دويتشه فيله : أقل من نصف السوريين في ألمانيا يعملون .. ما فرص بقاء الآخرين ؟

 

كشفت إحصاءات جديدة أنه من بين 863 ألف شخص من أصول سورية مهاجرة في ألمانيا تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاماً- كان 42% منهم حائزين على عمل في العام الماضي 2023، وأن 8% منهم كانوا يبحثون عن عمل ولكنهم لم يجدوا عملاً، بحسب ما ذكر مكتب الإحصاء الألماني الاتحادي في الإحصائية التي نشرها يوم الجمعة 13 / 12 / 2024. وللمقارنة: يبلغ معدل التوظيف لإجمالي السكان ذوي الخلفية المهاجرة 73% في ألمانيا، أما بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم خلفية مهاجرة فتصل نسبة توظيفهم إلى 83% بحسب ما نقلت صحيفة إن زد زد السويسرية.

وتظهر الإحصائيات أيضاً أن نصف السوريين الذين هم في سن العمل بألمانيا –أي حوالي 435 ألف شخص– هم غير متاحين لسوق العمل لأسباب متنوعة، مثلاً لأنهم لا يزالون قيد التدريب أو لأنهم ليس لديهم تصريح عمل أو لا يقدرون على العمل لأسباب صحية.

لكن مكتب الإحصاء يرى أن الأعمار الصغيرة هي سبب مهم لعدم دخول سوريين كثيرين إلى سوق العمل في ألمانيا: فَـ19% من الأشخاص -الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 64 عاماً ممن لديهم تاريخ هجرة سوري- لا يزالون في المدرسة أو التدريب المهني، وهو عدد أكبر بكثير من إجمالي سكان ألمانيا الآخرين ممن لديهم تاريخ هجرة أو مَن ليس لديهم تاريخ هجرة.

وذكرت الإحصائية أن نحو خُمس السوريين أيضا (نحو 22%) لديهم مؤهلات مهنية، ورغم وجود 106 آلاف أكاديمي بينهم فإن الغالبية العظمى -حوالي 60%- ليس لديهم مؤهلات مهنية حالياً، علماً بأنه وفقاً للأرقام الحالية الصادرة عن الجمعية الطبية الألمانية يمثل السوريون في الوقت الراهن أكبر مجموعة من الأطباء الأجانب في ألمانيا وعددهم 5758 طبيباً، متقدمين في ألمانيا على زملائهم من رومانيا وعددهم 4312 طبيباً، واليونان وعددهم 2587 طبيباً، وبالتالي فإن السوريين يشكلون 1.3% من إجمالي الأطباء بألمانيا.

ويقول خبراء سوق العمل الألمان أن نقص المهارات اللغوية والتدريب أو التعليم المعترف به سبب لانخفاض معدل التوظيف لأن كثيرين من السوريين جاؤوا لأسباب إنسانية بسبب الحرب الأهلية وليس كعمال مهرة، ولذلك غالباً ما يكون هناك نقص في التدريب المعترف به أو المعرفة الكافية باللغة الألمانية، كما أن الاعتراف البيروقراطي بالمؤهلات يستغرق وقتًا طويلاً وهذا يصعِّب من العثور على وظيفة مناسبة بسرعة.

كما أن الوظائف التي لا تتطلب مؤهلات خاصة غالبا ما يتم استبدالها بالآلات، وفي الوقت نفسه فإن التدريب على العمل من دون دخول سوق العمل -بالتوازي مع ذلك- يخلق مسافة من سوق العمل يصعب تعويضها لاحقاً، وفق ما نقلت صحيفة إن زد زد عن مراقبين. ويرى سياسيون في ألمانيا أنه “إذا مر الكثير من الوقت قبل البحث عن وظيفة فإن هذا لا يساهم في الاندماج الناجح”.

وقدرت الأبحاث الصادرة يوم الجمعة 13 / 12 / 2024 حصة العمال السوريين من سوق العمل في ألمانيا بحوالى 0,6 %، أي نحو 287 ألف شخص (أي 0,8 % مع السوريين الحائزين الجنسية الألمانية)، مع الإشارة إلى أن عددا كبيرا من السوريين الذين وصلوا بعد 2015 ما زالوا يدرسون ويتدربون استعدادا للالتحاق بسوق العمل. وحذر رئيس جمعية المستشفيات غيرالد غاس مؤخرا من تداعيات عودة الأطباء السوريين إلى بلادهم وخصوصا “الذين أدوا دورا أساسيا في صون الرعاية الصحية، لا سيما في مستشفيات المدن الصغيرة”.

