يورونيوز: بريطانيا على عتبة تحول سياسي كبير .. توقعات بفوز ساحق لحزب العمال بعد غياب 14 عاماً

 

تشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمال يتقدم على المحافظين بفارق مذهل قدره 20 نقطة مئوية، ما يعني أن كير ستارمر قد يصبح رئيسًا للوزراء بأغلبية تزيد عن 200 مقعد، وهو أكبر عدد حصلت عليه أي حكومة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

يتوجه البريطانيون الخميس إلى صناديق الاقتراع لانتخاب 650 نائبا في مجلسي العموم. وتشير توقعات استطلاعات الرأي إلى فوز كاسح لحزب العمال في مشهد لم يكن كثيرون يتوقعونه في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2019.

حينها، حصل رئيس الوزراء بوريس جونسون على أغلبية واسعة لحزب المحافظين في مجلس العموم ومعها على تفويض رمزي بإتمام عملية طلاق بريطانيا من الاتحاد الأوروبي التي عرفت باسم بريكست. هذا الفوز لم يكن ليحدث لولا أن جونسون كان نجح في استمالة الناخبين في معاقل حزب العمل المتواجدة ضمن ما يسمى الحزام الأحمر هي المناطق التي تضم الطبقة العاملة في شمال انجلترا ومقاطعة ميدلاندز.

ومنذ ذلك الحين، وقع الطلاق بين لندن وبروكسل فخرجت المملكة المتحدة رسميًا من الاتحاد الأوروبي – لكن الحياة بعد خروج بريطانيا من التكتل كانت قاسية بالنسبة لحزب المحافظين.

أما الآن، فيأمل حزب العمل وزعيمه، السير كير ستارمر، في استعادة الناخبين المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذين فقدوهم في عام 2019، في حين أنه من المتوقع أن يسجّل حزب المحافظين برئاسة رئيس الوزراء ريشي سوناك أسوأ نتيجة انتخابية في تاريخه الممتد على مدى قرنين من الزمن.

وتشير بعض استطلاعات الرأي إلى أن حزب العمال يتقدم بفارق مذهل قدره 20 نقطة مئوية على المحافظين، ما يعني أن كير ستارمر قد يصبح رئيسًا للوزراء بأغلبية تزيد عن 200 مقعد، وهو أكبر عدد حصلت عليه أي حكومة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وفي الوقت نفسه، قد يغيب المحافظون عن مناطق انتخابية بكاملها في بعض أجزاء البلاد، وقد يصبح سوناك أول رئيس وزراء في التاريخ يفقد مقعده.

حظي المحافظون – الذين حكموا البلاد على مدار الـ 14 عامًا الماضية تحت لواء خمسة قادة مختلفين بتأييد شعبي واسع لكن هذا الدعم شهد انخفاضا مطّردا منذ عام 2021، عندما بدأت التحقيقات في فضيحة حفلات الإغلاق في مقر رئاسة الحكومة ب 10 داونينغ ستريت بدعم من رئيس الوزراء بوريس جونسون.

بعد رحيل الأخير، أتت ليز تروس لتتولى رئاسة الحكومة لفترة قصيرة لم تكن ناجحة إذ أدى سياستها التقشفية إلى انخفاض الجنيه إلى أدنى مستوى له منذ 37 عامًا. بعدها احتل مكانها ريتشي سوناك، وهو مصرفيّ سابق كان عمل في أحد البنوك الاستثمارية. لكن استطلاعات الرأي أظهرت أنه فشل في إقناع الناخبين بأنه الرجل المناسب الذي يستطيع إعادة اقتصاد المملكة المتحدة إلى المسار الصحيح.

بالإضافة إلى الاقتصاد والإسكان والقطاع الصحي، كان ملف الهجرة واحدا من أهم الملفات الساخنة التي برزت على الساحة. إذ حاول سوناك استمالة الناخبين القلقين بشأن عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يصلون إلى الشواطئ البريطانية عبر مقايضة خطته المثيرة للجدل لترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا بإعادة انتخابه.

لكن ما يعرف خطة رواندا أثارت ردود فعل عنيفة وسببت انقساما في أوساط البريطانيين. حتى أن المحكمة العليا قضت بعدم قانونية هذا الإجراء. وقد شعر المؤيدون للخطة بالإحباط بسبب عدم إقلاع أي رحلات جوية لترحيل المهاجرين غير الشرعيين رغم مرور عامين على الإعلان عن خطة رواندا.

تحت جو ماطر في مايون أيار الماضي، ومن داونينغ ستريت، دعا ريتشي سوناك رسميًا إلى إلى الانتخابات على وقع أنغام أغنية «Things Can Only Get Better» – التي اشتهرت بفوز توني بلير الساحق في الانتخابات عام 1997.

وتلت ذلك مجموعة من الأخطاء في العلاقات العامة. فقد واجه سوناك إدانة واسعة عندما غادرمبكرا مراسم الاحتفال بالذكرى الثمانين لعمليات الإنزال في يوم النصر لإجراء مقابلة تلفزيونية، واتهمه منتقدوه بأنه بعيد عن القيم البريطانية.

وفي الآونة الأخيرة، اتُّهم خمسة من الوجوه البارزة في حزب المحافظين – بما في ذلك الحارس الشخصي لسوناك -بالمراهنة على موعد الانتخابات قبل حتى أن يعلن عنها رئيس الوزراء نفسه، وهي الحادثة التي ينظر إليها أيضا على أنها ضربة أخرى لثقة الجمهور في الحزب.

وعلى الرغم من أن فوز حزب العمال بدا مؤكدا لعدة أشهر، إلا أن مصادر مقربة من الحزب تقول إن هناك توترا ينتاب كوادر الحزب خوفا من أن مثل هذا التقدم المريح والثابت في استطلاعات الرأي قد يجعل الناخبين يصوتون للحزب بدافع المجاملة وهو ما قد يرتد عليه.

ولكن في ظل التقدم الكبير لحزب العمال في استطلاعات الرأي، يبدو من شبه المؤكد أنه سيكون هو من يشكل الحكومة في غضون أيام قليلة.

يركز العماليون في برنامجهم على ضرورة معالجة أزمة تكلفة المعيشة من خلال «خلق الثروة» لأفراد الطبقة العاملة. لكن المحافظين هاجموا على الفور مقترحات خصومهم، بحجة أن حزب العمال سيزيد الضرائب حتمًا إذا تباطأ النموّ النمو.

وتشمل وعود حزب العمال الأخرى تقليص قوائم الانتظار في المستشفيات الحكومية، وبناء 300 ألف منزل جديد سنويًا لمعالجة أزمة الإسكان، واستثمار 24 مليار جنيه إسترليني (28.5 مليار يورو) في التقنيات الخضراء.

كما اتخذ زعيم الحزب كير ستارمر موقفًا حازمًا بشأن الهجرة. حيث تعهد بقمع شبكات مهربي البشر عبر قناة المانش. ويقول أيضًا إن حزب العمال سيخفض معدل الهجرة الصافي إلى المملكة المتحدة، لكنه لم يحدد هدفًا محددًا (تعهد المحافظون سابقًا بخفض صافي الهجرة إلى «عشرات الآلاف»).

وقد تشهد الانتخابات أيضًا دخول زعيم حزب الإصلاح نايجال فاراج النائب السابق في البرلمان الأوروبي وعرّاب خروج لندن من التكتل الأوروبي، إلى مجلس العموم لأول مرة. فقد صدم البريطانيين في أوائل يونيو عندما أعلن أنه سيخوض الانتخابات في دائرة كلاكتون الانتخابية في إسيكس عن حزب الإصلاح، ليتكون بذلك ثامن محاولة لفاراج يسعى فيها ليكون عضوًا في البرلمان.

أدى إعلان فاراج الترشح إلى صعود أسهم حركة الإصلاح البريطاني في استطلاعات الرأي وتقليص الفارق بين هذا التنظيم وحزب المحافظين. ولكن حتى لو تمكن من الفوز بنحو 16٪ من الأصوات كما تشير بعض الاستطلاعات، فقد يفشل في الفوز بأي مقاعد بالنظر إلى الطريقة التي يعمل بها النظام الانتخابي في المملكة المتحدة.

َضف إلى ذلك، فإن دعم حزب الإصلاح قد تراجع بعد التعليقات المثيرة للجدل التي أدلى بها فاراج الأسبوع الماضي، حيث ادعى أن الغرب قد أثار غزو روسيا لأوكرانيا.

وقال السياسي لبرنامج بانوراما في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «كان من الواضح لي أن توسّع حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي شرقا يعطي هذا الرجل (بوتين) سببًا لشعبه الروسي ليقول إنه قادم من أجلنا مرة أخرى، ويذهب إلى الحرب».

وأضاف ويعني الأوروبيين والغرب عامة: «لقد كنّا سببا في هذه الحرب».

يقترح حزب فاراج تجميد جميع طلبات الهجرة «غير الضرورية»، وانسحاب بريطانيا من عضوية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (ECHR)، التي يسميها الحزب المحكمة «الأجنبية» في ستراسبورغ.

كما يأمل الديمقراطيون الليبراليون في أن ينفضوا غبار الهزيمة عليهم بعد الخسائر الفادحة لحزبهم في الانتخابات السابقة. إذ أنهم قد يحصلون وفقًا لبعض استطلاعات الرأي على أكثر من 60 مقعدًا.

قام الحزب سابقًا بحملة «لوقف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي» وهو أكثر الأحزاب تحمّسا لإقامة علاقات اقتصادية وتجارية وأمنية أوثق مع الاتحاد الأوروبي.

وضع الحزب خطة من أربع خطوات تتضمن الاندماج التدريجي في البرامج الأوروبية والسوق الموحدة للاتحاد الأوروبي. حيث قال إد ديفي إن هدف الحزب على المدى الطويل هو عودة بريطانيا إلى التكتل. (euronews)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها