فايننشال تايمز: حشائش وأعلاف لسد الجوع.. المجاعة تفتك بالأطفال شمال غزة

 

كشف تقرير نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أن معظم العائلات في شمال قطاع غزة باتت تعتمد على علف الحيوانات والحشائش والصبار لسد رمقها، مع استفحال المجاعة بالقطاع.

مع نفاد البضائع من المتاجر، وندرة وصول المساعدات الإنسانية إلى شمالي القطاع يعتبر المحامي إبراهيم الخرابيشي، الذي يسكن في مدينة جباليا، نفسه محظوظاً لأنه تمكن من إعداد بعض الخبز لعائلته الجائعة باستخدام علف طيور الحمام وهو مزيج من القمح والشعير والذرة ، وذلك في الأسابيع الأولى من الحرب.

لكن الخرابيشي يقول إن تلك الأيام أصبحت الآن “مجرد حلم”، حيث اختفى علف الحمام من السوق منذ أسابيع، وباتت عائلته تخبز بقشر فول الصويا المطحون الذي يستخدم عادةً كعلف للماشية.

وكانت النتيجة خبزاً يابساً “يكسر الأسنان”، رفض أطفاله أكله. وقال الخرابيشي: “من الصعب على الأب أن يسمع بكاء أطفاله طلباً للطعام”. ومثل كثيرين في الشمال، اضطر إلى البحث عن الحشائش لغليها من أجل أطفاله.

عائلة الخرابيشي في جباليا هي من بين ما يقدر بنحو 300.000 شخص يواجهون المجاعة والظروف البائسة بشكل متزايد في شمال قطاع غزة.

وأشار الرجل إلى أنه يدرب أطفاله على تناول كميات أقل “حتى تنكمش بطونهم”، لافتاً إلى أن زوجته الحامل “لم تحصل سوى على القليل من الطعام، لدرجة أنها ليس لديها طاقة وبالكاد تستطيع المشي”.

وكانت الأسرة تعيش على نظام غذائي يتكون من القهوة سريعة التحضير في وجبة الإفطار، لأنها “تشبع الأطفال”. وفي وقت لاحق من اليوم، يتناولون أعشابا مسلوقة “إن وجدت”، أو الحساء المصنوع من مكعبات المرقة.

كان شمال القطاع، الذي توجد فيه مدينة غزة بمبانيها السكنية متعددة الطوابق والفنادق وقاعات الزفاف وجزء كبير من القطاع التجاري، أول ما تعرض للقصف، حيث عمد الجيش الإسرائيلي إلى تجريف مساحات واسعة لتشكيل نقاط انطلاق لقواته، وفق الصحيفة.

ومع تحرك الجيش الإسرائيلي بشكل منهجي جنوباً، ترك وراءه أرضاً مدمرة، معزولة عن بقية القطاع بواسطة نقاط التفتيش، مما أدى إلى قلة وصول المساعدات إلى الشمال.

وقالت الأمم المتحدة، إن الجيش الإسرائيلي “يمنع في أغلب الأحيان” شاحنات المساعدات التابعة لها من الوصول.

كما أشارت “فايننشال تايمز” إلى أن “عناصر الأمن في القطاع يرفضون تأمين القوافل من اللصوص، لأن الغارات الجوية الإسرائيلية استهدفت زملاءهم باعتبارهم من بقايا سلطة حركة حماس”.

ويقول مسؤولون في الأمم المتحدة، إن من يقومون بنهب المساعدات، وهم في كثير من الأحيان مجرد مدنيين جائعين، أو عصابات تعيد بيع الطعام في السوق السوداء، يتسلقون عادة الشاحنات المحملة بالطعام، ويمنعون التوزيع المنظم الذي يضمن حصة لكبار السن والضعفاء والمعاقين، وفق الصحيفة.

ولم تتمكن سوى 6 قوافل مساعدات من إيصال المساعدات إلى شمالي غزة خلال فبراير-شباط بأكمله حيث تم تداول صور لأطفال بأجسام هزيلة على أسرة المستشفيات، عبر منصات التواصل الاجتماعي، في الأيام الأخيرة.

وقال جيمي ماكغولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية، الأسبوع الماضي، بعد زيارة استمرت يومين إلى غزة: “لقد وصل الجوع إلى مستويات كارثية”. “الأطفال يموتون من الجوع.”.

وفي مستشفى كمال عدوان في الشمال، أفادت التقارير أن “ما لا يقل عن 10 أطفال ماتوا جوعا”، إذ قال الطبيب، حسام أبو صفية، لصحيفة فايننشال تايمز، إن “أعمار الأطفال تراوحت بين 25 يوما و8 سنوات”.

وتابع: “لم يكن لدى عائلاتهم ما يكفي من الطعام أو الحليب.. لقد وصلوا وهم في حالة متقدمة من الجفاف وسوء التغذية، لذا فقدناهم بكل أسف”.

وحاول برنامج الغذاء العالمي الوصول إلى الشمال دون نجاح يذكر، فقد أعاد الجيش الإسرائيلي قافلة مكونة من 14 شاحنة الأسبوع الماضي، بعد انتظار دام 3 ساعات عند حاجز وادي غزة.

وقال برنامج الأغذية العالمي، إن الشاحنات التي تم تغيير مسارها، أوقفت في وقت لاحق من قبل “حشد من الأشخاص اليائسين الذين نهبوا الطعام وأخذوا حوالي 200 طن”.

ومع دخول شهر رمضان قال المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، مساء الأحد، إن أكثر من 2000 كادر صحي شمالي قطاع غزة سيبدأون رمضان بلا وجبات سحور أو إفطار.

وأضاف القدرة في بيان نشره عبر “تليغرام”، أن الطواقم الطبية تمارس عملها على مدار الساعة شمالي القطاع ولا تجد ما تقتات عليه، مبيناً أن أفراد الطواقم الطبية في الشمال نحلت أجسامهم نتيجة عدم توفر وجبات طعام.

وطالب القدرة المؤسسات الدولية والإغاثية بتوفير وجبات طعام جاهزة لتمكن الطواقم الطبية من ممارسة عملها.

وأعلنت وزارة الصحة في غزة، الأحد، عن ارتفاع ضحايا سوء التغذية والجفاف في القطاع المحاصر إلى 25 قتيلاً، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. (EURONEWS)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها