صحيفة النهار اللبنانية : الاغتيال تحذير لنصرالله .. شخص في الميدان أبلغ الإسرائيليّين بمكان وجود شكر

 

اغتيالان نوعيان في أقلّ من 12 ساعة. من #بيروت إلى طهران مشهد واحد، وهو مشهد لطالما أراده “#حزب الله” مترابطاً بين العاصمتين، كونه يعبّر عن صورة المقاومة ونهجها، بحسب اعتقاده.
لكنّ الحادثين يحملان أبعاداً كبيرة وعميقة، لناحية التوقيت أو مستوى القيادات المستهدفة، ما يطرح فرضية أن تكون إسرائيل، باغتيال فؤاد #شكر وإسماعيل هنية، قد دفعت بدينامية الأحداث بعيداً عن اتفاق وقف الحرب على غزّة، أو التهدئة في الجنوب.

السؤال البديهيّ الذي يتبادر إلى الأذهان، كيف تمّت عملية الاغتيال في #الضاحية، وهل معادلة “الردّ والردّ المضادّ” قائمة في حسابات “حزب الله”، وهو الذي وضع معادلة تل أبيب مقابل الضاحية. وكيف استطاع من نفّذ العملية الوصول إلى شكر وتحديد مكانه؟

العملية تمّت بصواريخ توّجه بـ”اللايزر” عبر مسيّرات ألقتها مقاتلات إسرائيلية بحسب الخبير العسكري والباحث في الشؤون الاستراتيجية رياض قهوجي، وبالتالي يعتقد أنّ المسيرات كانت موجودة للقيام بعملية رصد فقط، لأنّ حجم الدمار لا يظهر أنّ الاستهداف كان عبر صواريخ صغيرة يتمّ إلقاؤها من مسيّرات، بل صواريخ بحجم رؤوس حربية كبيرة.

ويذكّر بأنّ في عملية اغتيال صالح #العاروري، الصواريخ التي استُخدمت في العملية كانت صغيرة، أصابت المكتب فقط حيث يتواجد القيادي الفلسطينيّ، ولم تتضرّر الشقق المجاورة ولم يُصب السكان بالأذى، في حين أنّ الصواريخ التي استُخدمت في عملية الضاحية هي صواريخ تحمل رؤوساً حربية كبيرة، أدّت إلى إلحاق الأذى بالمباني والسكان، وهي صواريخ تُلقى من مقاتلات وليس من مسيّرات”.

وبرأي قهوجي، هذه المعلومات العسكرية التي تتيقن لها قيادة “حزب الله” تجعلها أمام تحدّي الردّ، وهي التي أطلقت معادلة “تل أبيب مقابل الضاحية”، لذا الأمر يتعلّق بحسابات “الحزب”. وأضاف: “علينا أن ننتظر أيضاً كيف سيكون الردّ، فهل يستهدف حيفا من دون ضرب منشآت حيوية فيها، بل فقط أماكن ثانوية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تل أبيب، أم سيستهدف منشآت حيوية ويلحق أضراراً يتعمّد أذية إسرائيل فيها؟ وهل ستستطيع إسرائيل صدّ هجوم “الحزب”؟ لذا الجميع في انتظار الردّ، وكيف سيكون أمكثّفاً أم محدوداً أو يتعمّد الردّ بجدّية، خصوصاً أنّ الردّ الجدّيّ سيؤدّي إلى التصعيد الأكبر”.

“لا شك أنّ “حزب الله” منكشف أمنياً بشكل واضح لا لبس فيه، وكلّ الاغتيالات التي حصلت لم تكن لتتمّ لولا وجود اختراق، فإسرائيل، بحسب قهوجي، تملك داتا المعلومات والبيانات المتعلقة بعناصر ومقاتلي “حزب الله”، وهذا لا يكون متوفراً من دون بنك بيانات مفصّل، بموازاة وجود أعين مخبرين يتبعون للمخابرات الإسرائيلية ساهموا في تحديد مواقع قيادات الحزب ونجاح الاغتيالات”. وأضاف: “اذا سلّمنا أنّ عناصر وقياديي الحزب انكفأوا عن حمل الهواتف الخلوية، فالطريقة الوحيدة لتحديد مكان وجود فؤاد شكر على سبيل المثال هو أنّ هناك شخصاً في الميدان أبلغ الإسرائيليين عن مكان تواجد شكر ما جعل العملية تحقّق نجاحاً كبيراً”.

لا يرى قهوجي أنّ بنية “حزب الله” العسكرية قد تضرّرت لأنّ هناك نائبين للقيادات التي يتمّ استهدافها يستطيعان أن يتسلّما مهامها، لكنّه يعتبر أنّ “الكوادر القديمة” على غرار شُكر، يمتلكون خبرةً لا تقدّر بثمن، ومن الصعب إيجاد أشخاص لديهم الكفاءة نفسها ويستطيعون ملأ الفراغ بعده”.

ورداً على سؤال، يعتبر قهوجي أنّه “منذ البداية لم يكن هناك توازن ردع، لأنّ التوازن لا يكون بين دولة في حجم إسرائيل وهي دولة نووية، وتملك أسلحة تقليدية هي الأقوى في المنطقة، وبين تنظيم مسلّح بصواريخ تعود إلى الخمسينات والستينات، يُعاد تصنيعها ومحاولة تحديثها، وبضعة صواريخ باليستية، وصواريخ مضادة للمدرّعات لا توازي تلك الموجودة لدى دولة مثل إسرائيل.

لكن هل هذا يجعل “حزب الله” قادراً على الاستمرار في القصف رغم الردّ الإسرائيليّ؟ يرد قهوجي إيجاباً، ومردّ ذلك في رأيه لأنّ “الحزب” لا يتصرف كدولة بل هو تنظيم يتبع لدولة خارجية هي ايران، وبالتالي أهدافه ليست أهداف دولة. لو كان الحزب جزءاً من الدولة اللبنانية وتركيبتها لما أقدم على ما قام به ربما، وقد يعدّل حساباته، لكنّه اليوم يفرض وجوده بقوّة السلاح، وأيّ شخص يعترضه يسكته إمّا بالقوة أو بالترهيب أو التصفية، وهو يتصرّف كتنظيم أيديولوجيّ يتبع لمحور تقوده إيران. ومبدأ الردع والنصر من وجهة نظره يختلف عن التعريف المعتمد بين الدول حول الردع والنصر”.

في الموازاة، يرى الكثيرون أنّ ما حصل في الضاحية هو بمثابة رسالة تحذير إلى السيد حسن #نصرالله، خلاصتها بأنّ #اسرائيل قادرة على الوصول إليه، من هنا يرى قهوجي أنّه معلوم أنّ السيد نصرالله مستهدف، ومن يصل إلى اغتيال فؤاد شكر يستطيع في نهاية الأمر أن يصل إلى السيد نصرالله، فلا يعرف أحد مكان وجود السيّد اليوم، أفي لبنان أم في إيران، لكن بالتأكيد يمكن اعتبار ما حصل لشكر بمثابة رسالة تحذير للسيد حسن نصرالله”.

لا يؤيّد قهوجي أنّ “حزب الله” بات أمام خيار واحد وحيد، القبول بالتسوية بشروط إسرائيلية، فـ”إسرائيل لديها وضع داخليّ صعب، كما يقول، وحكومة يرأسها شخص لديه أجندته السياسية، وهذه الأجندة لا تخدم إسرائيل كدولة بل تخدمه كشخص وتخدم أيديولوجيته وأحزابه، والانقسامات واضحة داخل إسرائيل، ويضاف إلى المشاكل الداخلية، أخرى خارجية مع بعض من هم في الإدارة الأميركية، لذا الخيار لن يكون أن تملي إسرائيل شروطها، بل هناك قوة دولية ستتحرّك بشكل فاعل وتفرض نفسها في نهاية الأمر.

نتنياهو في رأي قهوجي يستغلّ فترة الضعف أو انعدام القيادة الاستراتيجية في أميركا حاليّاً حتى موعد الانتخابات الأميركية، لتنفيذ ضربات وسياسات تطيل أمد الحرب وتخدم أجندته التي تعزّز مكانته السياسية وتبقيه في السلطة، لأنّه على يقين بالضعف الذي يواجهه وحتمية سقوطه فور انتهاء الحرب وهو يحاول تفادي ذلك. أضف إلى ذلك الإجماع داخل إسرائيل حول ضرورة التعامل مع تهديد “حزب الله” وتهديد البرنامج النووي الإيرانيّ، وهو يستغلّ هذه النقاط لتحقيق مآرب قبل الانتخابات الأميركية، خصوصاً أنه أدرك في زيارته الأخيرة إلى واشنطن أنّ كلا الطرفين أي دونالد ترامب وكامالا هاريس ضدّ استمرار الحرب وضدّ مشاريعه العسكريّة في المنطقة”.

ويستبعد الخبير العسكري العميد حسن جوني أن تكون العملية نفذت عبر المسيّرات، لأن الصواريخ التي تحملها المسيرات بالعادة تكون خفيفة وصغيرة ولا يمكن أن تؤدي الى هذا الحجم من الدمار”.

ويقول لـ”النهار”: “من الواضح أن الهجوم نفذ عبر قاذفات حربية عبر اطلاق صواريخ من مسافات بعيدة واسرائيل تمتلك هذه القاذفات والصواريخ”، لكنه في الوقت عينه يرى ان وجود المسيّرات في الجو طبيعي مع تنفيذ هكذا عملية فبالعادة تشارك المسيرات مع الطائرات لتأكيد الاجهاز على الهدف”.

ويضيف: “عمليات اغتيال مماثلة تكون معقدة جداً ودقيقة ويمكن أن تتاح لمرة واحدة فقط، فيسعى المهاجم الى استعمال الامكانيات كافة، فتعمل القاذفات على ضرب الهدف، وفي حال استطاع الهرب او النفاذ يمكن ان تطارده المسيرات في الازقة والشوارع للنيل منه”.

ويشير الى أن “أدوات أخرى تستعمل في هكذا عمليات كالرادرات والأقمار الاصطناعية وأدوات التجسس لتشكل منظومة متكاملة تضمن نجاح العملية”.

وفي هذا السياق، يلفت جوني الى أن السؤال الأساسي لا يجب أن يكون عن كيفية تنفيذ العملية انما كيف استطاعوا الوصول اليه وتحديد مكانه؟، مشيراً الى “نجاح اسرائيل في المدة الاخيرة بسياسة الاغتيالات والوصول الى قيادات الصف الأول وهذا ملف يقلق قيادة “حزب الله” بحيث انها لم تستطيع مواجهته او الحد منه”.

ويعتبر أن هذا الأمر أصبح من الأسرار الذي يصعب فك شيفرتها، مرحجاً انه “يتم استعمال التقنيات المتقدمة جداً والذكاء الاصطناعي للتجسس والمراقبة من دون استبعاد العامل البشري في الداخل اللبناني عبر اعطاء معلومات معينة للعدو”.

بدوره الخبير العسكري العميد منير شحادة يقول لـ”النهار” أن “عملية الأمس كانت مركبة اشترك فيها الطيران الحربي والمسيّر استهدفت المبنى في الضاحية الجنوبية بـ3 صواريخ ذكية”.

وبرأي شحادة، أنه “يمكن للطائرات الحربية المقاتلة التي تملكها اسرائيل اذا كان “اف 16” او “اف 35″ كما ذكرت بعض وسائل الاعلام الاسرائيلية ان تنفذ ضربات من مسافات تتجاوز الـ30 كيلمتراً ولا داعي للتحليق فوق الهدف، واذا عمدت الى ذلك تكون للتهويل او للاستعراض”.

ويرجح شحادة أن يكون الاستهداف “تم من فوق البحر ومن مسافة فيما مشاركة المسيرات بالعملية هي للتأكيد على اصابة الهدف والنيل منه والتدخل في حال فشلت الطائرات الحربية من اصابته”.

ويشدد على انه في “عمليات مماثلة يكون للطيران الحربي اليد الطولى بسبب أهمية الهدف، وهي مختلفة عن عمليات الاغتيال الأخرى التي تستهدف سيارات او دراجات نارية يكون الهدف فيه سهلاً ومكشوفاً اكثر تستطيع المسيرة تنفيذ المهمة لوحدها”.

إشارة إلى أن الاعلام العبري تناول الحادثة فذكرت صحيفة “يديعوت احرونوت” أن الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت الجنوبية نفّذته طائرات مقاتلة من طراز “إف-35” بينما ذكرت “يسرائيل هيوم” أن الهجوم في الضاحية الجنوبية لبيروت نُفذ بطائرات مقاتلة ومسيرات. (annahar)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها