دويتشه فيله : نوادي القنب في ألمانيا في مواجهة بحر البيروقراطية

 

مع بداية هذا الأسبوع دخلت المرحلة الثانية من تقنين زراعة واستهلاك القنب الهندي في ألمانيا. وبات يمكن للأندية التي يصل عدد أعضائها إلى 500 عضو أن تعنى بزراعة الحشيش وتوزيعه بين أعضائها واستهلاكه. اللوائح الجديدة تتضمن أيضاً العديد من التفاصيل والكثير من البيروقراطية. يُسمح لهذه النوادي بتوزيع 25 غراماً من الحشيش يومياً كحد أقصى وإجمالي 50 غراماً شهرياً لكل فرد. لكن الغموض مازال يلف الجهة المسؤولة بمراقبة كل هذا.

شتيفن غيير يعتقد ذلك أيضاً، وهو رئيس المنظمة الجامعة لأندية القنب الاجتماعية الألمانية (CSCD) وأحد رؤساء متحف القنب في برلين. ويقول لـ DW: “سيكون هناك بالتأكيد عدد لابأس به من الأندية التي تحاول الحصول على ترخيص. كما قد لا يمكن التنبؤ بالمدة التي سيستغرقها ذلك وعدد الأندية التي ستنجح في ذلك. كما أن الولايات غير مستعدة بعد”.

في برلين، على سبيل المثال، مازال من غير الواضح كيفية تعامل المناطق المسؤولة في المدينة مع منح التراخيص لهذه الأندية. لكن هناك أمر واحد مؤكد. وهو أنه بمجرد تشكيل هذه الأندية، سيصبح لعشاق القنب في ألمانيا مكان يجمعهم بعد عقود طويلة من البقاء في الظل والتجريم.

خلال المرحلة الأولى، قرر البرلمان الألماني “بوندستاغ” ومجلس الولايات الاتحادي الألماني “بوندسرات” السماح للأفراد باستهلاك كميات صغيرة من القنب الهندي في الأماكن العامة، اعتباراً من الأول من أبريل/ نيسان الماضي لكن وفق شروط. فقد سُمح للبالغين بحمل 25 غراماً من الحشيش معهم، وهو ما يكفي لحوالي 50 إلى 100 لفافة حشيش. كما أتاح القانون الجديد لكل منزل زراعة ثلاثة نباتات كحد أقصى وتخزين ما يصل إلى 50 غراماً من الحشيش المجفف.

في السابق، كان كل غرام من الحشيش يعاقب عليه. لكن تأثير اللوائح الجديدة بدأ يظهر بالفعل في الأسابيع القليلة منذ بداية أبريل/ نيسان، وفق شتيفن غيير: “لقد لاحظنا ارتياحاً على المستهلكين. والأهم، هناك عدد أقل من الجرائم المتعلقة بالاستهلاك”. في السنوات السابقة، كان يتم القبض على شخص كل ثلاث دقائق لأنه كان بحوزته كمية صغيرة من الحشيش. لم يعد هذا يحدث. ويوضح غيير: “المجتمع ببساطة أصبح جاهزاً للحرية الجديدة وهناك تقبل أكثر خلال السنوات الأخيرة. ما لاحظته في الأشهر الثلاثة الماضية هو أن متوسط ​​عمر المستهلكين الذين يكشفون عن أنفسهم، أصبح أعلى بكثير. لقد أصبح المستهلكون ينتمون أكثر إلى الطبقة المتوسطة وكبار السن، وأكثر تنوعاً وأكثر سلمية”.

يعد غيير أيضاً أحد منظمي متحف القنب في برلين. ويقول: “أرى أشخاصا تزيد أعمارهم عن 50 عاماً هنا في متحف القنب كل يوم تقريبا يقومون بتخزين بذور القنب وشراء الكتب المتخصصة لأول مرة في حياتهم. هؤلاء جميعهم أشخاص لم يفكروا في دخول المتحف قبل عام فقط، لأنهم كانوا يعتقدون أنه من المسيء أن يربطهم أي شيء بالقنب”.

هل كل شيء تحت السيطرة؟ ليس تماماً. إذ لا تزال معارضة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي ضد التقنين. وتعارض نقابة اتحاد الشرطة (GdP) النوادي الجديدة. وقال نائب رئيس نقابة الشرطة الألمانية، ألكسندر بويتس، لصحيفة “أوغسبورغر ألغماينه تسايتونغ” الألمانية: “نخشى أن يستغل أفراد من عصابات الجريمة المنظمة الفرصة التي توفرها نوادي زراعة القنب الهندي من أجل توسيع الأعمال الإجرامية”. وأعلنت ولاية بافاريا، التي يحكمها حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ، عن عزمها تشديد مراقبة نوادي زراعة القنب الهندي.

منذ السماح بحيازة كميات صغيرة، اضطرت الشرطة إلى التحقيق فيما يقرب من ثلاثة آلاف حالة قيادة تحت تأثير الحشيش، وفي 180 من المخالفات المرورية بدأ مكتب المدعي العام الإجراءات الجنائية في القضايا الخطيرة، وفق وزير داخلية ولاية بافاريا، يواخيم هيرمان، وتابع: “من وجهة نظرنا، فإن تقنين الحشيش يعد خطأً كبيراً في السياسة الأمنية والصحية. وقد تجاهلت الحكومة مخاوف العديد من الخبراء وجميع وزراء داخلية الولايات، بل حتى انتقادات من نفس الجهات”.

وعلى هذه الانتقادات يرد شتيفن غيير بالقول إن اللوائح الشفافة الجديدة والتسجيل لدى السلطات سيمنع ظهور الأعمال الإجرامية بالنوادي الجديدة. ومع وجود لوائح حكومية واضحة، فإن الزراعة الذاتية ستكون ممكنة الآن.

وأشار غيير أيضاً إلى العديد من البلدان التي سلكت طريق التقنين “الحذر” للحشيش: “لقد اتبعنا أمثلة كندا والولايات المتحدة وأوروغواي وليشتنشتاين، ومالطا، وهولندا، وإسبانيا. ولدينا الكثير من اللوائح التي تمنع اختلاط الحابل بالنابل”.

لكن تحذيرات الخبراء بشأن مخاطر الاستهلاك مستمرة. فقد توصلت دراسة حديثة من كندا نشرت في مجلة ” Psychological Medicine” إلى نتيجة مفادها أن المخاطر لا تقتصر على الهلوسة البصرية أو الصوتية لدى الشباب، وفق راينر توماسيوس، رئيس المركز الألماني لقضايا الإدمان للطفولة والمراهقة بالمركز الطبي الجامعي في هامبورغ ايبندورف. بل إن المخاطر قد تصل إلى الحد من القدرة على التركيز والتعلم، كما تضعف القدرة على الشعور بمشاعر مثل السعادة أو الحزن. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما يكون هناك شعور مغمور بالمحفزات البيئية.

وفق نتائج دراسة استقصائية أجريت في عام 2021، فقد لجأ حوالي 4.5 مليون شخص في ألمانيا إلى لفافة حشيش مرة واحدة على الأقل خلال عام واحد. ونحو ثلث جميع المواطنين مرة واحدة على الأقل خلال حياتهم. (DW)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها