دراسة : “فوهة بركانية سعودية” تحمل دلائل على وجود حياة خارج الأرض
كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست”، عن أدلة بيولوجية في فوهة الوعبة بالمملكة العربية السعودية، تشير إلى إمكانية وجود حياة على قمر إنسيلادوس، الذي يدور حول كوكب زحل؛ حيث اكتشف العلماء من خلال جمع عينات من الكائنات الحية الموجودة في الفوهة، دلائل حيوية قد تشير إلى وجود حياة على هذا الجرم السماوي الذي يبعد عن الأرض أكثر من مليار كيلومتر.
وأصبح قمر إنسيلادوس محطَّ اهتمام علماء الأحياء الفلكية بفضل وجود محيط واسع تحت قشرته الجليدية؛ حيث تحتوي هذه المياه على مستويات عالية من القلوية والملوحة، بالإضافة إلى جزيئات معقدة مثل الميثان والأكسجين؛ مما يشير إلى وجود أنظمة محتملة تدعم الحياة.
ومن المثير للاهتمام أن فوهة الوعبة تشارك هذا القمر في هذه الخصائص؛ حيث قال البروفيسور ألكسندر روسادو، الأستاذ بـ”كاوست” والذي قاد الدراسة: “تُعَد فوهة الوعبة بمثابة نظير أرضي لمحيط إنسيلادوس؛ حيث قد تدعم ظروفًا مماثلة للحياة”.
ولتحديد الخصائص الفريدة للحياة في الفوهة البركانية، عزَل العلماء 48 سلالة بكتيرية، ووجدوا أن سلالتين منها تمتازان بتركيبة تشير إلى قدرة تكيف مُلائمة للعيش في البيئة القاسية على قمر زحل، استنادًا إلى خصائصها الوراثية والاستقلابية والكيميائية، وأظهرت هاتان السلالتان استراتيجيات فعالة للبقاء في الظروف القاسية للفوهة البركانية.
وتوضح جونيا شولتز (باحثة ما بعد الدكتوراه التي تشارك في المشروع) أن “السلالتين هما بكتيريا “هالوالكالافيلية”؛ مما يعني أنهما تزدهران في درجات حرارة مرتفعة وبيئات ذات قلوية عالية وملوحة شديدة، وهذه الظروف تحاكي البيئات الموجودة على إنسيلادوس؛ مما يجعلها مثالية لدراسة الحياة في مثل هذه الظروف القاسية”.
وتمتلك السلالتان قدرة عالية على تحمل القلوية المرتفعة ودرجات الحرارة القصوى، بالإضافة إلى ميزات جينية أخرى تعكس قدرتهما على مقاومة الضغوط العالية والإشعاع المؤين؛ مما يسهم في تقليل طفرات الحمض النووي، وتعتبر فوهة الوعبة موقعًا مثاليًّا للباحثين المهتمين بدراسة الحياة خارج كوكب الأرض؛ وذلك لسهولة الوصول إليها مقارنة بمواقع أخرى.
ووفقًا لألف دوس سانتوس (طالب الدكتوراه في كاوست والمشارك في الدراسة)؛ فإن البيئات التي تشبه ظروف إنسيلادوس نادرةٌ على كوكب الأرض، على الرغم من دراسة أماكن أخرى تشبه محيط إنسيلادوس؛ إلا أنها ليست متاحة أو مناسبة تمامًا للدراسات الميكروبية التي تُجريها كاوست في الوعبة.
وأوضح روسادو وزملاؤه أن دراستهم تُعَد الأولى في إثبات أهمية دراسة الحياة في البيئات القاسية في المملكة العربية السعودية كنموذج للكشف عن الحياة خارج كوكب الأرض، كما أشاروا إلى أن المواقع الأخرى في المملكة، سواء كانت على اليابسة أو في البحر الأحمر، تمثل قيمة كبيرة للبحث في مجال دراسة البيئات الحيوية في أماكن أخرى، مثل كوكب المريخ.
وتسعى المملكة العربية السعودية لتحقيق مكانة بارزة في صناعة الفضاء خلال الفترة القريبة المقبلة؛ حيث أرسلت أول رائدة فضاء سعودية في عام 2023، وتعتزم إطلاق أول تجربة سياحية فضائية في عام 2026، وستساهم نتائج الأبحاث التي تجرى في فوهة الوعبة، في تعزيز شراكة المملكة مع العديد من وكالات الفضاء، مثل وكالة ناسا الأمريكية من خلال مشروع “يوروبا كليبر”، الذي يهدف إلى إطلاق بعثات لاستكشاف كوكب إنسيلادوس في السنوات القادمة.
ويؤكد الدكتور كاستوري فينكاتيسواران، العالم المتقاعد من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا وأستاذ مساعد في قسم دراسات الفضاء بجامعة نورث داكوتا، أن هذا البحث يُسهِم في توجيه الأبحاث المستمرة في علم الأحياء الفلكي حول الحياة خارج كوكب الأرض، كما يعزز فهمنا لكيفية تكيف البكتيريا مع البيئات القاسية. (sabq)
[ads3]