المرصد السوري : اجتماع بين حزب الله و تنظيم الدولة في منطقة السورية .. و هذه هي أهداف التنسيق بينهما
لم يعد يخفى على أحد العلاقة الوطيدة بين الميليشيات الإيرانية وتنظيم “الدولة الإسلامية” والتعاون السري المتواصل بين الجانبين بما يخدم مصالحهما الخاصة، واليوم تعود هذه العلاقة لتطفو على السطح مرة أخرى بتعاون جديد بين “حزب الله” اللبناني من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى، والهدف هو مناطق النفوذ الأميركي وقوات سوريا الديمقراطية بدير الزور، حيث تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان، عبر مصادره الخاصة من رصد اجتماعات لقيادات من الحزب وداعش والفرقة الرابعة التابعة للنظام يستعرض أحداثها في خضم التحقيق الآتي.
واستغلت الميليشيات التابعة لإيران الخلافات التي شهدتها مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية بدير الزور في آب / أغسطس من العام 2023 الفائت، وبدأت بدعم مجموعات من المسلحين المحليين أو ما يعرف بـ (مقاتلي العشائر) بالاشتباكات ضد قسد، ولم تكتفي بزعزعة أمن مناطق النفوذ الأميركي هناك لاسيما بعد أن تراجعت حدة الاشتباكات وباتت تقتصر على هجمات هنا وهناك خلال الفترة الأخيرة، لتستعين الميليشيات بالشريك السري لها وهو تنظيم داعش، حيث بدأت مرحلة التنسيق بين الطرفين وبدأت معها المفاوضات بشكل فعلي عن طريق أحد الأشخاص ويدعى “موسى الطه العلي” المنحدر من بلدة ذيبان بريف دير الزور وهو من فخذ “الحجاج”، وهو أمني سابق من الصف الأول لدى “التنظيم” حيث كان قد هرب سابقاً باتجاه منطقة رأس العين واختفى لفترة طويلة ثم ظهر من جديد برفقة “إبراهيم الهفل” خلال اندلاع المعارك ضد قوات سوريا الديمقراطية.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد بدأ “موسى الطه العلي” بمفاوضة “التنظيم” لإرسال أحد القياديين من العراق لإجراء المفاوضات، وبالفعل نجح في ذلك وجرى تهريب أحد القياديين البارزين لدى “التنظيم” من الموصل في العراق يدعى “أبو البراء العراقي”، وهو أحد مسؤولي حقل العمر النفطي إبان سيطرة “التنظيم” على مناطق دير الزور وريفها بين عامي 2014 – 2017 وبعد وصوله اتجه إلى مناطق الباغوز والسوسة في ريف دير الزور الشرقي وأقام هناك لعدة أيام ثم عبر نهر الفرات عن طريق “موسى الطه العلي” باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام والميليشيات الإيرانية وتحديداً إلى منطقة البوكمال شرقي ديرالزور.
وشهدت المنطقة الواقعة بين “المزارع وقلعة الرحبة” بمحيط الميادين شرقي دير الزور، في الرابع عشر من نيسان الفائت من عامنا الجاري اجتماعاً بين داعش والميليشيات التابعة لإيران، ضم القيادي أبو البراء من جانب داعش، و”الحاج حسن” القيادي بحزب الله اللبناني و”أبو مريم اللامي” القيادي بحزب الله العراقي، والعميد علي إبراهيم مسؤول القطاع الشرقي لدير الزور بالفرقة الرابعة الموالية لإيران و”موسى العلي” من جانب الميليشيات الإيرانية، وجرى الاجتماع داخل نفق حفره تنظيم داعش إبان سيطرته على المنطقة وتستخدمه الميليشيات الإيرانية لتخزين سلاحها وعقد بعض الاجتماعات السرية فيه.
وتباحث الطرفين الطرق لزعزعة أمن مناطق نفوذ التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية بدير الزور أكثر فأكثر، حيث كان مطلب القيادي في حزب الله اللبناني واضحة وهو إشغال التحالف الدولي بالأمور الداخلية والتسويق إعلامياً عبر الإعلام الموالي للحزب عن هشاشة المناطق الخاضعة لنفوذ التحالف ونشاط داعش الكبير فيها فضلاً عن المحليين الثائرين بوجه قسد والتحالف وشنهم هجمات مسلحة ضدهم، وعرض “الحاج حسن” على أبو البراء مبلغ 100 ألف دولار أميركي مقدماً بالإضافة لسلاح وذخائر سيتم تقديمها من قبل أبو مريم اللامي القيادي بحزب الله العراقي، بينما ستقوم الفرقة الرابعة بتأمين طرق عبور عناصر داعش من غرب الفرات إلى شرقه عبر معابر تهريب تشرف عليها الفرقة بدعم من حزب الله اللبناني.
والمعابر عددهم اثنين، الأول بين قرية العباس ومنطقة هجين، والثاني بين القورية وشنان وفقاً لما أفادت به مصادر المرصد السوري.
وقوبل عرض الميليشيات الإيرانية بالقبول من قبل أبو البراء العراقي، كما طالب بتسهيل مرور داعش إلى الرقة “عاصمة خلافته” سابقاً، وهو ما رفضه ممثل الفرقة الرابعة على اعتبار أن عناصر التنظيم يهاجمون قوات النظام والمسلحين التابعين لها وهو ما قد يخلق حالة عكسية لمخططات الميليشيات التابعة لإيران، ومن جانب آخر، طُلب من موسى الطه العلي تكثيف عمليات المسلحين المحليين لهجماتهم ضد مواقع ونقاط القوات العسكرية العاملة ضمن مناطق نفوذ الإدارة الذاتية بدير الزور لتوجيه ضربات متتالية وتشتيتهم.
وبدأت عمليات تهريب عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” من غرب الفرات إلى شرقه في الثلث الأخير من شهر نيسان عبر المعابر آنفة الذكر، وسرعان ما صعد التنظيم من عملياته بمناطق نفوذ قسد حيث تشير إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى تنفيذ خلايا التنظيم لأكثر من 15 عملية في دير الزور دون سواها خلال الفترة الممتدة منذ 30 نيسان وحتى منتصف أيار، أسفرت عن مقتل مدني، و7 من قسد، إلى جانب ذلك صعد المسلحون المحليون من هجماتهم على مواقع ونقاط قوات سوريا الديمقراطية بدير الزور خلال الفترة ذاتها، ومن المرتقب أن تشهد المنطقة مزيد من التصعيد عبر هجمات ضد مواقع قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي “الأسايش”، والعاملين مع “الإدارة الذاتية”، وحتى المدنيين من التجار ومستثمري آبار النفط، مع استبعاد احتمالية استهداف موظفي المنظمات الدولية والمحلية لعدم تأنيب الرأي العام ضد المسلحين المحليين، والقول بأنها تقاتل قوات سوريا الديمقراطية فقط.
ووبمقارنة بسيطة لحدة هجمات خلايا “التنظيم” والهجمات التي ينفذها المسلحون المحليون ضد حواجز ومقار ونقاط قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لمتابعات المرصد السوري، يتضح بأن نسبة هذه الهجمات قد أخذت بالارتفاع بشكل كبير منذ شهر نيسان/أبريل الفائت بنسبة قد تصل إلى أكثر من 75 % عن أشهر كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير وآذار/مارس من العام الجاري.
وعلى ضوء ما حدث ويحدث والنشاط الواضح الذي بدأت بوادره بالظهور ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، بدأت المناشدات الأهلية بالتصاعد لوضع حد للفوضى والفلتان الأمني المستشري، ويتحدث الشاب (ق.خ) 27 عاماً من بلدة ذيبان للمرصد السوري قائلاً: لم نعد نأمن على أنفسنا بسبب تزايد نشاط خلايا “التنظيم” الذي نشط بشكل كبير جداً منفذاً بين الحين والآخر اغتيالات واستهدافات وهجمات لكل من يرتبط بقوات سوريا الديمقراطية أو حتى موظف لدى “الإدارة الذاتية”، إذ يعمد “التنظيم” حالياً إلى استهداف العسكريين بشكل كبير واستهداف التجار بعد مطالبتهم بدفع “الزكاة”، ليصبح الموت ذبحاً أو عبر الرصاص المباشر مصير كل من يرفض الدفع والمنطقة بشكل كامل أصبحت “على كف عفريت”.
ويناشد بدوره، قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي وأجهزتها الأمنية للعمل بقوة مضاعفة من أجل إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، وتطهيرها من خلايا “التنظيم” التي تشكل هاجساً ومصدر خوف شديد لدى الأهالي.
ولم تكن المعلومات آنفة الذكر هي الأولى من نوعها، فقد سبق وأن نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان، تحقيقاً مفصلاً أكد فيه وصوله عبر مصادره إلى أشخاص مقربين من الميليشيات العاملة تحت الجناح الإيراني في سورية بينهم أشخاص على دراية تامة بالمفاوضات بين تنظيم “الدولة الإسلامية” والميليشيات الإيرانية التي جرت في أيار/مايو 2021. (syriahr)
[ads3]