لماذا بقي عدد ضحايا زلزال تايوان منخفضاً رغم شدته؟
رغم شدته، لم يسفر الزلزال الذي ضرب تايوان، لحسن الحظ، إلا عن عدد محدود من الضحايا.
وبلغت قوة الزلزال 7.4 درجة على مقياس ريختر، وهو أقوى زلزال يضرب جزيرة تايوان منذ 25 عاما على الأقل.
وقالت السلطات التايوانية إن تسعة أشخاص لقوا حتفهم الأربعاء وأصيب أكثر من 900 علاوة على فقدان 50 موظفا بأحد الفنادق خلال توجههم إلى محمية طبيعية.
ووقع الزلزال على عمق 15.5 كيلومتر في الوقت الذي كان يتوجه فيه الأشخاص إلى العمل والمدارس، وتسبب الزلزال في إطلاق تحذير من أمواج مد عاتية “تسونامي” في جنوب اليابان والفلبين، لكن التحذير ألغي في وقت لاحق.
وإذا ما تم مقارنته بالزلازل التي وقعت مؤخرا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تعتبر حصيلة القتلى والمصابين متدنية.
استعداد البلاد للكوارث الطبيعية خفض عدد الوفيات
وضرب زلزال “قهرمان مرعش”، بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر، أجزاء من تركيا وسوريا وراح ضحيته عشرات آلاف الأشخاص في فبراير 2023. وفي سبتمبر الماضي ضرب زلزال منطقة الحوز في المغرب وكانت قوته 6.8 درجة على مقياس ريختر وراح ضحيته نحو ثلاثة آلاف شخص.
ويشير تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة نورث إيسترن، ومقرها في ولاية ماساتشوستس الأميركية، إلى أن عدد الوفيات المتدني الذي تم تسجيله مقارنة بقوة الزلزال دليل على استعداد البلاد، على ما يقول أستاذ السياسة العامة في جامعة نورث إيسترن، دانيال ألدريتش وهو متخصص في التعافي من الكوارث الطبيعية.
وأضاف أن ما نراه هو مزيج من الإدارة أبقت عدد القتلى منخفضا نسبيا، وقال “لقد أدركت السلطات منذ فترة طويلة التهديد الناجم عن المخاطر الزلزالية، واستثمرت في مجموعة متنوعة من التدابير مثل قوانين البناء الصارمة”.
قوانين صارمة للبناء في تايوان
ووصف ألدريتش إدارة الكوارث في تايوان بأنها “من أعلى إلى أسفل” وهو ما يعني بأن المسؤولين يقومون بتحديث وتنفيذ قوانين البناء ووضع الخطط مثل الملاجئ وتوزيع الغذاء والمياه، من بين أمور أخرى توقعا للصدمات المستقبلية، وتخصيص الموارد مثل تجهيز المستشفيات والموارد الطبية الأخرى.
وشعر كل سكان تايوان بالزلزال، وبأكثر من مئة هزة ارتدادية طالت بعده هذه الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة.
وتابع بأن هناك أيضا سياسات قائمة من “الأسفل إلى الأعلى” وهو ما يعني “أن المجتمعات تعمل معا وتثق ببعضها البعض وتخطط لمواجهة الصدمات، برسم خرائط لعمليات الإخلاء وتحديد من يحتاج إلى المساعدة بناء على احتياجاتهم المحلية”.
ويقول ألدريتش إن “أفضل نهج لإدارة الكوارث والاستعداد لها يجمع بين هاتين السياستين من أجل استراتيجية شاملة”.
الزلزال هو الأقوى في تايوان منذ 1999
ويبدو أن معايير البناء الصارمة والتوعية الواسعة من الكوارث ساهمت في تفادي كارثة كبرى في الجزيرة التي كثيرا ما تتعرض لزلزال لوقوعها قرب تقاطع اثنتين من الصفائح التكتونية بحسب تقرير لفرانس برس.
ويستذكر الأكاديمي المتخصص في إدارة الكوارث الطبيعية زلازل سابقة “وقعت في هايتي والهند والصين، حيث تعرضت جميعها لزلازل ذات قوة مماثلة، ولكن هايتي فقدت 220 ألف شخص، والهند 15 ألف شخص والصين حوالي 90 ألف شخص”.
ويشير إلى أنه في تايوان “ترى الكثير من الناس في ملاجئ الإجلاء.. من الواضح أنهم يعرفون إلى أين يذهبون.. ولا ترى أشخاصا يحاولون العودة للمباني غير المستقرة، أو تلك المنهارة جزئيا”.
زلزال تايوان الأشد منذ 25 عاما
وقال وو تشين فو مدير مركز تايبيه لرصد الزلازل للصحفيين، إن “الزلزال قريب من اليابسة وضحل. شعر به السكان في كل أنحاء تايوان وفي الجزر”، مضيفا أنه “الأقوى منذ ذلك الذي ضرب الجزيرة في سبتمبر 1999”.
حينها، أدى زلزال بقوة 7.6 درجات إلى مقتل 2400 شخص، في أسوأ كارثة طبيعية في تاريخ الجزيرة.
ويتذكر تشانغ قائلا “كان معظم الناس نائمين عندما وقع زلزال 1999 لكنني لم أكن كذلك، لذلك شعرت به بشكل واضح. كان الأمر خطيرا للغاية وأكثر خطورة بكثير من هذه المرة”.
ويؤكد ألدريتش أن معظم الوفيات في تايوان حتى الآن كانت بسبب الانهيارات الصخرية.
وسقط جميع القتلى في منطقة هوالين بالقرب من مركز الزلزال شرق الجزيرة، بحسب الوكالة الوطنية لمكافحة الحرائق.
ومن بين القتلى ثلاثة لقوا حتفهم على طريق للمشي حيث سحقتهم الصخور، بينما قتل ثلاثة آخرون في سياراتهم التي تعرضت لانهيارات أرضية.
وتمكن رجال الإنقاذ من انتشال حوالي خمسين ناجيا من تحت الأنقاض والكتل الخرسانية والقضبان الفولاذية والطوب والأسلاك الكهربائية المتشابكة بحسب وكالة فرانس برس. (alhurra)[ads3]