤها. فخطط وحصص الرياضة التي تضعها وزارات التعليم في الولايات، لا يمكن تطبيقها.

وبحسب تقرير للقناة الألمانية الأولى (ARD) فإن ربع المنشآت الرياضية في برلين قد تعرضت لأضرار، وتم إغلاق 57 منشأة بشكل كامل.

في غربي البلاد، الوضع ليس أفضل: فمثلا هناك 18 مدرسة في مدينة كولونيا ليس فيها صالات رياضية. ومن أصل 283 صالة رياضية في المدينة، تقريبا سدسها مغلق. وهذا يؤدي بدوره إلى ممارسة القليل من الرياضة في المدارس، وتقريبا يتم إلغاء كل حصص الرياضة بشكل منتظم.

وفي برلين وحدها هناك حاجة لنحو مليار يورو لإصلاح وصيانة المسابح وصالات الرياضة والملاعب، وفي عموم ألمانيا هناك حاجة لنحو ما مجموعه 31 مليار يورو من أجل ذلك.

الوضع مأساوي بشكل خاص في المدارس الابتدائية، ولهذا عواقب جسيمة. “الرياضة المدرسية تعاني من مشاكل، لأنه في المدارس الابتدائية يتم تعليم مادة مختلفة في نصف الحصص” يوضح دومنيك أولريش من مؤسسة الرياضة المدرسية في ألمانيا.

ويضيف في حوار مع DW “إذا لم يتم تدريس الرياضة المدرسية بطريقة مؤهلة، هناك خطر عدم نقل أشياء أخرى أساسية للأطفال، مثل المهارات الشخصية والاجتماعية والعدالة والاحترام”.

وبحسب أولريش، فإن الرياضة هي تخصص لا تنظر إليه السياسة كما تنظر إلى الرياضيات واللغة الإنكليزية. ومعلمة الرياضة يوليا آكار، من مدرسة مونز تابور في ولاية راينلاند بفالتس، تتمنى في حوارها مع DW المزيد من الاهتمام بتدريس مادة الرياضة وتقول “سيكون جيدا لو ركزت الوزارة بشكل أكبر على الرياضة”.

كريستوف فيلكه، ينتقد غياب لوبي لمادة الرياضة، وكان فيلكه بطل أولمبياد 2012 لرياضة التجديف وهو الآن مدرس رياضة. وبعد مسيرته كرياضي، أنهى تأهيله العلمي كمدرس، وهو يعمل الآن مدرس رياضة وعلم الأحياء في إحدى المدارس الثانوية في مدينة دورتموند.

ويقول فيلكه “لا تزال الرياضة حتى الآن مادة ثانوية في أغلب المدارس، ولا تحظى بما يكفي من التقدير وتبحث عن مبرراتها!” ويضيف في حواره مع DW “الكثير من الزميلات والزملاء والأهالي أيضا يستهزئون بمعلمات ومعلمي الرياضة!”.

نتيجة الإهمال لسنوات طويلة، هناك نقص في المهارات الاجتماعية وتراجع في القدرة على تحمل الإحباط وفي الحركة. “التلميذات والتلاميذ يكاد لا يكون لهم تواصل مع أجسامهم، فالكثير من الأطفال لا يستطيعون المشي إلى الخلف أو دعم الساعد أو التدحرج إلى الأمام” تقول يوليا أكار، التي تتفق مع فيلكه على أن الأطفال اليوم يصابون أكثر بالأمراض أو الجروح، ولكن الرياضة المدرسية ليست مسؤولة لوحدها عن الوضع الراهن.

مهمة التعليم هي “التربية من خلال وحول الرياضة” وهذا يعني أن “الرياضة المدرسية يجب أن تعطي الأطفال قوة دفع وتجعلهم فضوليين. وهذا بالتعاون مع الأندية الرياضية، بحيث يستطيع الأطفال ممارسة التمارين الرياضية خلال العطلة المدرسية أيضا” يقول دومنيك أولريش من مؤسسة الرياضة المدرسية في ألمانيا.

بالنسبة إلى البطل الرياضي السابق ومعلم الرياضة، كريستوف فيلكه، يصعب عليه أن يرى كيف يتطور الأطفال، فهو يعاني بشكل خاص من الوضع في المدارس، ويقول “إنني على دراية بدوري، فأنا لست مدرب ألعاب قوى. أنا مدرس رياضة وأحاول تعليم الأطفال مهارات الحركة والاستمتاع بها”. ويضيف “لكن ما يؤلمني هو مدى قلة الحافز والاستعداد لبذل الجهد لدى جزء كبير من الأطفال. وأفتقد تماما الإرادة لديهم لعمل وممارسة الأشياء (التمارين)”.

لكن الأهالي أيضا هم جزء من المشكلة، حسب رأي فيلكه. في بعض الأحيان يتم تشكيل السلوك غير الرياضي في البيت، وسرعان ما يتم إعطاء الأطفال الأعذار لعدم ممارسة الرياضة. “بالنسبة للكثير من الأهالي، مادة الرياضة هي توسيع للترفيه في المدرسة ولا يتم أخذها على محمل الجد كمادة تعليمية”. يقول فيلكه لـ DW.

دومنيك أولريش، إلى جانب عمله كمعلم مدرسة، عضو في الاتحاد الألماني لألعاب القوى، حيث أنه نائب الرئيس المسؤول عن الشباب. ومن أجل تجاوز مشكلة نقص الحركة وممارسة الرياضة بين الأطفال والشباب، حاول أولريش خلال الأعوام الماضية النهوض بالرياضة المدرسيةومنحها فرصة جديدة للحياة.

في عام 2013 تم اعتماد “نظام المنافسة لألعاب القوى للأطفال” الذي وضعه الاتحاد الألماني لألعاب القوى، للأندية على مستوى البلاد بشكل ملزم وقد تم تصميمه خصيصا للمدارس. ولهذا الغرض قدم اتحاد ألعاب القوى الكثير من عروض التأهيل للمعاهد العليا والمدارس بغية توصيل المحتوى إلى عدد كبير من المدارس والأندية.

و”الهدف هو تقديم مجموعة متنوعة من التخصصات في مجال ألعاب القوى للشباب والأطفال مستقبلا” يوضح أولريش لـ DW. فبدل المنافسة الثلاثية الكلاسيكية السابقة في الجري 50 مترا ورمي الكرة الحديدة والوثب الطويل فقط، أصبح هناك الآن منافسات في القفزات المتعددة وسباق الحواجز والدفع والقفز بالزانة أيضا.

“حسب العمر والتطور تم وضع القواعد، بحيث يتاح للجميع الوصول إلى ألعاب القوى” يقول أولريش، ويضيف “كل شيء ضمن ما يسمى بمكابح التخصص، لأن الأطفال ينبغي أن يتنافسوا في العديد من المسابقات وخاصة الجماعية منها. وبذلك يكون الحافز كبيرا ويتم تعزيز الارتباط بألعاب القوى”.

المنافسات لا تتم بصرامة وفق قواعد المنافسات الدولية الصارمة، وإنما يمكن أن تكون مرنة في إطار قواعد الاتحاد الألماني لألعاب القوى. “مثلا يمكن للمرء أن يتدرب على مختلف الأجهزة الرياضية” يوضح أولريش، ويتابع “لا يجب أن تكون كرة حديدة، إذ يمكن أن تكون كرة تنس أو استخدام إطارات الدراجات للرمي الدوراني. الأمر ببساطة هو الوصول المناسب إلى الأطفال وأن يكون التنفيذ ممكنا في كل مكان”.

ومن خلال التغييرات، وخاصة في المدارس الابتدائية والأندية، تم تحقيق أولى النتائج الإيجابية. “هناك مدارس وروابط محلية واظبت منذ البداية على تنفيذ النظام الجديد، والأطفال يستفيدون منها الآن” يقول أولريش.

ويضيف أن “المرء يلاحظ أن هناك ولايات لديها كادر كبير من اللاعبين، فعلى سبيل المثال ولاية هيسن ناجحة جدا في مجال ألعاب القوى” وهذا يتعلق أيضا حسب رأيه، بالوصول المناسب للأطفال إلى الأداء الذي تم تحديده من خلال التغييرات. (DW)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها