دويتشه فيله : بعضها شُطبت ديونه .. دول عربية استفادت من القروض الألمانية
تعد ألمانيا من أكثر دول أوروبا إقراضًا للدول الفقيرة أو المتوسطة الدخل، فهي تقرض حالياً ما مجموعه 12.2 مليار يورو لعدد من دول العالم. أولها مصر بمبلغ 1.4 مليار يورو كلها عبر التعاون المالي، ثم هناك الهند بمبلغ 1.1 مليار يورو والصين بمبلغ 838 مليون يورو وزيمبابوي بمبلغ 889 مليون.
لكن ألمانيا كذلك من أكثر الدول التي تتخلى عن قروضها وتقوم بإلغائها دون التوصل بها، وقد وصل الرقم حالياً إلى 15.8 مليون يورو منذ عام 2000.
هذا الرقم الأخير تم الإعلان عنه من طرف وزارة المالية الفيدرالية الألمانية التي أكدت أن هذه القروض تم شطبها وذلك ردًا على سؤال من عضو البرلمان الألماني شتيفان براندنر من حزب “البديل” اليميني الشعبوي المعارض (AfD).
أكبر دولة استفادت من شطب الديون هي العراق التي تم التخلي عن مطالبتها بـ 4.7 مليار يورو، ثم نيجيريا بمبلغ 2.4 مليار يورو، ثم الكاميرون بمبلغ 1.4 مليار يورو وزامبيا بـ 1.1 مليار يورو. وفقًا لبيانات أطلعت عليها DW عربية من موقع وزارة المالية الألمانية.
وبالنسبة للبلدان العربية، تعد مصر ثاني دولة يتم تشطيب ديونها بحوالي مليار يورو، تليها السودان بـ 224 مليون والأردن بـ 290 مليون. ومن الجدير بالذكر أن نسب بعض الدول العربية ضعيفة جداً في شطب الديون، مثل تونس بمبلغ 30 مليون يورو واليمن بـ 92 مليون يورو وسوريا بـ 70 مليون يورو والجزائر بمبلغ 1.5 مليون يورو.
وفي قائمة الدول العربية التي تقترض من ألمانيا، نجد سوريا بمبلغ 458 مليون والسودان بـ 359 مليون والمغرب بمبلغ 274 مليون والعراق بـ 316 وتونس بـ 161 والسلطة الفلسطينية بـ 15 مليون.
وعن أهداف شطب جزء من هذه الديون، تقول وزارة المالية الألمانية إن ذلك يسمح بتخفيف عبء الديون ويدعم اقتصاد هذه الدول، كما يجعلها قادرة على الوفاء بجزء من ديونها. وتقدم ألمانيا نسبة من هذه الديون عبر آليات التعاون داخل مجموعة الدول السبع الكبرى.
لكن شطب هذه الديون لا يعجب بعض أطراف المعارضة الألمانية، حيث قال براندر أن ألمانيا حاليا تحتاج إلى كل سنت بسبب الوضع الاقتصادي الصعب في البلاد، مشيراً إلى أن بعض الدول التي تم شطب ديونها لم تف بإعادة الأموال في مرات لاحقة، مما يعني أن استمرار شطب ديونها يشجعها على طلب المزيد من القروض.
وحسب أرقام صندوق النقد الدولي، فإن 60 بالمئة من الدول منخفضة الدخل، تعاني حاليا من ديون كبيرة، وهي وضعية جديدة لم تكن بهذا السوء على الأقل عام 2015. ويبلغ مجموع هذه الديون 600 مليار دولار في 73 دولة فقيرة عبر العالم.
ويقترب مبلغ الديون المستحقة لفائدة ألمانيا، أي 12.2 مليار يورو، من رقم العجز في الموازنة العامة الألمانية لهذا العام ، وهو 17 مليار يورو، إثر أزمة كبيرة تسبب فيها قرار المحكمة الدستورية الاتحادية عدم قانونية إعادة تخصيص أموال من مكافحة جائحة كورونا لصالح جهود مكافحة التغير المناخي في ميزانية عام 2021، وهو القرار الذي صدر نهاية العام الماضي وألقى بظلاله على موازنة هذا العام.
وارتفع حجم الديون السيادية لألمانيا عام 2023 بـ77.3 مليار يورو أو بنسبة 3.3 %، وبلغ إجمالي ديون الحكومة الاتحادية والولايات والبلديات وشركات التأمين الاجتماعي بحلول نهاية العام الماضي إلى 2445.5 مليار يورو.
كما خفضت أبرز المعاهد الاقتصادية الألمانية بشكل كبير توقعاتها لنمو إجمالي الناتج الداخلي للعام 2024 متوقعة أن يبلغ 0,1%، بسبب أزمة اقتصادية هيكلية يعاني منها الاقتصاد. وتعدّ هذه التوقعات أقل بكثير من نسبة 1,3% التي كانت متوقعة العام الماضي.
وتعود مشاكل الاقتصاد الألماني بشكل كبير إلى ارتفاع معدلات التضخم منذ غزو روسيا لأوكرانيا، وما تبع ذلك من ركود اقتصادي عالمي، وتراجع قيمة التصدير من ألمانيا، وارتفاع أسعار الطاقة، وتراجع الاستهلاك المحلي، ونقل كثير من الشركات لعملياتها خارج أوروبا بسبب ارتفاع التكاليف، فضلا عن مشاكل تخصّ اليد العاملة، والإنفاق الكبير في القطاع الاجتماعي، وكلفة الانتقال الطاقي الذي تقوده ألمانيا في أوروبا.
ويبحث حزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب شعبوي، عن المبررات لزيادة الضغط على الحكومة الحالية التي حققت أحزابها أرقامًا سيئة في انتخابات الاتحاد الأوروبي الأخيرة، في حين حقق هذا الحزب اختراقًا كبيرً ا بوصوله إلى المركز الثاني، ويُعتبر أحد الأحزاب الأكثر شعبية لدى الشباب.
كما تعاني الحكومة الألمانية من ضغوط من قبل أكبر حزب معارض وهو الاتحاد المسيحي الديمقراطي ، الذي بدوره أصبح يتبنى مواقفًا متشددة تجاه الإنفاق في التعاون الدولي ودعم الدول ذات الدخل المتوسط أو الفقير. (DW)
[ads3]