دويتشه فيله : لماذا أصبحت ألمانيا وجهة بديلة للمهاجرين في إيطاليا ؟

 

تحتاج كل من ألمانيا وإيطاليا إلى العمالة الأجنبية في مختلف القطاعات، مما يجعلهما وجهتين للعمال الأجانب خاصة في السنوات الأخيرة، لكن الفرق الجغرافي يجعل إيطاليا تعاني من ضغط قوارب الهجرة غير القانونية القادمة من الدول الإفريقية المطلة على البحر المتوسط، بينما لا يصل إلى ألمانيا سوى المهاجرين القانونيين أو طالبي اللجوء بنسبة قليلة.

تحدث مهاجر نيوز لأشخاص خاضوا تجربة الهجرة في البلدين، وخبروا الفوارق الاقتصادية والاجتماعية، وعلى إثرها قرروا الاستقرار في أحدهما. ومن بين هؤلاء، سليمة، مواطنة تونسية حصلت على الإقامة الدائمة في إيطاليا رفقة زوجها وأبنائها بعد استقرار الأسرة هناك لما يزيد عن عشر سنوات، لكنهم اتخذوا قرار الانتقال إلى ألمانيا قبل ثلاث سنوات.

تحدثت سليمة عن الفرق الكبير في سوق العمل بين البلدين خاصة بالنسبة للمرأة، فقالت “لا توفر إيطاليا الفرص بنفس الحجم ولا بنفس الرواتب، وهذا أهم ما جعل أسرتي تتخذ قرار الهجرة، كان الحل الأفضل لمستقبل أكثر استقرارا بالنسبة لنا”.

وشرحت سليمة أنها عملت هناك في مستودع لشركة طرود عالمية، وقالت “كنت أحصل على 8 يوروهات كتعويض عن الساعة، بينما هنا تصل التعويضات أحيانا لما بين 13 و 15 يورو في الساعة. كما أن زوجي يجني مرتباً أفضل بكثير مما كان يحصل عليه من العمل نفسه في إيطاليا. مادياً صار وضعنا أفضل بكثير”.

وبينما أظهرت في الآونة الأخيرة بيانات وزارة العمل الإيطالية أن 25 بالمئة من عروض العمل في إيطاليا في الوقت الحالي موجهة إلى العمال الأجانب، وأشارت إلى أن هناك 650 ألف عرض لعقود عمل، خاصة من قبل شركات في قطاع السياحة، حيث إن حوالي 20 بالمئة من عروض العمل في هذا القطاع وحده، تستهدف العمالة الأجنبية، إلا أن الحديث مع المهاجرين يوضح أن ألمانيا صارت أكثر جاذبية بالنسبة للأجانب.

حقيقة أكدها الشاب السوري حمزة، الذي اشتغل لسنوات بمطعم إيطالي في روما، لكنه قرر مؤخراً الانتقال نحو ألمانيا، وحول قراره يقول “لا مجال للمقارنة، الدخل هنا مرتفع عن إيطاليا، كما أنه من السهل القدوم إن كنت تتوفر على أوراق إقامة قانونية، لذلك لم أتردد أبدا”.

وبرر حمزة اختياره خلال حديثه لمهاجر نيوز بالقول: “ليس المهاجرون فقط من يغادرون من إيطاليا نحو ألمانيا، بل لي زملاء إيطاليون أيضا غادروا لأجل دخل أفضل، واختيارهم ما شجعني على خوض التجربة”.

يعرف الإيطاليون في ألمانيا بامتهان تخصصاتهم الشهيرة عموما، إذ يعمل الكثير منهم في مجال الطبخ الإيطالي ويفتتحون مشاريع البيتزا والمعجنات الإيطالية أو محلات لبيع المثلجات. كما توضح الإحصائيات الرسمية أن نسبة الإيطاليين في ألمانيا بلغت 4,6 بالمئة من مجموع الأجانب في البلد نهاية سنة 2023، أي يتجاوز عددهم حسب موقع مكتب الإحصاء الألماني 644 ألفاً.

رامي، مواطن مصري عاش تجربة الهجرة في البلدين معا، لكنه على عكس حمزة وسليمة، لم يختر البقاء في ألمانيا بعد مغادرة إيطاليا لأشهر. ويوضح اختياره في حديثه لمهاجر نيوز قائلا: “لا أنفي أبدا أن الإغراءات المادية تدفع أي شخص للتفكير في الاستقرار في ألمانيا، لكن الكثير من التفاصيل، تجعل الكثيرين يختارون العودة مهما طالت تجربتهم هناك”.

أكد رامي في حديثه لمهاجر نيوز أنه تلقى عرضا مغريا لنقل عمله إلى ألمانيا بشكل نهائي، فهو يعمل في مجال نقل البضائع وقد أسس شركته الخاصة في إيطاليا منذ سنوات، لكنه رفضه لأسباب كثيرة. وكان العمل المؤقت في ألمانيا قد طال لأشهر فجعله يتعرف على تفاصيل الحياة هنا ومكنته التجربة من المقارنة.

اقرأ أيضا: وزارة العمل الإيطالية: 25% من عروض العمل تستهدف المهاجرين
حسب قوله، فإن “الأعزب سيفضل دائما إيطاليا، لأن الحياة فيها صاخبة وأكثر حيوية، كما أن الضرائب فيها أقل بكثير عن ألمانيا. بينما الأسر ستفضل ألمانيا طبعا، لأن المساعدات الاجتماعية أفضل والضرائب تكون مخففة عن الأسر على عكس العزاب”.

وأضاف رامي أن الطقس يلعب دورا مهما في اختياره العودة وعدم الاستقرار في ألمانيا، يقول: “الطقس بارد وكئيب أغلب أشهر السنة، لا يساعدك أبدا على التأقلم. إضافة لجدية الشعب الألماني ونمط الحياة الرتيب جدا، إنهم لا يشبهون الإيطاليين، الذين يشبهون بدورهم شعوبنا المتوسطية، شعوب مليئة بالحياة وتعشق السهر والمرح ولا تقيدها البيروقراطية والقوانين في كل تفاصيل الحياة”.

ومن أهم الفوارق التي تحدث عنها المستجوبون الثلاثة، كون إيطاليا تتسامح مع وجود المهاجرين غير القانونيين، أيا كانت جنسيتهم. وكما قال رامي “وإن كنت مهاجرا غير قانوني، لن تعيش رعب الترحيل في إيطاليا كما ألمانيا، ولن تخاف من مغادرة المنزل لأنك لا تملك إقامة سارية المفعول، إيطاليا بلد هجرة منذ سنوات طوال شعبها وإداراتها ألفوا تواجدنا بكل الصيغ وفي كل مكان، عكس ألمانيا، التي لم تتأقلم بعد مع التواجد الكثيف للأجانب في وقت قصير”، حسب تعبيره. (DW)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها