سي إن إن : ماذا يعني لقب ” سيد ” لدى المسلمين الشيعة و هل هو ديني أم سياسي ؟
لماذا يُلقّب بعض القادة أو رجال الدين الشيعة بالسيّد؟ وهل هي رتبة دينية أم سياسية أم عبارة تستخدم للتكريم؟
إن توقفنا عند سيرة أمين عام حزب الله الراحل حسن نصر الله (1960-2024)، سنلاحظ أنّ مناداته بلقب الـ”سيّد” كانت تثير الجدل، رغم أنه لقب ورثه عن أسرته ولم ينسب له بفعل منصب سياسي أو ديني.
بالنسبة لمناصريه، كان يكفي أن يُشار إلى نصر الله بكلمة “السيّد” فقط، ليُفهم من هو الشخص المقصود على الفور.
وفي اللغة السياسية اللبنانية المتداولة، كان يسمّى اختصاراً بـ”السيد حسن”، كما يُقال “الرئيس الحريري (رفيق)” مثلاً، أو “الرئيس برّي (نبيه)”.
في مفردات خصومه، كان استخدام كلمة “السيّد” قبل اسم نصر الله، يثير الرفض والسخرية أحياناً، على اعتبار أنها “تكريم مفرط من قبل جماعته”.
من الملاحظ أن بعض المواقع الناطقة بالإنجليزية تسميه بـ”الشيخ”، وقد يعود ذلك إلى عدم معرفة الفرق بين “الشيخ” و”السيد” عند المسلمين الشيعة.
فما الذي يجب أن نعرفه عن لقب “سيّد” الذي تحوّل إلى قضية سياسية ومحطّ سجال مع اتساع حضور نصر الله خلال الأعوام الـ32 الماضية وصولاً إلى مقتله؟
عند المسلمين الشيعة، يرتدي رجل الدين الذي يُلقَّب بـ”الشيخ” عمامة بيضاء، بينما يرتدي “السيّد” عمامة سوداء.
الشيخ عند المسلمين السُنّة والشيعة هو رجل دين درس الفقه وأصول الشريعة وتبحّر في علوم الدين الإسلامي، وقد يكون إمام مسجد ويقدّم الإرشادات الدينية.
ويُطلق لقب “شيخ الإسلام” على العالم المتبحر في الدين الإسلامي. وفي التصوف، يُسمى “شيخ الطريقة”، وهو من يُرشد مُريديه (أتباع الطريقة). وأحياناً يطلق اللقب على رجل متقدّم في السنّ من باب التكريم.
أما “السيّد” عند الشيعة، فهو رجل دين ينتسب إلى السلالة الهاشمية ويُعتبر من أحفاد فاطمة الزهراء وعلي بن أبي طالب.
وتقول بعض المصادر إن السادة الأوائل كانوا يرتدون العمامة الخضراء تمثّلاً بالحسين، لكن بعد واقعة كربلاء شاع اللون الأسود حداداً، عند ذريته.
بحسب المرجعيات التاريخية والإسلامية، تُنسب ذرية النبي محمد إلى جده عبد المطلب بن هاشم. لذلك، يسمّى من ينتمون إلى سلالة الرسول بالهاشميين.
وكما هو معروف، كان لرسول الإسلام حفيدان، هما الحسن والحسين، من ابنته فاطمة الزهراء وزوجها، ابن عمه الإمام علي بن أبي طالب، رابع الخلفاء الراشدين.
وبحسب المراجع الدينية، تعرف ذريّة الحسن والحسين بالسادة نسبة إلى حديث الرسول: “الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة”. وحالياً، تسمّى ذريّة الحسين بلقب السادة، فيما اصطُلح على تسمية ذرية الحسن بلقب الأشراف، وذلك لتشرفهم بحكم مكة لقرون.
ولا يتعمّم كلّ السادة، بل علماء الدين من بينهم فقط. فهناك عائلات شيعية تكنّى بـ”السيّاد”، ويعود نسبها إلى أحفاد الحسين، مثل عائلات الأمين، والموسوي، وفضل الله، ونصر الله، والصدر، والحسيني، والسيّد، ومرتضى، وفحص، وصفي الدين غيرها.
في دول مثل لبنان وإيران، غالباً ما يُكتب لقب السيد أو السيدة على بطاقة الهوية الرسمية للشخص المولود لإحدى هذه العائلات، فيكون جزءاً من الاسم المستخدم في كلّ الأوراق الرسمية والثبوتية الخاصة به.
تلعب الحوزات العلمية دوراً مهماً بالنسبة لطلاب العلم عند الشيعة من أتباع مذهب الاثنا عشرية، نسبة إلى الأئمة الاثني عشر أو كما يسميهم المسلمون الشيعة “الأئمة المعصومون”.
وعبر التاريخ، كانت تلك الحوزات كما في حوزة النجف (العراق) وحوزة قُم (إيران) تتبع لمرجعية دينية بارزة، وتقوم على فتح باب الاجتهاد، وينشأ لها فروع في عدد من البلدان.
من تلك المدارس والحوزات ذات المكانة الوازنة عبر التاريخ، حوزات جبل عامل الواقعة في جنوب لبنان.
وبحسب عالم الدين والمؤرخ اللبناني جعفر المهاجر (1941)، فإنّ منطقة جبل عامل كانت منذ منتصف القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) وحتى منتصف السادس عشر الميلادي، مركزاً للنشاط الفكري من تدريس ودراسة وتصنيف وغيرها، ونشوء حوزات في البلدات يقصدها طالبو العلم. و”غالباً ما كانت هذه الحوزات تقوم على بروز أستاذ فاضل يجذب الطلاب للدراسة عليه، وتختفي مع غيابه أو ظهور أستاذ آخر في مكان آخر”، بحسب بحث منشور للمهاجر.
ولذلك، نجد أن الكثير من أبناء عائلات السادة في لبنان، درسوا العلوم الفقهية وتتلمذوا في الحوزات، ومن بينهم حسن نصر الله.
وعرف من علماء الدين البارزين في لبنان الإمام موسى الصدر (1928- اختفى عام 1978)، والمرجع الشيعي محمد حسين فضل الله (1935-2010).
تأسّس حزب الله عام 1985 وعرف في تاريخه ثلاثة أمناء عامين هم (الشيخ) صبحي الطفيلي (1948)، و(السيد) عباس الموسوي (1952-1992)، و(السيد) حسن نصر الله (1960-2024).
من بين المرشحين لخلافة نصر الله رئيس المجلس التنفيذي (السيد) هاشم صفي الدين، وهناك أيضاً (الشيخ) نعيم قاسم الذي يتقلد منصب نائب أمين العام حزب الله.
لا يوجد في انظمة الحزب ما يشير إلى ضرورة أن يكون الأمين العام سيداً، ولكنه قد يكون خياراً مستحباً، لأسباب عقائدية.
فخلال السنوات الثلاثين الماضية، بنى الحزب جزءاً أساسياً من حضوره الشعبي على التمثّل برمزيّات كربلاء، وإرث الحسين الذي يعدّ رمزاً للمستضعفين.
وقد ساهمت شخصية نصر الله والكاريزما التي تمتّع بها، في تأصيل هذه المعتقدات التي يعدها أنصار حزب الله صدى لما مثّلته الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
ومن المفترض أن ينتخب مجلس شورى الحزب المؤلف من سبعة أعضاء أميناً عاماً جديداً، ولكن لم يعلن بعد عن موعد وآليات هذه العمليّة. (BBC)[ads3]