روسيا اليوم : فيدان يكشف رفض إسرائيل ودولة أخرى رحيل الأسد عن السلطة وتفاصيل عن دور دولي لإسقاطه
قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إن “إسرائيل لم ترغب يوما في رحيل الأسد عن السلطة، ولم نر أي عملية عسكرية من سوريا ضد إسرائيل
مضيفا “أن جميع الضربات الإسرائيلية بالأراضي السورية كانت تستهدف الإيرانيين وعناصر حزب الله”.
وتابع: “قبل 7 سنوات، جاء جو بايدن إلى تركيا والتقى برئيسنا وقال: لا نريد أن يرحل بشار ونحن نعلم في الواقع أن هذه كانت وجهة نظر إسرائيل وليس واشنطن”.
وأضاف فيدان في مقابلة تلفزيونية “أن الوقت حان لتعاون دول المنطقة بروح الاحترام المتبادل لحدود وسيادة بعضها البعض والسعي معا من أجل تحقيق مصالح الجميع وإرساء نظام خاص”.
وأوضح فيدان أن مرحلة جديدة بدأت في سوريا بعد معاناة دامت 14 عاما.
وفي هذا السياق أشار إلى وجود حدود بين تركيا وسوريا تمتد على طول 911 كلم، مبينا أن الروابط التاريخية والجغرافية والثقافية والدينية بين تركيا وسوريا تجعل البلدين كجسد واحد.
وتابع: “عندما بدأت هذه الفترة الصعبة في سوريا (عام 2011) اعتمدت المعارضة السورية في الشمال على تركيا واعتبر الملايين من اللاجئين المشردين تركيا وطنا لهم ونحن بدورنا فتحنا أبوابنا أمامهم”.
وأشار فيدان إلى أن تركيا عملت بجد خاصة بالنسبة للمعارضة السورية لحل المشكلة بشكل بناء وأن مسار أستانا كان مهما جدا في هذا الصدد وأن نظام بشار الأسد لم يقبل بالحلول لأسباب مختلفة.
وأردف: “كان أمام النظام خياران إما أن يتقاسم السلطة ويتصالح مع شعبه أو يتقاسم السلطة مع قوى خارجية كانت تقدم الدعم له ضد شعبه. وبميله إلى الخيار الثاني مع روسيا وإيران فشل النظام بتقديم الخدمات الأساسية للشعب وفي تحقيق السلام والانتعاش الاقتصادي مما أدى إلى انهياره تدريجيا”.
وردا على سؤال حول حدوث توافق دولي لإزاحة الأسد وفتح الطريق لتقدم هيئة تحرير الشام نفى فيدان مشاركة تركيا في أي عملية من هذا النوع.
وقال: “بعد بدء العمليات من قبل هيئة تحرير الشام والفصائل الأخرى عملنا على تقليل التكلفة والخسائر، لكننا لم نكن جزءا من أي تخطيط أو تنسيق مسبق مع أي دولة أو جماعة”.
وأوضح الوزير أن تركيا عقدت اجتماعات مكثفة مع كل من روسيا وإيران لمواصلة وقف إطلاق النار في الميدان وحل المشاكل وأن أنقرة كانت تطرح دائما آراء المعارضة على الطاولة.
ولفت إلى وجود علاقات قائمة على الاحترام المتبادل بين تركيا وروسيا وإيران وأن أنقرة أبلغت الجانبين بأنه “لا معنى لتكرار نفس السيناريو الذي وقع في الأعوام 2006 و2015 و2016”.
وأكد أن تركيا أبلغت الروس والإيرانيين أيضا أنهم جاؤوا إلى سوريا لمساعدة الأسد ودعموه في التصدي للمعارضة لكن الأسد فشل في تقديم الخدمات لشعبه والتصالح معه وهو ما أدى إلى ظهور المشهد الحالي.
وقال إن المراجعات الذاتية لكل من روسيا وإيران أظهرت لهما النتائج نفسها.
وأشار إلى أن تركيا صديق مهم للمعارضة باعتبارها عنصر هام في المنطقة، وأن الحوار الذي أقامته في هذا الصدد فيما يخص إدارة العملية بلغة بناءة كان مؤثرا أيضا، مشددا على أن الحوار سيتواصل في المرحلة القادمة.
ولدى سؤاله عن الجهة التي اتصلت بالأسد وكانت وراء هروبه من سوريا، قال إن تركيا تعلم أن محاوريها كانوا على صلة مباشرة مع دمشق في ذلك اليوم وأخبروها بذلك.
وأكد أنه لا يدري بالتحديد من هي الجهة التي تحدثت مع الأسد في ذلك اليوم وبأي مستوى وما يعلمه هو فقط وجود اتصال مباشر.
ونفى فيدان صحة الادعاءات التي تقول إن تركيا سهلت هروب الأسد بالتعاون مع بعض الجهات، مؤكدا أن تركيا لا يمكن أن تفعل هذا الشيء ولم يكن لها أي دور في هذه المسألة.
وأوضح أن الروس أعلنوا بأنفسهم أنهم من قاموا بالترتيبات اللازمة في هذا الأمر وأن تركيا لم تتدخل أبدا.
وردا على سؤال حول زيارة رئيس الاستخبارات التركية إبراهيم قالن إلى دمشق قال فيدان إن الزيارة تمت بعد مشاورات واسعة مع دول المنطقة والدول الغربية.
وأردف: “كيف يجب أن تقيم دول المنطقة والعالم الاتصال مع الحكومة الجديدة في دمشق؟ من خلال اتصالاتنا رأينا هناك انطباعا ومطلبا عامين، وكانت هناك مبادئ معينة اتفق عليها الجميع تقريبا، وهي أن التنظيمات الإرهابية يجب ألا تستفيد من دمشق في الفترة الجديدة، وأن الأقليات يجب أن تحظى بشكل خاص بمعاملة جيدة وفي مقدمتهم المسيحيون والأكراد والعلويون والتركمان. ومن ثم كانت هناك وجهات نظر مختلفة قد تشكلت مثل تشكيل حكومة تحتضن الجميع وألا تشكل تهديدا لجيرانها”.
وقال فيدان إن قالن نقل إلى الجانب الآخر آراء المجتمع الدولي والمنطقة وتركيا وحصل على معطيات منه، وأنه بناء على هذه المعطيات تم عقد اجتماع ومباحثات في خليج العقبة بالأردن في 14 ديسمبر الجاري.
وحول سياسة تركيا في سوريا أكد فيدان أنها كانت ذات أبعاد عديدة على مدار 13 عاما وأهمها الحيلولة دون تدفق اللاجئين إلى تركيا بسبب الأسد الذي رفض التصالح مع معارضيه.
وأوضح أنه لهذا السبب عملت تركيا مع فصائل المعارضة التي كانت تسيطر على الخطوط الأمامية وخاصة الجيش الوطني السوري والجبهة الوطنية للتحرير.
وأضاف: “كان هناك 4 ملايين مواطن سوري يعيشون في (محافظة) إدلب تحت سيطرة هيئة تحرير الشام. وكان من الممكن أن يأتي هؤلاء إلى تركيا في أزمة ما ومن أجل منع حدوث هذه الأزمات وضمان استمرار وجودهم هناك بشكل مستقر، كنا بالطبع على تنسيق معين، وأتيحت لنا فرصة التعرف على الهيئة خلال تلك المرحلة”.
وتابع: “كنا ننقل لهم دائما توصياتنا ونصائحنا خاصة فيما يتعلق بطبيعة الإدارة الحديثة وأنظمة الإدارة الحديثة. وما نراه هو أن الأولوية الأولى للهيئة والمكونات الأخرى هي عدم تكرار الأخطاء التي ارتكبها بشار الأسد واحتضان الشعب لتحقيق الرخاء والاستقرار الذي يستحقونه. علينا أن نساعدهم على القيام بذلك، ويجب عليهم أيضا ألا يرتكبوا الأخطاء”.
وردا على سؤال حول ما إذا التقى بزعيم هيئة تحرير الشام، أشار فيدان إلى أنه شغل سابقا منصب رئيس الاستخبارات التركية لمدة 13 عاما وأن الأزمة السورية شغلت هذه الفترة من عمله، وأنه كان دائما على اتصال مع فاعلين معينين بعد توليه وزارة الخارجية.
وأوضح الوزير أن تركيا طرحت موضوع المرحلة الجديدة في سوريا حتى قبل الوصول إليها للنقاش مع حلفائها وأصدقائها في المنطقة وأن الرئيس رجب طيب أردوغان لديه رؤية في هذا الصدد وينبغي تطوير هذه اللغة في المنطقة.
وأوضح أن هذه اللغة تتمثل في رفض وجود أي تسلط إيراني أو تركي أو عربي في المنطقة أي أن تركيا لا تريد أن تكون هناك قوة متسلطة على الأخرى.
وأكد فيدان على ضرورة ألا يتسلط العرب في منطقة الخليج على بعضهم البعض أو على الأماكن الأخرى وألا تتسلط تركيا أو إيران على أماكن أخرى.
وذكر أنه أثناء الانتقال من عام 2024 إلى 2025 أصبحت جميع الدول ناضجة بالقدر المطلوب وبنيتها التحتية قوية فالسعودية تمتلك قوة كبيرة وكذلك الإمارات وهناك تأثير لقطر والكويت ومصر أيضا تفعل ما في وسعها بالفعل.
وقال: “لقد حان الوقت لأن نجتمع معا ونؤسس مصالحنا ونظامنا الخاص في المنطقة من خلال احترام حدود بعضنا البعض وحقوقنا السيادية في إطار ثقافة التعاون وأن نذهب إلى ما هو أبعد من الاحترام من خلال التعهد بحماية بعضنا البعض والتكاتف”.
وشدد فيدان أنه “بخلاف ذلك، تكون المنطقة عرضة للتدخلات الخارجية ومحاولات الاستفادة من الاستقطاب الأمر الذي يؤدي إلى صراعات دموية ومكلفة طويلة الأمد في المنطقة”.
وأردف أنه “لا داعي لهذا الأمر (الصراعات) فشعوب المنطقة تستطيع العيش بكل انفتاح وشفافية”.
ولفت إلى وجود صلة قرابة تربط دول المنطقة ببضعها البعض حيث أن الجميع مسلمون ومن الممكن أن “نجتمع ونحدد مصالحنا ورغباتنا وحساسياتنا بنضج واحتراف كبيرين وأن نقيم تحالفات مع بعضنا البعض مثلما يقيمون في أوروبا وأمريكا الشمالية وأماكن أخرى اقتصاديا وسياسيا وعسكريا كل هذا يمكن القيام به في هذه المنطقة”.
وشدد فيدان على أن تربة المنطقة خصبة وأناسها منتجون ومجتهدون وصادقون وأن دولها أصبحت ناضجة وبالتالي هناك الكثير من الأمور التي يمكن القيام بها معا.
وأكد على ضرورة التخلي عن فكرة التسلط والأفكار الإمبريالية التي تتمثل في محاولة دولة ما أن تحكم دولا أخرى في المنطقة باستخدام وكيل أو أن تقوم جهة ما بتقديم الأموال من خلف الستار لحماية مصالحها مسبقا.
وتابع: “عندما نقول أن الفعل ينتج عنه رد فعل مضاد ورد الفعل ينتج عنه فعل آخر فإننا ندخل في حلقة مفرغة. وقد استخلصت المنطقة ما يكفي من الدروس للخروج من هذه الحلقة المفرغة. تقع منطقتنا داخل دوامة كبيرة من النار منذ الـ20 إلى الـ30 سنة الماضية”.
وأوضح فيدان أن دول الخليج تأثرت من المشكلة في اليمن وتركيا تأثرت من مشكلتي العراق وسوريا.
وأعرب عن اعتقاده في أن إيران ستستخلص الدروس أيضا في المرحلة الجديدة، داعيا إلى مساعدتها بطريقة بناءة في هذا الإطار.
كما دعا فيدان إلى مساعدة الحكومة الجديدة في سوريا من خلال إبلاغها بالتطلعات.
وأضاف: “إنني أؤمن بأن تركيا والسعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وقطر والأردن قادرة على الاجتماع لاتخاذ خطوات هامة للغاية لحل المشاكل الحرجة في المنطقة. وقد بدأنا بهذا الأمر عبر اجتماع العقبة. المهم هو أن تتحلى الدول بالصدق”.
وأشار فيدان إلى أن تركيا تتمتع بعلاقات جيدة جدا مع السلطات السعودية وأنه يتم بين البلدين إجراء حوارات صادقة ومفتوحة.
وقال الوزير إنه قد تكون هناك بعض المشاكل في سوريا في الفترة الجديدة، مشددا في هذا السياق إلى ضرورة مساعدة دول المنطقة الإدارة الجديدة في دمشق لحل المشاكل القائمة.
وتابع: “نريد دولة مدنية وديمقراطية في سوريا ولكن من غير المنطقي أن نتوقع تطبيق الديمقراطية السويسرية في سوريا بين عشية وضحاها أو في شهر أو في سنة”.
وأشار فيدان إلى إمكانية إنشاء إدارة متكاملة ضمن حدود الدولة السورية من خلال المواطنة الدستورية وتجنب تشجيع مختلف أشكال التمييز والانفصال.
وشدد على أهمية عدم إقامة إدارة دمشق الجديدة علاقات مع التنظيمات الإرهابية وعدم إساءة معاملة الأقليات والقضايا المتعلقة بحقوق المرأة.
وأوضح الوزير فيدان أنه بمساعدة دول المنطقة للإدارة الجديدة سيعود أكثر من 10 ملايين سوري إلى ديارهم وينتعش الاقتصاد.
وتطرق فيدان إلى القضية الفلسطينية داعيا إلى وجوب إنهاء الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في قطاع غزة الفلسطيني. (ANADOLU – RT)[ads3]