ألمانيا : الإنفاق العسكري يثير خلافات بين وزير الدفاع و شولتز
يحاول وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس، إقناع العالم بأن بلاده جادّة في التحول إلى قوة عسكرية مرة أخرى، لكنه لا يزال بحاجة إلى العمل على إقناع المستشار أولاف شولتز، الذي يميل أكثر إلى “صناعة السلام”، وهو ما يؤشر على تزايد الهوة بين الرجلين، وفق “بلومبرغ”.
واستمع طلبة في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في واشنطن إلى بيستوريوس، يتحدث عن “النهضة العسكرية” الألمانية الشهر الماضي. وحدد وزير الدفاع البالغ من العمر 64 عاماً حجم الدعم الألماني لأوكرانيا، وأدرج الدبابات ومركبات المشاة القتالية ومدافع الهاوتزر وأنظمة الدفاع الجوي التي تستخدم ضد روسيا.
ولم يسمع الأميركيون عبارات من هذا القبيل من سياسي ألماني منذ فترة طويلة.
وفي العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، تجنب القادة في ألمانيا الغربية، ثم في ألمانيا الموحدة بعد عام 1990، مثل هذه اللغة العسكرية، واعتمدوا على حماية الولايات المتحدة وحلفائها في حلف الشمال الأطلسي (الناتو).
ووفق “بلومبرغ”، فإن خطاب بيستوريوس “الصاخب” يخلق توتر مع شولتز، ويشير إلى مشكلات محتملة في المستقبل مع اقتراب الحكومة “المحاصرة” من إجراء الانتخابات العام المقبل.
وتعود جذور النزاع إلى القضايا التي لم يتم حلها، والتي نشأت عن “نقطة التحول التاريخية” التي أعلنها شولتز في عام 2022، في الأيام الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتعهّد شولتز (65 عاماً)، بإحياء الجيش الألماني لمواجهة التهديد الذي تمثله روسيا. ولكن بينما أصبحت برلين ثاني أكبر مانح للأسلحة إلى أوكرانيا، فإن خطط إعادة التسلح أصبحت محكومة بـ”نزاعات مألوفة بشأن الإنفاق والمخاوف بشأن نشر القوة العسكرية”.
ووافقت ألمانيا على تغيير دستورها للسماح بإنشاء صندوق دفاع خاص بقيمة 100 مليار يورو (109 مليار دولار). وقد فشل بيستوريوس حتى الآن في تأمين مبلغ إضافي قدره 6.7 مليار يورو سنوياً لتأمين طلبيات الطائرات المقاتلة، والفرقاطات البحرية التي يقول إنها ضرورية للدفاع ضد أي هجوم روسي محتمل.
وتشير “بلومبرغ” إلى أن الهوة بين شولتز ووزير دفاعه أصبحت واضحة بشكل متزايد في الأسابيع الأخيرة، خاصة مع رفض المستشار الألماني مناشدة بيستوريوس لتخصيص ميزانية إضافية لزيادة الإنفاق الدفاعي.
وتجاهل المستشار الألماني اقتراح بيستوريوس بإعادة العمل بالتجنيد الإجباري، الذي ألغته المستشارة السابقة أنجيلا ميركل في عام 2011.
وخلال اجتماع مغلق في الوزارة الشهر الماضي، هدد بيستوريوس بالاستقالة بسبب قيود الميزانية، وفقاً لـ”بلومبرغ”. وقال للصحافيين عندما سئل عن التقارير التي تتحدث عن غضبه: “ما زلت مشتاقاً لهذه الوظيفة، ولن تتخلصوا مني بهذه السرعة”.
ومؤخراً، قال رولف مويتزينيتش، زعيم كتلة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أمام البوندستاج، إن الساسة لابد وأن يناقشوا تجميد الحرب مع روسيا، وهي الفكرة التي كثيراً ما يروج لها المتعاطفون مع الكرملين.
لكن آراء بيستوريوس لاقت، رغم ذلك، صدى لدى الرأي العام الألماني. ويُصنف وزير الدفاع بانتظام على أنه السياسي الأكثر شعبية في ألمانيا، بينما شهد شولتز في بعض الأحيان أسوأ معدلات تأييد لأي زعيم منذ تأسيس الجمهورية الفيدرالية قبل 75 عاماً.
وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه إذا أجريت الانتخابات العامة في العام المقبل الآن، فإن الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة شولتز سيتعرض لهزيمة ثقيلة أمام معارضة يمين الوسط.
ويصر شولتز على أنه عازم على الترشح مرة أخرى لمنصب المستشارية، ويشير نوابه إلى ارتفاع طفيف لشعبيته في عام 2021 كدليل على أنه لا يزال قادراً على تغيير الأمور.
وسيعتمد المستشار المقبل، على نتيجة انتخابات الاتحاد الأوروبي في نهاية الأسبوع المقبل وثلاثة انتخابات إقليمية في شرق ألمانيا في سبتمبر، مضيفة أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامة شولتز متساوي مع حزب البديل اليميني المتطرف، وكلاهما قادر على الظفر بـ14% من الأصوات، وفقاً لاستطلاع أجرته قناة ZDF في 30 مايو.
وإذا انتهت هذه الانتخابات بهزيمة الحزب الديمقراطي الاشتراكي، فقد تبدأ قيادة الحزب في النظر فيما إذا كان وزير الدفاع سيكون مرشحاً أفضل لقيادتهم في الانتخابات العامة العام المقبل.
وتشير الصحافية الألمانية سودها ديفيد ويلب في تصريح لـ”بلومبرغ”، إلى أنه “إذا أدّت التوترات داخل ائتلاف شولتز إلى انتخابات مبكرة، فقد يميل الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى مبادلة شولتز ببيستوريوس، لكن سيكون من الصعب القيام بذلك”.
وهذه فكرة بدأ بيستوريوس نفسه يسمعها علناً. وبعد الجلسة في واشنطن، سأل أحد الطلاب وزير الدفاع عن مدى الاختلاف الذي قد تبدو عليه ألمانيا إذا كان هو المستشار بدلاً من شولتز. وتوقف بيستوريوس للحظة، ووضع يده على أذنه، وقال بابتسامة متكلفة: “لم أفهم الجزء الأخير من سؤالك”.
ولكن غالباً ما يعبر بيستوريوس عن ولائه لشولتز، إذ قال الشهر الماضي: “لدينا مستشار ممتاز وسيكون مرشحنا لمنصب المستشار مرة أخرى. هذه المناقشة غير ضرورية حقاً. ولسنا بحاجة إليها الآن. ليس هناك شك في ذلك داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي”. (asharq)
[ads3]