دويتشه فيله : المخابرات الداخلية في ألمانيا .. ما مهامها و حدود صلاحياتها ؟

 

يعتبر المكتب الاتحادي لحماية الدستور (المخابرات الداخلية) إلى جانب جهازي المخابرات العسكرية والاستخبارات الخارجية، من أهم الأجهزة الأمنية التي تعمل بسرية في ألمانيا. وبالإضافة إلى ذلك لدى كل ولاية مكتبها أو قسمها الخاص لحماية الدستور (المخابرات الداخلية).

وعلى عكس المكتب الاتحادي لمكافحة الجريمة (BKA) والشرطة الاتحادية المسؤولة عن حماية الحدود، لا يتمتع مكتب حماية الدستور بصلاحيات تنفيذية. إذ تنحصر مهمته في جمع وتقييم المعلومات حول الأنشطة التجسسية والجهود والتحركات المناهضة للديمقراطية. وقد تم تقنين وتحديد صلاحياته وفق قانون خاص، وتتولى وزارة الداخلية المسؤولية السياسية عن جهاز المخابرات الداخلية.

النتائج التي يتوصل إليها مكتب حماية الدستور يمكن أن تؤدي إلى إجراء تحقيقات جنائية أو اتخاذ إجراءات حكومية، يجب أن يوافق عليها البرلمان. ويعمل في المكتب حوالي 4300 موظف في المركز الرئيسي بمدينة كولونيا والمكتب الفرعي في برلين. وينصب تركيز المخابرات الداخلية على كل أشكال التطرفذو الدوافع السياسية والدينية. ويعتبر التطرف اليميني منذ سنوات أكبر خطر.

وفيما أن نجاحات المكتب تبقى غير معروفة بسبب سرية عمله، فإن فشله وفضائحه تتصدر عناوين الأخبار في وسائل الإعلام. وهكذا فإنه لم يتم توضيح سبب مراقبة ومتابعة المخابرات الداخلية للخلية الإرهابية النازية السرية (NSU) التي تم الكشف عنها عام 2011، ولم يتم التصرف والتحرك واتخاذ إجراءات حاسمة ضدها رغم متابعتها لأكثر من عشر سنوات!

وبعد الكشف عن الخلية النازية الإرهابية (NSU ) تبين أنها مسؤولة عن اغتيال عشرة أشخاص، تسعة منهم كانوا ذوي أصول مهاجرة، كما كانت الخلية مسؤولة عن عدة تفجيرات أدت إلى الكثير من الإصابات البليغة، بالإضافة إلى القيام بالعديد من الهجمات وعمليات السطو على البنوك. وتحدث تقرير لجنة تحقيق شكلها البرلمان الاتحادي (بوندستاغ) عن “فشل تام للدولة”، وكان المقصود بذلك بشكل خاص مكتب حماية الدستور؛ أي المخابرات الداخلية.

بعد فضيحة خلية (NSU) الكارثية، تم إصلاح وإعادة هيكلة المكتب ومسؤولياته أكثر من مرة، سواء على المستوى القانوني أو المستوى الداخلي للجهاز، الذي بات ملزما بالتعاون مع مؤسسات الدولة لتجنب النقص في المعلومات.

تتولى لجنة الرقابة البرلمانية مهمة الإشراف ومراقبة مكتب حماية الدستور والأجهزة الأمنية الأخرى. وعادة ما تضم هذه اللجنة أعضاء من كل الكتل البرلمانية. وهؤلاء يتم انتخابهم من قبل أعضاء البرلمان أنفسهم. ومنذ عام 2022 رفضت أغلبية أعضاء البرلمان، ولعدة مرات، انتخاب مرشحي حزب البديل من أجل ألمانيا في لجنة الرقابة البرلمانية.

وبذلك تريد الكتل البرلمانية الأخرى منع أعضاء من حزب تصنفه المخابرات الداخلية جزئيا يمينيا متطرفا، في مراقبة عمل الأجهزة الأمنية، بما في ذلك مكتب حماية الدستور المسؤول عن جمع المعلومات والدلائل حول الاشتباه بمناهضة (معاداة) حزب البديل من أجل ألمانيا، للدستور.

تم تصنيف حزب البديل على مستوى ألمانيا كحالة اشتباه يمينية متطرفة، لكن فروع الحزب في ولايات ساكسونيا وساكسونيا أنهالت وتورينغن فقد تم تصنيفها كحالة “يمينة متطرفة مؤكدة” وكذلك منظمة الشباب التابعة للحزب والمعروفة باسم “شباب البديل”. وبموجب هذا التصنيف كحالة يمينية متطرفة مؤكدة، يسمح للمخابرات الداخلية باستخدام كل الوسائل الاستخباراتية المتاحة، والتي تتضمن إمكانية مراقبة كل النشاطات والتجمعات والأفراد بالكلمة والصوت والصورة.

ويدافع حزب البديل عن نفسه بالوسائل القانونية ضد إجراءات مكتب حماية الدستور التي يقول إنها ذات دوافع سياسية. وقد رفضت المحكمة الإدارية في كولونيا عام 2022 دعوى الحزب ضد تصنيفه كحالة مشتبه بها. وقد استأنف الحزب قرار المحكمة، حيث تنظر محكمة الاستئناف في مونستر في القضية الآن.

أحزاب ونواب آخرون أيضا رفعوا دعاوى ضد مراقبة المخابرات الداخلية لهم. وقد حقق السياسي اليساري المعروف بودو راميلو النجاح أمام المحكمة الدستورية العليا عام 2013، والتي جاء في قرارها أن المراقبة كانت تدخلا غير متناسب في الولاية الحرة للنائب البرلماني.

وفي نفس الوقت تم تحديد الظروف والحالات التي يمكن بموجبها مراقبة البرلمانيين المنتخبين “حين تكون هناك مؤشرات على أن النائب يسيء استخدام ولايته لمحاربة النظام الأساسي الديمقراطي الحر، أو يحاربه بنشاط وعدوانية”.

وفيما إذا كان هذا الأمر (المراقبة) يتعلق بحزب البديل أو برفاقها، فيجب أن تقرر المحكمة ذلك، حسب رأي نائبة رئيسة البرلمان بيترا باو من حزب اليسار. لذلك فإنها ترفض بشكل عام مراقبة مكتب حماية الدستور (المخابرات الداخلية) للأحزاب السياسية. لذلك قالت في حوار مع DW عام 2019 إنها ضد مراقبة حزب البديل من أجل ألمانيا أيضا.

وقد تم إجراء ذلك الحوار معها حول مراقبتها لأعوام طويلة. وقد رفعت دعوى ضد ذلك وطلبت من المحكمة بأن تأمر بنشر الملف الخاص بها، وقد حكمت المحكمة في النهاية لصالحها. وفي إشارة منها إلى حزب البديل أكدت باو في حوارها مع DW أنها لا ترى “المراقبة من قبل الأجهزة الأمنية وسيلة مناسبة لتحجيم هذا الحزب سياسيا، والذي يتصرف بعنصرية وبطريقة غير إنسانية”، حيث هناك قانون العقوبات من أجل ذلك، قالت باو. (DW)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها