دويتشه فيله : تحفظ ألماني حول إرسال جنود للمساعدة في الدفاع عن إسرائيل
في نهاية يوليو/تموز، زار وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس (من الحزب الاشتراكي الديمقراطي) هاواي الأمريكية. هناك، في جزيرة أواهو، شاركت سفينتان حربيتان ألمانيتان، بما في ذلك الفرقاطة “بادن فورتمبيرغ”، في مناورة بحرية. ومع ذلك، ورغم أن المكان بعيد عن الشرق الأوسط، إلّا أن الوضع المتصاعد بين إسرائيل وحماس وإيران شكّل موضع قلق لوزير الدفاع الألماني.
وبطريقة غلب عليها الرجاء تقريبا، تحدث الوزير مع DW عن مخاوفه من أن تقوم إيران بشن ضربة عسكرية على إسرائيل. وقال بيستوريوس: “لا نريد ذلك، ويجب أن نمارس تأثيرنا على جميع الأطراف هناك لتجنب تصعيد الوضع. يجب على الجميع هناك فعل كل ما في وسعهم للعودة إلى السلام في أسرع وقت ممكن.”
في الوقت نفسه، تشهد ألمانيا نقاشاً سياسياً حول ما إذا كان ينبغي للجيش الألماني أن يساهم في حماية إسرائيل في حالة هجوم إيراني. تزود ألمانيا بالفعل إسرائيل بالأسلحة وتدعمها سياسياً وفي عدد من المجالات الأخرى.
نشر الجنود الألمان كان ولا يزال غير وارد، لا توجد إشارات من الحكومة الفدرالية في هذا الصدد، كما لم يتم تقديم طلب كهذا من الحكومات الإسرائيلية. ومع ذلك، صرّح رودريش كيزفيتر، الخبير في الشؤون الخارجية والأمنية من الكتلة البرلمانية لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، في المعارضة، لإذاعة “دويتشلاند فونك” إنه يجب على الحكومة الألمانية “الاستيقاظ” في ضوء الوضع المتصاعد.
ويرى كيزفيتر أن تزويد طائرات الدول الصديقة (لإسرائيل) بالوقود أو نشر مقاتلات “يوروفايتر” الألمانية لاعتراض المسيّرات الإيرانية يمكن أن يكون ممكنًا. ومع ذلك، شدّد كيزفيتر أن على الجنود الألمان عدم مهاجمة أي أهداف في إيران نفسها، أي أن تكون مهمتهم دفاعية بحتة ضد أي هجوم إيراني.
كما دعم جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، الفكرة، وصرح لشبكة RND الألمانية “إن المسؤولية التاريخية لألمانيا عن أمن إسرائيل ليست ملزمة قانونيًا. ولكن، برأيي، فالأكيد أن هذه المسؤولية تعني أنه في حالة وقوع هجوم بالحجم الذي يهدد إسرائيل حاليًا، فإن على ألمانيا الوقوف عسكريًا إلى جانب الدولة اليهودية.”
تتم الإشارة إلى “المسؤولية التاريخية لألمانيا عن سلامة إسرائيل” بعد الهولوكوست ، أي مقتل ملايين اليهود الأوروبيين خلال الحرب العالمية الثانية، بمصطلح ألماني هو “Staatsräson” ( يعني أمن إسرائيل “مصلحة وطنية” ألمانية). وغالبًا ما يشير هذا إلى التزام طوعي من قبل ألمانيا لضمان أمن ووجود إسرائيل. ورغم أن هذا المصطلح لا يتخذ شكلاً قانونيًا، إلا أن الحكومات الاتحادية كررته عدة مرات.
يجري التصعيد الحالي في الشرق الأوسط بعد مقتل إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
هل يصل الدعم الألماني لإسرائيل إلى درجة نشر الجنود الألمان لحمايتها إذا لزم الأمر؟ لم يتم التفكير سابقاً في هذا التوجه من طرف أيّ سياسي ألماني بالشكل الذي اقترحه كيزفيتر، لا من قبل المعارضة ولا من قبل الحكومة. على سبيل المثال، قال نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزبين المسيحي الديمقراطي و المسيحي الاجتماعي ، يوهان فاديبول، بتحفظ لشبكة RND: “السيناريوهات مثل الدعم العسكري ليست على جدول أعمالنا بقدر ما نعلم. ستكون هناك حاجة إلى تفويض من البوندستاغ (البرلمان الألماني) لذلك على أي حال.”
كما رد رئيس لجنة الدفاع في البوندستاغ، ماركوس فابر (من الحزب الديمقراطي الحر، المشارك في الحكومة)، قائلاً: “لقد أوضحت إسرائيل بوضوح كيف يمكننا المساعدة”. وشرح قائلاً: “هذا هو ما يجب علينا فعله، على سبيل المثال، من خلال الموافقة السريعة على صادرات الأسلحة”، مضيفا: ” لم يتم طلب الجيش الألماني في إسرائيل، وقد يكون وجوده هناك دون فائدة كبيرة”.
في الواقع، من غير المحتمل أن يتمكن الجيش الألماني من مساعدة الإسرائيليين بشكل كبير. يؤكد خبير السياسة الخارجية في الحزب الديمقراطي الحر، أولريش ليشت، أن تزويد مقاتلات الحلفاء بالوقود من قبل الجيش الألماني يبقى ممكناً.
بالإضافة إلى ذلك، صرّح سيرغي لاغودينسكي عضو البرلمان عن حزب الخضر، المشارك في الحكومة، لصحيفة “تاغس شبيغل” أن الجيش الألماني متواجد حاليا بالفعل في منطقة الشرق الأوسط من خلال المهمة العسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، لافتاً أنه منذ عام 2015، تم نشر ما يصل إلى 500 جندي ألماني في العراق والأردن لتزويد الطائرات الأمريكية بالوقود، على سبيل المثال.
بقيت الحكومة الفيدرالية متحفظة بشكل كبير بشأن هذا النقاش في المؤتمر الصحفي الدوري في برلين الأربعاء المنصرم (السابع من أغسطس/آب 2024). قال المتحدث باسم وزير الدفاع بيستوريوس، أرني كولاتز: “هذا ليس موضوعًا للنقاش فيما يتعلق بالجيش الألماني. نحن نعلم ما الذي يلزم القيام به سياسيا قبل أن يتم طرح السؤال عن الجيش الألماني.”
بعبارة أخرى، ما يشير إليه المتحدث، أن الموافقة على نشر جنود ألمان لدعم إسرائيل لا يمكن أن يتم إلاّ عبر تصويت الأغلبية في البوندستاغ، وهذه الأغلبية غير متوفرة حالياً. (DW)
[ads3]