من جانبه يشدد موقع فلوشتلينغسْرات “نصائح للاجئين”الألماني على أنه وبعد سقوط نظام الأسد في سوريا باتت تنتشر شائعات كثيرة حول عواقب ذلك على حالة إقامة السوريين في ألمانيا.

ونشر الموقع في يوم الجمعة 13 ديسمبر / كانون الأول 2024 معلومات راهنة وصفها بأنها مهمة للاجئين السوريين حول الإقامة في ألمانيا وإجراءات اللجوء وإلغاء ألمانيا لحالة حماية السوريين وحول إمكانية السفر إلى سوريا وعن احتمال الترحيل من ألمانيا، مشيراً إلى أنه ستوجد تغييرات دائمة في هذا المعلومات اعتباراً من ديسمبر / كانون الأول 2024 وناصحاً السوريين المعنيين في ألمانيا بالبقاء على اطلاع دائم على ما تنشره الجهات الألمانية المختصة.

ويرى الموقع المتخصص أن السوريين الذين لديهم تصريح إقامات بناءً على الحماية مستمرون في الحصول على تمديدات لبطاقات إقاماتهم مشددا على أن الأحوال السياسية المتغيرة في سوريا ليست سبباً لعدم قيام سلطات الهجرة بتمديد تصاريح الإقامة المبنية على أساس الحماية.

أما السوريون طالبو اللجوء الذين قدَّموا أو سيقدِّمون طلبات لجوء فإنه لن يتم حالياً البت في طلبات لجوئهم بعد أن أعلن المكتب الألماني الاتحادي للهجرة واللاجئين “بامف” عن تجميد اتخاذ القرارات بعد سقوط النظام السياسي في سوريا، ورغم ذلك يُنصَح هؤلاء السوريون بمواصلة الاستفادة من فرص تعلم اللغة الألمانية وفُرَص التدريب المهني أو العمل والاستقرار. علماً بأن النظر واتخاذ القرارات ما زالا مستمرين حول طلبات لجوء السوريين الذين يدخلون إلى ألمانيا من دولة أوروبية أخرى وفق ما يسمى باتفاقية دبلن.

حصل سوريون كثيرون في ألمانيا على حالة اللجوء أو حالة الحماية الثانوية وهذه الحالة تظل سارية في الوقت الحالي، وطالما أعلن المكتب الألماني الاتحادي للهجرة واللاجئين عن تجميد اتخاذ قرارات البت في اللجوء فلن يوجد إلغاء أو مراجعة لحالة الحماية حالياً، أما تنفيذ إجراءات الإلغاء فهو معتمد على كيفية تطور الأحوال السياسية في سوريا.

فإذا نشأت ديمقراطية مستقرة في سوريا فمن المتوقع اتخاذ إجراءات إلغاء الحماية، وحتى إذا بدأت إجراءات إلغاء الحماية فإن تصريح الإقامة بناءً عليها سيظل سارياً طيلة مدة الإجراءات القانونية المتعلقة بالإلغاء.

يُنصَح السوريون الحاصلون على تصريح إقامة على أساس الحماية منذ فترة طويلة أن يتقدموا من الآن بطلب للحصول على إقامة دائمة أو تجنيس، وتعتمد متطلبات ذلك على نوعية تصريح الحماية، فالحاصلون على إقامة دائمة لهم حق البقاء في ألمانيا حتى لو قام المكتب الألماني الاتحادي للهجرة واللاجئين بإلغاء حماية اللجوء عنهم، أما الحائزون على الجنسية الألمانية فليسوا بحاجة إلى أي قلق في هذا السياق.

يشدد موقع فلوشتلينغسْرات “نصائح للاجئين” الألماني بأن ربما جميع اللاجئين -وحتى موظفي إدارات الهجرة في ألمانيا- لا يعرفون أن بالإمكان حصول اللاجئين على أكثر من تصريح إقامة واحد.

وينصح الموقع السوريين بأنهم إنْ كانوا يستوفون متطلبات تصاريح إقامة من أنواع أخرى -مثلاً لغرض العمل أو التدريب أو الدراسة أو كعمال مَهَرة- فينبغي عليهم المسارعة بالتقدم بطلب للحصول عليها بشكل إضافي، لأن حيازة

تصريح إقامة إضافي هو نوع من ضمان البقاء في ألمانيا حتى لو تم فقدان حالة الحماية في حالة أي إلغاء مستقبلي، كما أن من شأن تصريح الإقامة الإضافي أن يكون مفيداً في حالة السفر إلى سوريا، وتُعتَبَر تصاريح الإقامة الإضافية مفيدة بشكل خاص للسوريين الذين لم يستوفوا بعدُ متطلبات الإقامة الدائمة أو التجنس.

يشار إلى أن الدراسة التي نُشرت يوم الجمعة 13 / 12 / 2024 أظهرت أن عودة السوريين -الذين لجأوا لألمانيا- إلى بلادهم ستفاقم نقص اليد العاملة في عدة قطاعات ألمانية أساسية، أبرزها الاستشفاء والنقل اللوجستي. وتعد الجالية السورية في ألمانيا التي تضم نحو مليون شخص -هم بأغلبيتهم لاجئون فروا من الحرب في بلدهم اعتبارا من عام 2015- أكبر جالية للسوريين في الاتحاد الأوروبي.

يجب على السوريين -الحاصلين على وضع الحماية- الراغبين في السفر إلى سوريا إبلاغ سلطات الهجرة الألمانية بذلك وبسبب سفرهم إلى سوريا، وبعد ذلك يقوم المكتب الألماني الاتحادي للهجرة واللاجئين بالتحقق من إنْ كان السفر إلى سوريا يتطلب ضرورة إلغاء حالة الحماية. والسفر إلى الوطن الأم سوريا لا يؤدي إلى لغاء الحماية في ألمانيا إذا كانت توجد “ضرورية أخلاقية”، مثلاً: لزيارة أفراد الأسرة المقربين المصابين بمرض خطير أو الموشكين على الوفاة، لكن خطر إلغاء الحماية يبقى موجوداً لكل من يسافر إلى سوريا.

ولكن هذا لا ينطبق على السوريين الحائزين على إقامة سارية المفعول للم شمل الأسرة أو العمل أو الدراسة أو التدريب، فهؤلاء بإمكانهم السفر إلى بلادهم الأصلية سوريا دون أي عواقب قانونية طالما أنهم لم يبقوا خارج ألمانيا لمدة تزيد عن ستة أشهر، ففي هذه الحالة تنتهي صلاحية تصريح الإقامة ولا يعود مسموحاً لهم بالعودة إلى ألمانيا بهذه التصاريح.

يشار إلى أن الاقتصاد الألماني -أكبر اقتصاد في أوروبا- يعاني من نقص بنيوي في اليد العاملة واللاجئون السوريون يعملون “في قطاعات فيها نقص لليد العاملة وتكتسي أهمية كبيرة، مثل الصحة والنقل اللوجستي”، وفق ما أظهرت دراسة لمعهد الأبحاث بشأن سوق العمل. ونقل راديو دويتشلاند فونك أن السوريين يعملون في عُشر مآوي رعاية المسنين في ألمانيا. ولا شك في أن عودة هؤلاء العمال إلى بلدهم “لن تكون دراماتيكية على صعيد الاقتصاد الألماني الكلي، لكن قد تكون لها تداعيات جد ملموسة على صعيد المناطق والقطاعات”، بحسب الدراسة المنشورة في تاريخ 13 / 12 / 2024.

ولا توجد حتى كتابة هذا المقال (13 / 12 / 2024) فعليا أي عمليات ترحيل إلى سوريا وفي حالة حدوث ترحيلات في مرحلة مقبلة فإن أول المتضررين سيكونون من السوريين الذين ليس لديهم وضعية الحماية، لكن في الوقت الحالي يتمتع معظم السوريين في ألمانيا بحالة الحماية، ومن المفترض أن تكون أولوية الترحيل للمجرمين.

وبعد سقوط نظام بشار الأسد كانت ألمانيا من أول البلدان الأوروبية التي أعلنت تعليق النظر في طلبات اللجوء المقدمة من لاجئين سوريين، مشددة على حالة عدم اليقين السائدة حول ما يحدث في سوريا. وعلت أصوات من اليمين واليمين المتطرف للمطالبة بإعادة اللاجئين إلى سوريا، في ظل اقتراب الانتخابات التشريعية في 23 فبراير / شباط 2025. (DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.