دويتشه فيله : هل حظرت ألمانيا تصدير الأسلحة إلى إسرائيل؟

 

مع استمرار حرب غزة، أُطلقت حملات على منصات التواصل الاجتماعي لتعليق تصدير الأسلحة إلى إسرائيل في موقف لاقى قبولا من بعض الدول التي قامت بوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة.

لكن القرار في ألمانيا، التي تعد ثاني أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل، يواجه الكثير من التحديات القانونية. ويرجع الخبراء ذلك إلى كون ألمانيا حليفة وثيقة لإسرائيل، مستشهدة بمسؤوليتها التاريخية عن قتل ستة ملايين يهودي في الهولوكوست خلال الحقبة النازية.

وانطلاقا من ذلك، يؤكد الساسة في ألمانيا على أن أمن إسرائيل وحماية حياة اليهود جزء أساسي من وجود ألمانيا الحالية وأن أمن إسرائيل “مصلحة وطنية عليا” لألمانيا.

وعقب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، زادت صادرات الأسلحة الألمانية بشكل كبير إلى إسرائيل حيث بلغت قيمتها 326 مليون يورو عام 2023 مقارنة بـ 32.3 مليون يورو عام 2022، بحسب البيانات الحكومية.

ويذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.

بيد أنه مع تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة وامتدادها إلى لبنان، ازدادت الدعوات لوقف تصدير الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل؛ إذ قالت منظمات حقوقية إن استمرار تصدير الأسلحة قد يعد بمثابة انتهاك للقانون الدولي.

وتظهر البيانات الجديدة أن الصادرات الألمانية من الأسلحة إلى إسرائيل قد انخفضت بشكل كبير العام الجاري إلى ما يعادل 14,5 مليون يورو حتى سبتمبر/ أيلول بعد أن بلغت 326 مليون يورو العام الماضي.

بيد أن الحكومة الألمانية تقول إنها لم تفرض حظرا على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، حيث شدد المستشار أولاف شولتس على أنه مازال يدعم حق إسرائيل “في الدفاع عن نفسها”، لكن مراقبين يقولون إن الاستراتيجية الألمانية في هذا الصدد قد طرأت عليها بعض التغييرات.

وشملت التغييرات عدم تصدير “المزيد من أسلحة الحرب” التي تُعرف باسم “الأسلحة الحربية”، لكن مع المضي قدما في باقي الصادرات العسكرية الأخرى.

وفي ذلك، قالت وزارة الاقتصاد: تمت الموافقة على تصدير معدات وتقنيات عسكرية إلى إسرائيل بقيمة ثلاثة ملايين يورو في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بينما في يوليو/ تموز الماضي تم إرسال معدات عسكرية بقيمة 35 ألف يورو فقط.

ورغم ذلك، تصر وزارة الاقتصاد على أن هذه الأرقام لا تحمل في طياتها أي إشارة على أن الحكومة قد غيرت موقفها. وفي تصريح لـ DW، قال الناطق باسم الوزارة: “لا يوجد حظر على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، ولن يكون هناك حظر”.

وأضاف المتحدث أن جميع طلبات تصدير الأسلحة “يتم تقييمها استنادا إلى حيثياتها”، قائلا: “تأخذ الحكومة الفيدرالية في الاعتبار الامتثال للقانون الإنساني الدولي. ويأخذ هذا النهج في الاعتبار دائما الوضع الحالي، بما في ذلك الهجمات على إسرائيل من قبل حماس وحزب الله وكذلك مسار العملية في غزة”.

وبعد واشنطن، كانت برلين أكبر مورد للأسلحة لإسرائيل بين عامي 2019 و2023، حيث استحوذت على 30 بالمائة من الواردات، وفق “معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام”. وقال المعهد إن ألمانيا كانت مسؤولة العام الماضي عن 47 بالمائة من إجمالي واردات إسرائيل من الأسلحة التقليدية، بعد الولايات المتحدة التي تخطت نسبتها عتبة الـ 50 بالمئة.

وكشفت البيانات التي صدرت عن المعهد ونشرتها مجموعة “فورينزيك أركيتكتشر” البحثية عن أن 53 بالمائة من تراخيص التصدير التي منحتها ألمانيا بين عامي 2003 و2023 بقيمة 3,3 مليار يورو، تندرج تحت فئة “الأسلحة الحربية” بينما كانت بقية التراخيص معدات عسكرية أخرى.

واضطرت الحكومة الألمانية إلى الدفاع عن دعمها العسكري لإسرائيل داخل أروقة المحاكم الدولية منذ تفجر الصراع.

ففي أبريل/ نيسان الماضي، طلبت نيكاراغوا من محكمة العدل الدولية بأن تأمر برلين بوقف صادرات الأسلحة إلى إسرائيل والعدول عن قرارها بوقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

وفي ردهم، أبلغ ممثلو ألمانيا محكمة العدل الدولية أن “98 بالمائة من التراخيص الممنوحة بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول لا تتعلق بأسلحة حربية، بل بمعدات عسكرية أخرى”.

ونفت رئيسة الوفد القانوني الألماني تانيا فون أوسلار-غلايشن، اتهامات نيكاراغوا وأوضحت أن أغلب ما تورّده بلادها إلى إسرائيل هو معدات تسلح عامة وليس أسلحة يمكن أن يتم استخدامها بشكل مباشر في الأعمال القتالية. (DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها