فرنسا: حكم بالسجن وعدم الأهلية على زعيمة اليمين المتطرف ماري لوبان

أصدرت محكمة الجنح بباريس الإثنين حكما بإدانة زعيمة “التجمع الوطني” اليميني المتطرف مارين لوبان بتهمة اختلاس أموال عامة، وكذا تجريدها من أهلية الترشح للانتخابات مع التنفيذ الفوري. إلى جانب لوبان، أدانت محكمة باريس ثمانية نواب في البرلمان الأوروبي من الحزب المذكور، على خلفية نفس القضية.
كما أُدين المساعدون الاثنا عشر الذين حوكموا مع لوبان بتهمة التواطؤ في الجريمة. واعتبرت المحكمة أن إجمالي الضرر بلغ 2.9 مليون يورو، حيث تم تحميل البرلمان الأوروبي تكاليف أشخاص كانوا يعملون فعليا لصالح الحزب اليميني المتطرف.
حوكمت مارين لوبان بتهم تتعلق بـ “اختلاس الأموال العامة” و “التواطؤ في اختلاس الأموال العامة”. وكان الادعاء التمس الحكم عليها بعقوبة تصل إلى خمس سنوات سجنا، منها ثلاث مع وقف التنفيذ، وغرامة قدرها 300 ألف يورو.
في المقابل، كانت لوبان صرحت في نوفمبر 2024 قائلة: “إنهم يسعون إلى قتلي سياسيا”.
اتهمت المحكمة لوبان، التي شغلت منصب نائبة في البرلمان الأوروبي بين عامي 2004 و2017، بتوظيف أربعة مساعدين وهميين كانوا في الواقع يعملون لصالح حزب التجمع الوطني، بينما كان البرلمان الأوروبي هو من يدفع رواتبهم. وتشير التحقيقات إلى أن هؤلاء المساعدين لم يقوموا بمهام مرتبطة مباشرة بالعمل البرلماني، بل كرسوا جهودهم لإدارة الحزب.
من بين هؤلاء المساعدين، تييري ليجيه (حارسها الشخصي) وكاثرين غريزيه (رئيسة مكتبها)، وكلاهما متهم أيضا في القضية. وقد كشفت التحقيقات التي أجراها المكتب الأوروبي لمكافحة الاحتيال أن غريزيه لم تقضِ سوى 740 دقيقة، أي حوالي 12 ساعة فقط، في البرلمان الأوروبي بين أكتوبر 2014 وأغسطس 2015، بالرغم من أنها كانت تتقاضى راتبا كمساعدة برلمانية.
خلال جلسات المحكمة، نفت مارين لوبان ارتكاب أي مخالفات، بينما أكدت كاثرين غريزيه أنها كانت تعمل لصالح لوبان شخصيا، وليس لصالح الحزب. غير أن التحقيقات أظهرت أن لوبان سبق أن صرحت للقاضي خلال التحقيق بأن المساعدين البرلمانيين كانوا يعملون أحيانا لصالح الحزب، وهو ما حاولت التراجع عنه خلال المحاكمة.
وفي يوليو 2023، اضطرت لوبان إلى إعادة 330 ألف يورو للبرلمان الأوروبي، وهي قيمة الرواتب التي حصل عليها كل من كاثرين غريزيه وتييري ليجيه. لكن حزب التجمع الوطني أكد أن هذا السداد تم في إطار إجراء إداري وليس اعترافا بالذنب.
إلى جانب التوظيف الوهمي، اشتبهت السلطات في أن مارين لوبان كانت في قلب نظام اختلاس أموال منظم، استفاد منه حزب الجبهة الوطنية بين 2004 و2016.
تعتقد النيابة أن الهدف من هذا النظام كان تحقيق وفورات مالية لصالح الحزب، عبر استغلال الميزانيات المخصصة للنواب الأوروبيين في انتهاك للقواعد الديمقراطية. وتفيد التحقيقات بأن هذا المخطط توسع بشكل كبير بعد انتخابات البرلمان الأوروبي في 2014، حيث قفز عدد نواب الحزب من ثلاثة إلى 23 نائبا.
ومن بين الأدلة التي كشفت عنها التحقيقات، رسالة وجهها في يونيو 2014 واليران دو سان جوست، أمين صندوق الحزب آنذاك، إلى لوبان، قال فيها: “لن نتمكن من الخروج من أزمتنا المالية إلا إذا وفرنا أموالا كبيرة من خلال البرلمان الأوروبي.” كما تم الكشف عن رسالة إلكترونية بينه وبين النائب الأوروبي جان-لوك شافهاوزر جاء فيها: “ما تطلبه منا مارين يعادل توقيع عقود لتوظيفات وهمية… أفهم أسبابها، لكننا سنقع في مأزق.”
وأدلى نواب سابقون في الحزب بشهادات تدعم هذا الاتهام، مثل أيمريك شوبيراد وصوفي مونتيل، التي أكدت أن مارين لوبان طلبت من النواب الأوروبيين الاكتفاء بمساعد واحد فقط، وتحويل باقي الميزانية للحزب. (FRANCE24)