دويتشه فيله : اللوم على الأجانب في جرائم ألمانيا .. تفسير يتجاهل الواقع

 

تعتقد السلطات أن عيسى الحاج، الذي نفذ الهجوم المروع في زولينغن، كان عضوًا في تنظيم الدولة الإسلامية. كان الحاج مواطنًا سوريًا وطالب لجوء حصل على حماية فرعية في ألمانيا بعد انتهاء الموعد النهائي لإعادته إلى بلغاريا بموجب لائحة دبلن.

منذ الحادث، تعرضت الحكومة الألمانية لضغوطات لإدخال تدابير أكثر صرامة للحد من عدد طالبي اللجوء من سوريا وأفغانستان المسموح لهم بدخول ألمانيا، أو لتسهيل طرد السوريين والأفغان الذين يرتكبون جرائم خطيرة. تستند هذه الدعوات إلى افتراض أن طالبي اللجوء السوريين والأفغان أكثر عرضة لارتكاب جرائم عنيفة. ولكن، ماذا تقول الحقائق؟ هل هناك فعلاً صلة بين الهجرة ومستويات الجريمة؟

تقول العديد من التقارير الإعلامية والسياسيين إن “الجريمة المرتبطة بالأجانب” أصبحت مشكلة متنامية. في وقت سابق من هذا العام، أكدت وزيرة الداخلية نانسي فايزر ورئيس وزراء الولاية التي شهدت الهجوم بالسكين، هربرت رويل، على أهمية مناقشة “الجريمة المرتبطة بالأجانب”. كما صرحت فايزر بأن زيادة الهجرة ساهمت في ارتفاع معدلات الجريمة.

جاءت هذه التصريحات بعد صدور بيانات من وكالة التحقيقات الجنائية الفيدرالية، BKA) في أبريل، والتي أظهرت زيادة ملحوظة في أعداد المشتبه بهم الأجانب. في عام 2023، سجلت الشرطة 2.3 مليون مشتبه به جنائيًا، وهو أعلى رقم منذ عام 2016، بما في ذلك أكثر من 920 ألف حالة تتعلق بمشتبه بهم غير ألمان.

قد لا تعكس هذه الأرقام أعداد المدانين الفعليين، ولا تشمل بعض أنواع الجرائم مثل التهرب الضريبي. كما أنها تتضمن انتهاكات لقانون الهجرة، مثل الدخول والإقامة غير القانونيين، التي ترتبط أساسًا بالأجانب.

وفقًا لوكالة الأنباء الكاثوليكية الألمانية (KNA)، شهد عام 2023 زيادة في عدد المشتبه بهم من المواطنين الألمان وغير الألمان. من بين 2.3 مليون مشتبه به، كان حوالي 1.3 مليون منهم من المواطنين الألمان، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 1% مقارنة بالعام السابق. أما بالنسبة للمشتبه بهم من غير الألمان، فقد ارتفع عددهم بنسبة 17.8% ليصل إلى أكثر من 920 ألف شخص. يمكن تفسير هذا الارتفاع جزئيًا بالنمو المستمر في عدد المقيمين في ألمانيا الذين لا يحملون الجنسية الألمانية، سواء من حيث العدد المطلق أو كنسبة من إجمالي السكان.

في عام 2023، كانت نسبة الأجانب بين المشتبه بهم الجنائيين أعلى من 41%. بعد استبعاد انتهاكات قانون الهجرة، انخفضت النسبة إلى 34.4%، وفقًا لرئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي هولجر مونش. كما شهد عدد المشتبه بهم الأجانب زيادة ملحوظة في جرائم مثل السرقة والسطو والتهديد والاعتداء الجسدي ومقاومة الاعتقال بالإضافة إلى الجرائم المتعلقة بالمخدرات.

يقول هولجر مونش إن ظروف المعيشة والتعليم والوضع الاقتصادي تلعب دورًا كبيرًا في مستويات الجريمة. في مقابلة مع وكالة فرانس برس، أوضح مونش أن الجريمة تكون عمومًا أعلى في المناطق الفقيرة والمحرومة اجتماعيًا، حيث يتركز عدد أكبر من الأجانب. وأضاف أن الادعاء بأن الأشخاص من بلدان أخرى “أكثر إجرامًا من حيث المبدأ” ليس دقيقًا.

كما يشير علماء الجريمة إلى أن هناك عوامل أخرى تعقد تفسير الأرقام. على سبيل المثال، الإحصاءات تشمل فقط الجرائم التي تم الإبلاغ عنها. بعض الجرائم، مثل اقتحام المتاجر أو سرقة المتاجر حيث يكون الضحية مؤمنًا، يُرجح أن يتم الإبلاغ عنها أكثر من العنف المنزلي. عادةً ما يتم استدعاء الشرطة للجرائم التي تحدث في الأماكن العامة، مثل مراكز طالبي اللجوء، وأقل للجرائم التي تحدث في الأماكن الخاصة.

إن التعريف الواسع لمصطلح “الأجنبي” يمكن أن يؤدي إلى تأثير مشوه. فمصطلح “غير ألماني” لا يشمل فقط طالبي اللجوء واللاجئين، بل يتسع أيضًا ليشمل الأشخاص الذين يمرون عبر ألمانيا، والأشخاص المقيمين بشكل غير قانوني في البلاد، أو الذين يأتون خصيصًا لارتكاب جرائم مثل المتاجرين وأعضاء العصابات الإجرامية. كما يتضمن التعريف أيضًا الطلاب والسياح.

أما بالنسبة لنسبة الأجانب من سوريا، فلا يظهر أنهم الأكثر تمثيلاً. رغم أن معظم المشتبه بهم الأجانب في الجرائم المرتكبة في عام 2023 كانوا سوريين، فإن ذلك يعود إلى نسبهم العالية بين السكان بشكل عام. وفقًا لوكالة الأنباء KNA، عند تحليل الأرقام حسب الجنسية، يتضح أن نسبة المشتبه بهم من السوريين والأفغان والعراقيين كانت باستمرار أقل من المتوسط العام للأجانب. في المقابل، كان العدد النسبي للمشتبه بهم من الجزائر والمغرب وتونس وجورجيا أعلى.

من حيث العدد الإجمالي، الألمان هم الأكثر تعرضًا للعنف. فقد سُجِّلت نحو 1.25 مليون ضحية للجرائم، بما في ذلك المحاولات الفاشلة، في عام 2023، وكان ثلاثة أرباع هؤلاء من المواطنين الألمان. ومع ذلك، من حيث النسب المئوية، الأجانب هم أكثر عرضة للوقوع ضحايا للجرائم. وفقًا للإحصاءات، كان 25% من الضحايا في العام الماضي من الأجانب، وهو ما يزيد بشكل ملحوظ عن حصتهم التي تبلغ حوالي 15.5% من إجمالي سكان ألمانيا. (DW)

[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها