دويتشه فيله : أحكاما مسبقة و تمييز تجاه فئات معينة .. دراسة جديدة تلقي نظرة على العمل اليومي للشرطة في ألمانيا

 

اعتادت الشرطة في ألمانيا على أن توجه ضدها اتهامات بالعنصرية . البعض يعتقد أنها مجرد حوادث فردية، بينما يرى آخرون أنها مشكلة جوهرية. وأُجريت العديد من الدراسات حول هذا الموضوع، لكنها لم تقدم نتائج حاسمة. أستريد ياكوبسن وفريقها من أكاديمية الشرطة في ولاية سكسونيا السفلى قاموا بإجراء دراسة نُشرت مؤخرًا، حيث تابعوا عمل الشرطة عن كثب على مدى عامين، وقاموا بمرافقة أفراد الشرطة رجالا ونساء لعدة أسابيع خلال أداء مهامهم.

كانوا يجلسون في سيارات الشرطة، ويعملون في مراكز الشرطة، ويتواجدون في الميدان، بما في ذلك في مواقف خطيرة مثل التحقيق في حالات العنف الأسري، الجرائم الخطيرة، أو مرافقة مباريات كرة القدم.

“هناك تنوع هائل في التحديات المختلفة وكذلك في أساليب العمل المتباينة”، تشير ياكوبسن، مؤكدة أنه لا يمكن التحدث عن “الشرطة” ككيان واحد، ومشددة على أهمية فهم كل موقف بخصوصيته.

وأجرى فريق البحث دراسة العمليات المعقدة لعمل الشرطة وطرحوا سؤالًا مهمًا: “في أي الأماكن يمكن أن يزيد التمييز أو أن تكون احتماليته واردة؟” وأكدت ياكوبسن أن هذا قد يحدث دون نية مسبقة من رجال الشرطة. وأضافت أن المواقف تصبح أكثر صعوبة في حالات التفتيش العشوائي التي لا تستند إلى معلومات واردة من المواطنين.

من الأسئلة التي تواجه الشرطة بشكل مستمر هي: “أين نقوم بالتفتيش؟”، حيث يكمن التحدي في اتخاذ قرارات حول أماكن التوجه والمراقبة والتفتيش. وذكرت ياكوبسن مثالاً على حالة شهدتها هي وفريقها، حيث تم البحث بشكل عشوائي عن ألبان يشتبه في تورطهم بتجارة الكوكايين. هذا التعميم، وفقًا لها، وجه مسار المراقبة ليقتصر على سلوكيات الأشخاص الذين وقعوا في دائرة تركيز الشرطة، بينما لم تتم مراقبة الآخرين.

تشير ياكوبسن إلى أن عمل الشرطة اليومي يتضمن مواقف تهدد حياة أفراد الشرطة وصحتهم. في كثير من هذه المواقف، قد لا يتم النظر بشكل دقيق إلى الوضع عند إضافة ما يسمى بـ”محفزات الخطر العرقي”، والمقصود بذلك على سبيل المثال التقييم العام للروس بأنهم عنيفين بشكل خاص، أو من يسمون بـ”الجنوبين” (إي القادمين من جنوب أوروبا) وتقييمهم بأنهم أكثر اندفاعًا ولا يمكن التنبؤ بأفعالهم.

وتقول ياكوبسون إنه في إحدى العمليات في منطقة محرومة اجتماعيا، قال لنا أفراد الدورية إنهم يعرفون المنطقة تماما وأنها “زبون من نوع خاص”، كما تم استخدام كلمات مثل “الغجر” و”عشيرة” ، مما زاد من التقييم السلبي للخطر بناءً على تصنيفات عرقية. وتوضح ياكوبسن وهي تقيم هذا السلوك من جانب أفراد الشرطة: “أصبح من الواضح أن تقييم المخاطر قد تفاقم بسبب إضافة تصنيفات عرقية وإثنية”.

والمهم بالنسبة لياكوبسن هو منهج الدارسة التي قامت بها، وأوضحت: لم يكن التركيز على المواقف والقيم الفردية لعناصر الشرطة. وتقول الدراسة: “لم يكن الأمر يتعلق بالأفراد الذين يتصرفون بشكل غير لائق أو عنصري أو الذين يتصرفون بشكل غير صحيح بسبب التوتر أو الخوف – ولكن حول ما إذا كانت بعض الإجراءات والروتينات في عمل الشرطة اليومي مصممة بطريقة تزيد من خطر التمييز ضد مجموعات معينة من الناس”.

وتحذر الدراسة من مخاطر “النظرة الضيقة” التي تركز على المظهر الخارجي في اختيار الأشخاص للمراقبة. فعادة ما يتم مراقبة الأشخاص الذين يتوافق مظهرهم مع التصورات النمطية للجناة في الأماكن العامة، بينما يتم تجاهل الآخرين.

ونقلت الدراسة عن أحد أفراد الشرطة قوله: “يمكنك التعرف على تجار المخدرات من خلال مظهرهم الخارجي. وهذا يعتمد على الخبرة، فالألباني والأوروبي الشرقي يبدوان كما يبدوان”. والمشكلة هنا من وجهة نظر فريق الدراسة هي: لأن الناس يبدون “كما يبدون” وليس لأنهم يتصرفون بشكل مثير للريبة، فإنهم يصبحون بشكل منهجي محور مراقبة الشرطة.

وأظهرت الدراسة أن رجال الشرطة غالبا ما يفترضون العداء أو عدم الاحترام من الشباب من أصل عربي أو تركي ومن الأفراد ذوي الميول السياسية اليسارية، مما يؤدي إلى معاملتهم بدرجات أشد من القسوة، بحسب ما كتبت وكالة رويترز.

وتؤدي مثل هذه الافتراضات والأحكام المسبقة إلى قيام الشرطة بالإفراط في أداء واجبها ونشر قوات أكبر في المواقف المرتبطة بهذه المجموعات، بغض النظر عن مستوى التهديد الفعلي، بالإضافة إلى تعزيز التصورات السلبية عن هذه المجموعات باعتبار أنها تشكل تهديدا للسلامة العامة، وتبين أيضا أن عائق اللغة يؤدي إلى زيادة التمييز، تضيف رويترز.

من الواضح أن الشرطة تدرك أن هناك مشكلة في التصور الانتقائي. فالمحققون المتخصصون في قضايا المخدرات يعترفون بأنهم تمكنوا من ضبط كميات كبيرة من المخدرات بفضل استخدام كلاب البوليس، والتي اكتشفت مع أشخاص لم يكونوا ليتحققوا منهم لأنهم لم يتطابقوا مع صورة الجاني النمطية.

تشير ياكوبسن إلى أن نتائج هذه الدراسة قد تؤدي إلى تغييرات. فالشرطة ووزارة الداخلية في سكسونيا السفلى أعربوا عن اهتمامهم بتطوير إجراءات عمل جديدة بناءً على هذه النتائج. كما يمكن تطبيق هذه النتائج في ولايات أخرى. وبالنظر إلى الهجوم في زولينغن، الذي نفذه إسلاموي مفترض، وخلف ثلاثة قتلى، وترى الخبيرة بشؤون الشرطة أن مكافحة التمييز أصبحت أمرًا ملحًا، لأن الأشخاص الذين يتعرضون للتمييز يكونون أكثر عرضة للتطرف. (DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها