بي بي سي : كيف ينتشر جدري القرود وما هي طرق الوقاية من الإصابة به ؟
أعلنت منظمة الصحة العالمية، الأربعاء، جدري القرود حالة طوارئ صحية عامة على الصعيد العالمي لثاني مرة خلال عامين، وذلك عقب امتداد تفشي الوباء الفيروسي من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى دول مجاورة.
ويثير تفشي جدري القرود الحالي القلق أكثر هذه المرة من التفشي السابق لأنه ينطوي على متحور جديد من المرض، يقول الخبراء إنه أكثر التحورات التي رأوها على الإطلاق.
كيف يمكن الوقاية من الإصابة بالمرض؟
هناك عدة خطوات أساسية للحماية والوقاية من الإصابة بجدري القرود.
أولا: التطعيم
حتى الآن يُوصى بالحصول على جرعتين من لقاح JYNNEOS للوقاية من جدري القرود، بفاصل أربعة أسابيع بين كل جرعة.
لكن إذا كان المريض متعافي سابق من المرض، فلا داعي للتطعيم لأن الجسم أصبح يمتلك الأجسام المضادة للمرض.
ثانيا: تجنب الجنس العشوائي
الاتصال الجسدي أو الجنسي المباشر مع شخص مصاب بالمرض يزيد خطر الإصابة بالمرض.
حتى في حال تلقي اللقاح يجب الحذر من التلامس الجسدي أو ملامسة جلد المصابين، سواء جنسيا أو في الأماكن العامة وحمامات السباحة أو على الشواطئ.
ثالثا: تجنب الحيوانات
يجب تجنب ملامسة الحيوانات التي تحمل فيروس جدري القرود لأنها ناقلة للعدوى، حتى لو كانت هذه الحيوانات في المنزل يجب عزلها فورا.
وكذلك تجنب ملامسة الأشخاص الذين يعانون من أي مرض جلدي مثل: البثور أو القشور أو الطفح الجلدي حتى لو لم يكن جدري القرود.
ويظهر الطفح الجلدي على اليدين أو القدمين أو الصدر أو الوجه أو الفم ومناطق أخرى مثل الأعضاء التناسلية، لذلك يجب عدم ملامسة أو السلام باليد على هذا الشخص.
رابعا: الأدوات الناقلة للعدوى
يجب الحذر الشديد من استخدام أية أدوات أو مواد قد تكون ناقلة للعدوى في أماكن العمل أو الأماكن العامة، مثل الجلوس في مقعد شخص مصاب أو استخدام أكواب أو أدوات حلاقة استخدمها المصاب.
وحتى الفراش والمناشف والحمامات العامة قد تكون ناقلة للفيروس إذا استخدمها شخص مصاب بالعدوى.
خامسا: تطهير اليدين كثيرا
غسيل اليدين بالماء والصابون باستمرار وتطهيرهما بمطهر يحتوي على الكحول، وسيلة فعالة للوقاية من الإصابة بالعدوى، خاصة بعد ملامسة أي شيء في أماكن عاملة أو في مكان العمل أو تناول الطعام.
مرض جدري القرود يسببه فيروس جدري القردة. وهو ينتمي إلى نفس مجموعة الفيروسات التي تسبب الجدري (ولكنه أقل ضررا بكثير).
كان الفيروس في الأصل ينتقل من الحيوانات إلى البشر، ولكنه الآن ينتقل أيضا بين البشر.
وهو أكثر شيوعا في القرى النائية في الغابات المطيرة الاستوائية في أفريقيا، في دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية.
في هذه المناطق، توجد آلاف الحالات ومئات الوفيات بسبب المرض كل عام- مع إصابة الأطفال دون سن 15 عاما بشكل أسوأ.
وتوجد سلالتان رئيسيتان متداولتان من الفيروس.
“الفئة الأولى” متوطنة في وسط أفريقيا. وهذه “الفئة” هي النوع الجديد الأكثر ضراوة من الفيروس، الذي يشارك في تفشي المرض الحالي.
وتقول مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أفريقيا أنه كانت توجد أكثر من 14500 إصابة بجدري القرود، وأكثر من 450 حالة وفاة بسببه بين بداية عام 2024 ونهاية يوليو/تموز. وهذا يمثل زيادة بنسبة 160 في المئة في الإصابات وزيادة بنسبة 19 في المئة في الوفيات مقارنة بنفس الفترة في عام 2023.
وبينما تظهر 96 في المئة من حالات الإصابة بجدري القرود في جمهورية الكونغو الديمقراطية، أخذ المرض ينتشر إلى العديد من البلدان المجاورة، مثل بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا- حيث لا يكون متوطنا عادة.
وتسببت سلالة أخف من جدري القرود تسمى “كليد 2″، وتوجد في غرب أفريقيا، في تفش عالمي في عام 2022.
وانتشر المرض إلى ما يقرب من 100 دولة، من بينها دول في أوروبا وآسيا، لا ترى الفيروس عادة، ولكن سيطر عليه من خلال تطعيم الفئات الضعيفة.
وهناك ضعف في الوصول إلى لقاحات وعلاجات جدري القرود في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويشعر مسؤولو الصحة بالقلق إزاء انتشار المرض.
تشمل الأعراض الأولية الحمى والصداع والتورم وآلام الظهر وآلام العضلات.
بمجرد أن تنخفض درجة الحرارة، يمكن أن يظهر طفح جلدي، وغالبا ما يبدأ على الوجه، ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، ويكون هذا أكثر شيوعا على راحة اليدين وباطن القدمين.
ويتغير الطفح الجلدي، الذي قد يكون شديد الحكة أو مؤلما، ويمر بمراحل مختلفة قبل أن يتحول أخيرا إلى قشرة، تسقط لاحقا. ويمكن أن تسبب الجروح ندبات.
وتختفي العدوى عادة من تلقاء نفسها، وتستمر من 14 إلى 21 يوما.
ويمكن أن تهاجم الجروح في الحالات الخطيرة الجسم بالكامل، وخاصة الفم والعينين والأعضاء التناسلية.
كيف ينتشر المرض؟
ينتشر جدري القرود من شخص لآخر من خلال الاتصال الوثيق مع شخص مصاب- من خلال ممارسة الجنس مثلا، وملامسة الجلد للجلد، والتحدث أو التنفس بالقرب من شخص آخر.
ويمكن أن يدخل الفيروس الجسم من خلال الجلد المصاب، أو الجهاز التنفسي، أو من خلال العينين، أو الأنف، أو الفم.
ويمكن أن ينتشر أيضا من خلال لمس الأشياء الملوثة بالفيروس، مثل الفراش والملابس والمناشف.
ومن الطرق الأخرى الاتصال الوثيق بالحيوانات المصابة، مثل القرود والجرذان والسناجب.
وخلال تفشي المرض العالمي في عام 2022، كان انتشار الفيروس في الغالب من خلال الاتصال الجنسي.
إن تفشي المرض الحالي في جمهورية الكونغو الديمقراطية يكمن وراءه الاتصال الجنسي، ولكن عثر عليه أيضا في مجتمعات أخرى.
من هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة؟
توجد معظم الحالات غالبا لدى الأشخاص النشطين جنسيا والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال. ويمكن أن يكون الأشخاص الذين لديهم العديد من الشركاء الجنسيين الجدد أكثر عرضة للخطر.
ويمكن أن يصاب بالفيروس أي شخص على اتصال وثيق مع شخص مصاب بأعراض، بما في ذلك العاملون الصحيون وأفراد الأسرة.
والنصيحة الواجبة هي تجنب الاتصال الوثيق مع أي شخص مصاب بجدري القرود، وتنظيف يديك بالماء والصابون إذا كان الفيروس في مجتمعك.
ويجب على المصابين بالمرض عزل أنفسهم عن الآخرين حتى تختفي جميع جروحهم.
وتقول منظمة الصحة العالمية إنه يجب استخدام الواقي الذكري كإجراء احترازي عند ممارسة الجنس لمدة 12 أسبوعا بعد الشفاء.
من خلال الدراسات المتعلقة بانتقال المرض، تبين أن الأشخاص الأكثر عرضة للخطر هم الأشخاص الذين يعيشون في مناطق قريبة من بؤر انتشار الفيروس أو أولئك الذين سافروا إلى البلدان الأفريقية.
فضلا عن الأشخاص الذين كانوا على اتصال وثيق بالحيوانات أو المرضى المصابين، سواء في المنازل أو أماكن العمل.
ويظل العاملون في القطاع الصحي من أكثر الفئات المعرضة لخطر الإصابة أيضا، كونهم في حالة تعامل مباشر مع المرضى.
ومع ذلك، فإن معدلات انتشار الفيروس عبر وسائل أخرى لا تزال منخفضة للغاية.
ما هي شدة المرض ومعدلات الوفيات؟
ما يزيد خطر انتشار العدوى هو أن الأعراض ربما لا تظهر سريعا، وتتراوح فترة حضانة فيروس جدري القرود ما بين 6 إلى 13 يوما، وبعدها تبدأ الأعراض في الظهور. يمكن تقسيم الأعراض إلى مرحلتين رئيسيتين، كما يلي:
المرحلة الأولى: تكون خلال خمسة أيام، وتظهر فيها أعراض الحمى، الصداع، الأوجاع في الجسم، وآلام الظهر، ثم تتطور إلى التهاب وتورم العقد الليمفاوية.
ويعد تورم العقد الليمفاوية بمثابة أكثر الأعراض التي يميز جدري القرود عن الجدري وجدري الماء لأن الأخير لا يسبب هذا العَرَض.
المرحلة الثانية: بعد خمسة أيام يظهر الطفح الجلدي، ويكون أولا على الوجه والذراعين، ويمكن أن يحدث أيضا على اليدين والقدمين والفم وداخل العينين وحولهما.
يبدأ على شكل طفح جلدي أحمر سرعان ما يتطور إلى بثور شفافة تتحول إلى اللون الأصفر بمرور الوقت، وفي النهاية تجف وتتساقط.
وفي الحالات الشديدة، يمكن أن تصبح هذه البثرات كبيرة جدا وتزيل مناطق من الجلد عندما تتقشر، على الرغم من أن جميع الأعراض تختفي بشكل عام دون علاج بعد (2-4) أسابيع.
ما هي شدة المرض ومعدلات الوفيات؟
على الرغم من أن الأعراض تشبه أعراض الجدري، إلا أن أعراض جدري القرود هي في الواقع أقل خطورة، حيث يتعافى معظم المرضى دون علاج خلال (2-4) أسابيع من الإصابة بالفيروس.
تبلغ معدلات الوفيات بسبب هذا المرض حوالي 11 في المئة من عدد الإصابات، وتحدث معظم الوفيات بين الأطفال.
لكن في ظل الاكتشاف المبكر واستخدام العلاج المناسب ينخفض معدل الوفيات إلى ما بين (3-6) في المئة، حيث تبين أن الأطفال والمراهقين وأولئك الذين يعانون من قصور في جهاز المناعة هم الأكثر عرضة للخطر لأن معظم السكان البالغين تلقوا لقاح الجدري، والذي يمكن أن يلعب دوراً في الوقاية من الجدري. بصرف النظر عن حمايتهم من جدري القرود.
والمضاعفات الخطيرة المرتبطة بهذا الاضطراب هي الالتهابات المتكررة، والالتهاب الرئوي، والتهابات الدم، والتهابات الجهاز العصبي، وفقدان البصر الناجم عن التهابات العين.
كيف يمكن علاجه؟
يمكن أن يكون الدواء المصمم لعلاج الجدري مفيدا أيضا لعلاج جدري القرود، ولكن البحوث بشأن مدى فعاليته لا تزال محدودة.
ويمكن السيطرة على تفشي المرض عن طريق منع العدوى- وأفضل طريقة للقيام بذلك هي اللقاحات.
وهناك ثلاثة لقاحات موجودة ولكن لا يستطيع الحصول عليها سوى الأشخاص المعرضين للخطر، أو الذين كانوا على اتصال وثيق بشخص مصاب.
ولا توصي منظمة الصحة العالمية حاليا بتطعيم السكان بالكامل.
وهناك حاجة إلى المزيد من التجارب للقاحات المضادة لسلالات جدري القرود الجديدة لفهم مقدار الحماية التي توفرها.
وطلبت منظمة الصحة العالمية في الفترة الأخيرة من مصنعي الأدوية طرح لقاحات جدري القرود الخاصة بهم للاستخدام في حالات الطوارئ، حتى لو لم تكن هناك موافقة رسمية على هذه اللقاحات في البلدان التي تحتاج إليها. (BBC)
[ads3]