دويتشه فيله : تحذيرات من تزايد حملات التضليل الروسية في ألمانيا
خرج تحذير قبل أيام من أن ألمانيا ظلت ومازالت هدفا رئيسيا لحملات التضليل المدعومة من الكرملين التي باتت تتنامى على نطاق واسع في أكبر اقتصاد على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وجاء التحذير على لسان مسؤولين أمنيين ومشرعين بارزين هذا الأسبوع خلال جلسة عامة عقدتها لجنة في البرلمان الألماني “البوندستاغ” منوط بها الإشراف على مختلف أجهزة الاستخبارات الألمانية.
وفي تعليقه، قال كونستانتين فون نوتس، رئيس اللجنة والمشرع عن كتلة حزب الخضر، “لقد أدركنا منذ وقت طويل خطورة التهديد الذي تتعرض له ألمانيا ومصدره النفوذ الأجنبي والحرب الهجينة خاصة من الجانب الروسي”. وأضاف “نشهد في الوقت الراهن مستوى جديد من الحدة، وهذا يعد أمرا مقلقا للغاية بالنسبة لنا جميعا”.
وكرر رؤساء أجهزة الاستخبارات الألمانية، نفس التحذيرات التي أطلقها فون نوتس. وفي ذلك، قال رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الألمانية (بي أن دي)، برونو كال، إن الكرملين ينظر إلى ألمانيا باعتبارها “دولة عدوة له” ويتم التعاطي معها انطلاقا من هذا الأساس خاصة منذ أن شرعت برلين في دعم أوكرانيا عقب التوغل الروسي أواخر فبراير/شباط عام 2022.
وأضاف كال أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومنذ وقت طويل يشن “حربا هجينة” ضد دول غربية بهدف “إنشاء نظام عالمي جديد، وفي سبيل تحقيق ذلك، يستخدم أجهزة الخدمة السرية الروسية كرأس حربة في الصراع ضد الغرب وذلك بتفويض من الدولة وبكل الوسائل المتاحة لها دون قيود قانونية، وقبل كل شيء، دون واعز ضميري”.
وقال المسؤول الألماني إن هذا الأمر نجم عنه “زيادة كبيرة في عدد ونوعية الهجمات الإلكترونية التي تشنها الجهات الفاعلة داخل الدولة الروسية ووكلاؤها”. وشدد على أن الهجمات الإلكترونية ليست سوى طريقة واحدة تستعين بها روسيا لتعزيز نفوذها.
من جانبه، حذر رئيس مكتب حماية الدستور أو جهاز الاستخبارات الداخلية، توماس هالدينوانغ، من تداعيات حملات التضليل المعلوماتي المؤيدة لروسيا داخل ألمانيا، قائلا إن هذه الحملات تمزج بين النشاط الإلكتروني والتضليل المعلوماتي وترمي إلى التأثير على الرأي العام.
واستشهد في ذلك بما يُطلق عليه “حملات الشبيه” التي جرى الكشف عنها مؤخرا وتضمنت مواقع إلكترونية غير حقيقة مستنسخة تضم مقالات مفبركة ومضللة على وسائل التواصل الاجتماعي تحاكي المواقع والمقالات التي تنشرها وسائل إعلام أوروبية.
يقول الباحثون إن غالبية حملات التضليل المؤيدة للكرملين التي تستهدف الجهور الألماني ترمي إلى ثلاثة أهداف؛ الهدف الأول إضعاف الدعم لأوكرانيا والثاني تشويه صورة الناتو، أما الهدف الثالث فهو تضخيم الأصوات المؤيدة لروسيا في جميع أنحاء ألمانيا.
وفي مقابلة مع DW، قال فيليكس كارتي، المحلل السياسي والزميل البارز في مؤسسة “ميركاتور” الألمانية، “نرى أن هذه الاستراتيجية باتت تحقق أهدافها وأن كان بشكل تدريجي؛ إذ بات يتحول النقاش العام في ألمانيا بشكل متزايد صوب ما يخدم مصالح الكرملين”.
وأضاف “ثمة حزبين في ألمانيا يمثلان المواقف المؤيدة للكرملين هما ” حزب البديل من أجل ألمانيا” و “تحالف سارة فاغنكنيشت”. هذان الحزبان باتا يحظيان الآن باهتمام كبير في وسائل الإعلام التقليدية”.
يشار إلى أن حزب البديل اليميني الشعبوي المصنف بالمتطرف في بعض ولايات ألمانيا، وتحالف سارة فاغنكنيشت اليساري الشعبوي المطالب بتشديد سياسة الهجرة، قد حققا مكاسب كبيرة في الانتخابات المحلية الأخيرة التي جرت في شرق ألمانيا. وحصل البديل على أكبر تأييد في ولاية تورينغن، حيث احتل المركز الأول، واحتل المركز الثاني في ولاية سكسونيا، بينما احتل تحالف سارة فاغنكنيشت المركز الثالث في الولايتين.
وقال كارتي إن ألمانيا قد أخفقت حتى الآن في تطوير “استراتيجية حكومية شاملة تعترف بحملات” التضليل التي تقف وراءها روسيا ومن ثم مواجهتها بشكل فعال.
وأكد على أن الخروج بمثل هذه الاستراتيجية يتطلب معالجة القضية على مستويات متعددة، مضيفا “سوف يتضمن الأمر إنشاء منظومة أفضل للمنصات الإلكترونية وتعزيز قوة وسائل الإعلام المستقلة خاصة الصحافة المحلية فضلا عن انخراط وكالات الاستخبارات والأمن في الشروع بتحليل أفضل للدعم المالي الذي تحصل عليه شخصيات بارزة مؤيدة للكرملين في ألمانيا”. (DW)
[ads3]