دويتشه فيله : انتخابات شرق ألمانيا .. تداعيات كارثية محتملة على حكومة شولتس
على الرغم من أن الانتخابات (في الأول من أيلول/ سبتمبر) جرت في ولايتين فقط من أصل 16 ولاية ألمانية، بتعداد خمسة ملايين ناخب فقط من أصل أكثر من 61 مليون ناخب في جميع أنحاء ألمانيا يحق لهم التصويت، إلا أن لهذه الانتخابات في ولايتي تورينغن وسكسونيا أهمية تتجاوز الإطار الإقليمي.
يرجع ذلك جزئيًا إلى أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي المصنف متطرفا في بعض ولايات ألمانيا، حصل لأول مرة في انتخابات برلمانية على أكثر من ثلث الأصوات. وحقق ” تحالف سارا فاغنكنيشت ” اليساري الشعبوي الذي تأسس حديثا نتائج من رقمين.
ومن ناحية أخرى، لأنه لم يحدث من قبل أن حصلت الأحزاب التي تتكون منها الحكومة الاتحادية (الائتلاف الحاكم) في برلين مثل هذه النتائج السيئة معًا في انتخابات إقليمية كهذه.
حصل حزب “البديل من أجل ألمانيا” على أكثر من ضعف الأصوات التي حصلت عليها الأحزاب الألمانية لمكونة لحكومة الائتلاف المسماة “إشارة المرور” وهي الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب الخضر، والحزب الديمقراطي الحر”الليبرالي” مجتمعة. اذ أن نتائج هذه الأحزاب كانت ضئيلة حيث لم يتمكن حزب الخضر والحزب الليبرالي من الحصول على ما يكفي من الأصوات لدخول البرلمانات في كل من سكسونيا وتورينغن.
وفقًا للاستطلاعات، كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي مهددًا أيضًا بفقدان مقاعده في المجالس التشريعية في الولايتين، لكن في النهاية نجا الاشتراكيون من هذه الكارثة. هل أراد الناخبون توجيه رسالة للحكومة الاتحادية؟ أربعة من كل خمسة ألمان غير راضين عن عمل الحكومة في برلين، وهذا ليس جديدًا. في استطلاعا القناة التلفزيون الأولى، الدورية المعروفة بـ “ARD-Deutschlandtrend”، حصل المستشار أولاف شولتس ووزراؤه بشكل منتظم على نتائج سيئة.
وينظر إلى الحكومة الائتلافية على أنها منقسمة وعاجزة عن اتخاذ القرارات باعترف رئيس حزب الخضر، أوميد نوريبور، في ليلة الانتخابات بأنه “يجب علينا مراجعة أنفسنا”. ولم يكن ذلك كافيًا، إذ قامت الحكومة قبل انتخابات الولايتين باتخاذ إجراءات عاجلة استجابة للضغط عقب حادثة الطعن في مدينة زولينغن بولاية شمال الراين ـ ويستفاليا بغرب البلاد قبل أسبوع تقريبا. فيما يتعلق بسياسة الهجرة والأمن ، تم الإعلان عن تشديد الإجراءات بصورة سريعة ومفاجئة، وتم بالعفل ترحيل 28 مجرمًا إلى أفغانستان .
يرى حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) أنه من خلال هذه النتائج قد حصل تأكيد واسع لنهجه السياسي. وأشارت الرئيسة الاتحادية للحزب، أليس فايدل، في مساء يوم الانتخابات إلى أن الانتخابات الإقليمية قد منحت حزبها نجاحًا “تاريخيًا”، ودعت الحكومة الاتحادية إلى الاستقالة. وأضافت: “هذا أيضًا عقاب لحكومة “إشارة المرور”، وأن النتائج تعتبر بمثابة “صلاة جنازة” على استمرارية هذا الائتلاف”. وأضافت: “يجب على حكومة إشارة المرور أن تسأل نفسها عما إذا كانت قادرة على الاستمرار في الحكم. وبعد انتخابات براندنبورغ، يجب أن يُطرح سؤال الدعوة إلى انتخابات جديدة، لأن الأمور لا يمكن أن تستمر على هذا النحو”.
أما المستشار أولاف شولتس فقد وصف النتائج بأنها “مريرة”، معربا عن قلقه من نتائج حزب البديل في سكسونيا وتورينغن. وشدد شولتس على أن “بلادنا لا يمكنها ولا يجب أن تعتاد على ذلك. حزب البديل من أجل ألمانيا يلحق الضرر بألمانيا. إنه يضعف الاقتصاد ويقسم المجتمع ويدمر سمعة بلادنا”.
في 22 سبتمبر/ أيلول الحالي، ستُجرى انتخابات إقليمية في ولاية براندنبورغ الشرقية بعد انتخابات سكسونيا وتورينغن. كما هو الحال هناك، يتصدر حزب البديل في الاستطلاعات، ويأتي الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعده مباشرة. سيبذل الاشتراكيون الديمقراطيون كل ما في وسعهم للحفاظ على الهدوء في الأسابيع التي تسبق موعد هذه الانتخابات، لأن لديهم الكثير على المحك في براندنبورغ.
منذ عام 1990، يقود الحزب الاشتراكي الديمقراطي الحكومة هناك. وحذر رئيس الحزب، لارس كلينغبيل قائلاً: “أتوقع أن يبذل الجميع الآن جهدًا أكبر مما كان عليه الحال حتى الآن”. وأكد على ضرورة العمل معًا لاستعادة أصوات الناخبين، وقال “يجب على الجميع الآن أن يساهموا بدورهم لجعل الوضع الانتخابي أفضل.”
رغم النتائج الضعيفة في الانتخابات البرلمانية في تورينغن وسكسونيا، يمكن للمستشار الألماني أولاف شولتس أن يعتمد على دعم حزبه، وفقًا لما أكده لارس كلينغبيل الذي رفض بذلك جميع النقاشات حول مسألة القيادة داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وأكدت قيادة الحزب أن شولتس سيقود الحزب في الانتخابات الفيدرالية القادمة.”
يمكن أن تتغير هذه الوحدة بشكل مفاجئ إذا فشل إعادة انتخاب رئيس الوزراء ديتمار فويدكه، الذي يشغل منصبه منذ 11 عامًا، في براندنبورغ. عندها، قد تزداد الأصوات داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي التي تطالب باستبدال شولتس بوزير الدفاع الأكثر شعبية بين الجمهور، بوريس بيستوريوس، كمرشح الحزب لمنصب المستشار في الانتخابات الفيدرالية في سبتمبر 2025.
هل سيصمد الائتلاف المكون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، والخضر، والحزب الديمقراطي الحر؟ النتائج السيئة في الانتخابات البرلمانية الإقليمية والنتائج السيئة في استطلاعات الرأي على المستوى الاتحادي تؤثر على المزاج العام فقط. وتتزايد أيضًا الدعوات داخل هذه الأحزاب لتوضيح رؤيتها وهويتها السياسية. قال الأمين العام للحزب الاشتراكي الديمقراطي، كيفين كونرت: “الأمر الآن يتعلق بحزبي في أن يصبح أكثر استقلالية وأن يظهر بشكل أوضح ما يمكن أن يقدمه الحزب الاشتراكي الديمقراطي فقط، وألا نسمح لأحد بالتعدي علينا”.
لا يقتصر النزاع على ميزانية العام القادم التي يجب إقرارها في البوندستاغ، كما يتعين الانتظار لمعرفة ما إذا كانت الحكومة الاتحادية ستتمكن من تنفيذ الإجراءات التي أعلنت عنها في سياسة الهجرة. وهناك أصوات معارضة في الأجنحة اليسارية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر التي لا تتفق مع هذه الإجراءات. (DW)[ads3]