هيومن رايتس ووتش : لبنان و قبرص يعرقلان وصول اللاجئين السوريين إلى أوروبا و يعيدونهم قسراً إلى سوريا

 

أفاد تقرير جديد صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش” يوم الأربعاء، أن الجيش اللبناني والسلطات القبرصية يعملان معا لمنع اللاجئين من الوصول إلى أوروبا، ثم ترحيلهم ليواجهوا الخطر في سوريا.

وأشار التقرير إلى أن خفر السواحل القبرصي يسهل إعادة اللاجئين القسرية من خلال دفع اللاجئين للعودة إلى لبنان، بينما يضخ الاتحاد الأوروبي الأموال للجيش اللبناني.

وذكر التقرير المكون من 90 صفحة والذي يحمل عنوان “لا أستطيع العودة إلى بلدي أو البقاء هنا أو الرحيل: صدّ وإرجاع اللاجئين السوريين من قبرص ولبنان”، أن “رغم التصريحات الصادرة عن المانحين الأوروبيين حول التزامات حقوق الإنسان، استمر التمويل الأوروبي لوكالات الأمن اللبنانية المسؤولة عن إدارة الحدود، في الوقت الذي كانت فيه هذه الوكالات متورطة في عمليات إعادة قسرية وإبعاد للاجئين السوريين”.

يتناول التقرير الأسباب التي تدفع اللاجئين السوريين في لبنان إلى السعي اليائس لمغادرة البلاد والوصول إلى أوروبا، وكيفية تصدي الجيش اللبناني لهم وإعادتهم إلى سوريا فوراً. كما يوضح التقرير كيف أن خفر السواحل القبرصي يعيد اللاجئين الذين تصل قواربهم إلى قبرص إلى لبنان، ليقوم الجيش اللبناني بعد ذلك بإعادتهم إلى سوريا مباشرةً.

استندت نتائج التقرير إلى أدلة فوتوغرافية وفيديوهات، وبيانات تتبع الطائرات والزوارق، بالإضافة إلى شهادات ستة عشر لاجئاً سورياً وطالب لجوء حاولوا مغادرة لبنان وواجهوا ظروفاً متزايدة العدائية. من بين هؤلاء، عانى خمسة عشر لاجئاً من انتهاكات حقوق الإنسان على يد السلطات اللبنانية أو القبرصية، بما في ذلك الاعتقال والضرب والتقييد الجسدي والإهانات اللفظية.

كما تمت إعادة أحد عشر منهم قسراً إلى سوريا من قبل الجيش اللبناني، بما في ذلك أربعة كانوا قد أعيدوا سابقاً من قبرص إلى لبنان.

وقالت نادية هاردمان، الباحثة في قسم حقوق اللاجئين والمهاجرين في “هيومن رايتس ووتش”، لقناة “يورونيوز”: “إننا لا نواجه فقط انتهاكاً صارخاً للحق في طلب الحماية الدولية، الذي حرمتهم منه السلطات القبرصية واللبنانية، بل نواجه أيضاً حالات من الضرب والدفع والتقييد والاحتجاز القسري والمعاملة غير الإنسانية”.

وأضافت: “لقد تم إجبارهم أحياناً على العودة إلى سوريا، حيث وثقنا (…) الطريقة التي يتم بها احتجاز العائدين من اللاجئين بشكل تعسفي، واختفاؤهم وأحياناً قتلهم”.

وأشارت هاردمان إلى أن تصرفات السلطات القبرصية واللبنانية تمثل انتهاكاً واضحاً لمبدأ “عدم الإعادة القسرية”، الذي يحظر على الدول طرد أي شخص إلى بلد قد يتعرض فيه لمعاملة قاسية أو مهينة.

تدهورت الظروف التي يواجهها اللاجئون السوريون في لبنان، الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم بالنسبة لعدد السكان، بما في ذلك 1.5 مليون لاجئ سوري، بشكل كبير في السنوات الأخيرة مع تزايد العداء تجاههم.

وقد تم رصد زيادة حادة في عدد اللاجئين السوريين الذين يعبرون بشكل غير منتظم إلى قبرص، وهي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، في أبريل، وسط تزايد عدم الاستقرار الإقليمي، مما دفع السلطات القبرصية إلى تعليق معالجة طلبات اللجوء.

وفي رد فعل على ذلك، أعلن الاتحاد الأوروبي في مايو عن حزمة مالية قدرها مليار يورو للبنان حتى عام 2026، تشمل تمويل تجهيز وتدريب الجيش اللبناني لتحسين إدارة الحدود.

تقول “هيومن رايتس ووتش” إن الاتحاد الأوروبي يواصل ضخ الأموال إلى السلطات والمؤسسات اللبنانية دون فرض الضوابط اللازمة لضمان التزامها بحقوق الإنسان الأساسية.

وقالت هاردمان لـ “يورونيوز”: “لا توجد شروط متزامنة تضمن أن هذه المؤسسات، وهذه الوكالات تمتثل لمبادئ حقوق الإنسان الأساسية”.

أخبرت المفوضية الأوروبية “هيومن رايتس ووتش” في رسالة مؤرخة في 20 أغسطس أن التدخلات الممولة من الاتحاد الأوروبي التي تنفذها ICMPD “تتم متابعتها عن كثب من قبل المفوضية الأوروبية، بما في ذلك عبر وفد الاتحاد الأوروبي في بيروت”.

تضيف المنظمة غير الحكومية أنه في الوثائق الداخلية التي حصلت عليها، تعترف المفوضية الأوروبية بأن “الجهات الأمنية المستفيدة من المشاريع الممولة من الاتحاد الأوروبي قد تتصرف ضد المعايير الدولية لحقوق الإنسان”.

يأتي كشف “هيومن رايتس ووتش” عن هذه القضية في الوقت الذي تُجري فيه رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، لقاءات مع المرشحين لتشكيل “مجلس” المفوضين الجدد المسؤولين عن توجيه عمل الجهاز التنفيذي للاتحاد الأوروبي خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأكدت هاردمان أنه “لطالما كافأ الاتحاد الأوروبي لبنان على منع المهاجرين من الوصول إلى أوروبا بمشاريع إدارة الهجرة. بدلا من الاستعانة بجهات خارجية لارتكاب الانتهاكات، يتعين على الاتحاد الأوروبي والمانحين الآخرين أن ينشئوا على الفور آليات مباشرة ومستقلة لمراقبة الامتثال لحقوق الإنسان في عمليات مراقبة الحدود اللبنانية”. (euronews)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها