دويتشه فيله : برلين تخطط لإقامة سكن جماعي للاجئين وسط ” مخاوف ” السكان
في شارع سكني هادئ في منطقة شارلوتنبورغ- فيلمرسدورف في برلين، يقع مجمع كبير تعتزم إدارة شؤون اللاجئين في برلين تحويله إلى منشأة إيواء لما يصل إلى 1500 لاجئ. يوجد المبنى في شارع سورشتراسه في ويست إند، حيث يعيش حوالي 20 ألف نسمة، وهو أحد أرقى أحياء العاصمة.
“لا يزعجني الأمر، أعتقد فقط أنه سيكون من الأفضل أن يتم توزيعهم وليس إبقاؤهم في مكان واحد”، كان هذا رأي شاب يتجول في المنطقة مع طفله الصغير. بينما يرى رجل في الخمسينيات من عمره، عاش في المنطقة لما يناهز 24 عامًا أن “تجميع هذا العدد الكبير من الناس تحت سقف واحد سيؤدي إلى مشاكل”.
آمي فون هولزن بونسغين، من منظمة “Willkommen im Westend” التي تقدم الدعم للاجئين في المنطقة، التي التقتها DW في المركز الثقافي حيث يتم تقديم دروس في اللغة الألمانية للأطفال الأوكرانيين، وتقول إنها تتفق تماما مع مخاوف السكان المحليين وتشاطرهم إياها. وقد صرحت لـ DW موضحة أن “إيواء 1500 شخص في مبنى مكاتب سابق فكرة غبية”، مضيفة أنها لا تثق في بعض المشغلين الكبار الذين يتم التعاقد معهم لإدارة مرافق إيواء اللاجئين.
يعيش أكثر من 30 ألف لاجئ في برلين في مرافق إيواء تديرها LAF، وقد تمت الموافقة بالفعل على طلبات اللجوء الخاصة بالعديد منهم، ولكنهم عالقون في مرافق تديرها الدولة لأنهم لم يستطيعوا العثور على سكن بأسعار معقولة في العاصمة. يكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأسر التي لديها أكثر من طفل واحد، لأنه ببساطة لا توجد شقق بعدد كاف من الغرف.
مع نجاح حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، الذي حصل على ما يزيد عن 30 بالمئة من الأصوات في الانتخابات المحلية الأخيرة في سكسونيا وتورينغن، أصبحت الهجرة قضية محورية في كل النقاشات في البلاد. كما أدى هجوم قُتل فيه ثلاثة أشخاص وجُرح ثمانية آخرون في مدينة زولينغن غرب ألمانيا في 23 أغسطس/ آب الماضي الذي يُشتبه في أن منفذه سوري صدر في حقه سابقا حكم الترحيل، إلى محادثات بين الأحزاب حول هذه القضية.
يعتبر نهاد الكايد، الخبير في مجال الهجرة في جامعة هومبولت في برلين، أن التحول لصالح الأحزاب اليمينية خاصة عندما يرتبط الأمر بمواضيع الهجرة هو “تطور مخيف للغاية” في السياسية الألمانية. ويبقى حسب المتحدث “من المثير للقلق أن لا أحد يتخذ موقفا حقيقيا لصالح سياسة لجوء منفتحة وتقدمية، ولا تتخذ 70 بالمئة من الناخبين الذين لم يصوتوا لصالح حزب البديل من أجل ألمانيا في ساكسونيا وتورينغن بعين الاعتبار، حيث لا يوجد إلا عدد بسيط من الألمان”. وأضاف المتحدث أنه “من غير الديمقراطي التركيز على 30 بالمئة، رغم أنه أمر مثير للقلق بالطبع”.
في نهاية 2023، تم تسجيل 3.78 مليون مقيم في برلين، وفقًا للمكتب الإحصائي الاتحادي الألماني. وأفاد المكتب أن برلين استقبلت في عام 2023، ما يصل إلى 16762 طالب لجوء و15144 آخرين فروا من الحرب في أوكرانيا. لقد انخفض عدد الوافدين الجدد قليلاً، إذ تم تسجيل ما يقارب 5000 طالب لجوء جديد في برلين في الأشهر الستة الأولى من عام 2024، غالبيتهم من تركيا وأفغانستان وسوريا، كما وصل العدد نفسه تقريبًا من لاجئي الحرب من أوكرانيا.
يتم توزيع اللاجئين في برلين على الأحياء في المدينة وفقًا لشهر ميلادهم، ولكن الأحياء غالبًا ما تحيلهم من جديد على LAF لأنها لا تملك أماكن أيضًا. ولوقف هذه الدوامة، أعلن مجلس الولاية في برلين مؤخرًا عن سحب هذه المهمة من سلطات الأحياء وتحويلها إلى LAF لتصير سلطة مركزية على مستوى الولاية، مكلفة بإيواء اللاجئين والمشردين.
تقول فون هولزن بونسغين إنه في حين أن النظام المركزي قد يحل مشكلة المناطق التي تتنافس وترفع الأسعار، إلا أنها لا تفكر كثيرًا في الخطط لأن LAF فاشلة فعلا. وتضيف المتحدثة قائلة “هناك أشخاص يعرفون أنهم يستطيعون جني الكثير من المال من هذا الوضع، وهناك الكثير من الانتهاكات، وغالبًا ما تكون جودة الحياة في الملاجئ التي تديرها الدولة سيئة بشكل كبير”.
وتشير الأبحاث إلى أن العامل الحاسم في تحقيق التكامل الاجتماعي والاقتصادي الناجح للاجئين هو وجود مسكن خاص بهم في منطقة تتوفر فيها بنية تحتية جيدة لدعمهم، صحيح أن برلين تتوفر على البنية التحتية اللازمة، لكنها لا تمتلك المباني المخصصة للسكن.
بالنسبة لفون هولزن بونسغين “الفرق بين البنية الأساسية التي يمكن أن توفرها المساحات الحضرية وفشل صناع السياسات، واضح للغاية في جميع المناطق الحضرية تقريبًا في ألمانيا، خاصة في السنوات والعقود الأخيرة في موضوع تأمين مساكن بأسعار معقولة”.
تقدر إدارة مجلس الولاية للتنمية الحضرية والبناء والإسكان في برلين أن المدينة تحتاج حاليًا إلى أكثر من 100000 شقة جديدة لتلبية الطلب، وخاصة للأسر ذات الدخل المنخفض والمتوسط. يضاف إلى ذلك، الحاجة إلى شقق إضافية لـ 200000 شخص من المتوقع أن ينتقلوا إلى العاصمة بحلول 2040.
للمساعدة في تخفيف جزء من المشكلة، تعمل LAF على بناء مزيد من مرافق إيواء اللاجئين، بالإضافة إلى توسيع أماكن الإقامة المؤقتة المتاحة في أكبر وأكثر مرافق اللاجئين إثارة للجدل في برلين في مطار تيغل السابق، الذي يضم حوالي 5000 شخص في خيام مشتركة.
كانت عضو مجلس الولاية لشؤون الاندماج، كانسيل كيتسلتيبه من الحزب الاشتراكي الديمقراطي من يسار الوسط، قد أعلنت في أغسطس/ آب أنها تريد تقليص حجم منشأة إيواء اللاجئين في تيغل، مشيرة إلى التكاليف المرتفعة والمشاكل التي يعيشها القاطنون هناك. وتتلخص الخطة في نقل اللاجئين إلى قرى حاويات جديدة ومرافق متوسطة الحجم، بما في ذلك تلك المخطط لها في سورستراس.
لكن زعيم المجموعة البرلمانية المحلية للحزب الديمقراطي المسيحي، ديرك شتيتنر، لا يوافق كيتسلتيبه، حيث قال لوكالة الأنباء الألمانية “ما دامت الحكومة الاتحادية لا تغير سياستها في اللجوء ولا توقف أو على الأقل تقلل بشكل كبير من التدفق المرتفع لطالبي اللجوء، فسوف نظل في حاجة إلى أماكن إقامة كبيرة”.
في الواقع، تخطط LAF حاليًا لتوسيع منشأة تيغل لإفساح المجال لـ 8000 لاجئ، لكن هذا لن يتحقق قبل سنة 2025، أي عندما يحين وقت تحويل الموقع إلى حديقة أبحاث تكنولوجية للشركات والمؤسسات العلمية. (DW)
[ads3]