سخام الحضارات !
ثياب الأغنياء مستوردة من أميركا وفرنسا وإيطاليا. ثياب الفقراء تشبهها، شكلاً، وإن كانت مصنوعة، على الأغلب، في الصين، بمواد رخيصة. السيارات الفارهة، أيضاً، جيء بها من البلدان نفسها، ومن ألمانيا وبريطانيا واليابان. كذلك المباني، والشوارع، والمطاعم، تنتمي إلى طرز معمارية وعلامات تجارية غربية. حتى الناس، شباباً وفتيات، على وجه الخصوص، ما عادوا يختلفون، في الشكل الخارجي، عن بني جنسهم في الغرب، وما عاد من الممكن تمييز هويتهم، لولا أن بعض كبار السن مازالوا يتمسكون بارتداء الملابس التراثية التقليدية، ولولا أن الأصباغ التي تكفلت بتغيير لون شعر النساء إلى الأشقر، في حالات كثيرة، مازالت عاجزة عن محو السمرة من الوجوه.
أنت هنا في بلد عربي، دونما شك، وأنت هنا ستضطر، قبل أن تتحدّث، بأسى، عن كل ما ترى، إلى أن توضح موقفك بالقول مسبقاً إن تقليد الغرب، لاسيما في زمن ثورة الاتصالات، والعولمة التي طغت على كل شيء تقريباً، ليس عيباً أو نقيصة بحد ذاته، كما أنه لا يخص العرب وحدهم، بل بات ظاهرة، أو آفة، يمكنك أن تلاحظها في أي بلد آسيوي أو إفريقي، مع فارق جوهري يصعب إغفاله، هو اكتفاؤنا، في هذه البقعة التعسة من العالم، ومعنا شعوب بقاع أخرى، لا تقل تعساً، بالقشور دون اللباب، في محاولاتنا تقمص نمط حياة الأميركيين والأوروبيين، أو قل في تفاعلاتنا البلهاء مع سعيهم إلى هيمنة ثقافية على بلادنا، تساعد على استمرار نفوذهم السياسي والاقتصادي.
خذ، مثلاً، دول شرق وجنوب شرق آسيا، وانظر كيف استطاعت أن تقتبس علوم الغرب، وأن تلحق، منذ عقود، بركب الصناعة والتكنولوجيا الحديثة، حتى صار بعضها، كاليابان والبلدان المسماة نمور آسيا، يزاحم الولايات المتحدة الأميركية، ودول أوروبا، في أسواق العالم، بينما لايزال العالم العربي، بدوله الغنية والفقيرة، النفطية والزراعية، يكابد أميةً وصل حجمها إلى نحو مائة مليون شخص، ويستورد كل ما يحتاجه، تقريباً، من الطائرات إلى فناجين القهوة، وولاعات السجائر، مروراً بكل أنواع الأجهزة الإلكترونية، والأسلحة، والألبسة، والأغذية، وسواها من مواد استهلاكية.
الذهاب في مقارنةٍ كهذه، نحو شيء من التفصيل، سيقود إلى إطلالةٍ على ما يشبه الفضيحة المسكوت عنها، حين نعرف، على سبيل المثال أيضاً، أن ماليزيا التي لم يكن لها وجود دولة موحدة، قبل عام 1963، وتقل مساحتها عن 330 ألف كيلومتر مربع، وبالكاد يصل عدد سكانها إلى 30 مليون نسمة، تتفوق في مستوى تعليمها، ومكانة جامعاتها، وحجم صناعاتها التكنولوجية والثقيلة، وكذا صادراتها ودخلها القومي، على مصر، دولتنا العربية الأكبر، والأهم، التي تتغنى بحضارة سبعة آلاف عام، وتزيد مساحتها عن مليون كيلومتر مربع، ويقارب عدد سكانها مائة مليون نسمة (وفق أرقام البنك الدولي لعام 2014 بلغ الدخل القومي لماليزيا 326.9 مليار دولار، ولمصر 286.5 مليار، بينما بلغ نصيب الفرد من هذا الدخل في ماليزيا 10760 دولار، وفي مصر 3050 دولارا، أي بما تزيد نسبته عن ثلاثة إلى واحد).
غير كاف، والحال هذه، وصف ما يحدث بالفضيحة. هي كارثة تاريخية، ربما يصعب استشعارها، بشكل حاد، أو مباشر تماماً، لكن تأثيرها المستقبلي لن يقل خطراً عن إرهاب الدول، وإرهاب التطرف الديني الذي كانت قد أسست له أصلاً، وبات يحصد أرواح الناس بالجملة، في بلدان عربية عدة، ذلك أن الطغاة الذين سلبوا ثروات هذه البلاد، وأفقروا شعوبها، وجعلوها في ذيل أمم الأرض قاطبة، هم أنفسهم، من يقتلون أبناءها، ويدمرونها، اليوم، بسلاحهم، أو بسلاح مجموعات مسلحة، نمت وترعرعت في مستنقعات فسادهم، وطبعاً بتواطؤ عالم يسمي نفسه الحر، ويتكرم على العبيد، بأن يوفر لهم بعض سخام حضارته، ليتشبهوا به، ومن دون أن يكترث لشيء مما يعانون، طالما أنهم يوفرون المواد الخام لعجلات صناعته، ويفتحون أسواقهم لمنتجاتها. –
ماجد عبد الهادي – العربي الجديد[ads3]
یلعن شرفه….بسبب واحد تعلیق ع صفحتو بالفیس ابلغ عن حسابی و اغلقها الادارة فیسبوك
ضيعت من وقتي وانا بقرا هل المقالة وناطر المضمون المهم وبالاخر خطبه عمياء لامضمون ولا حلول ولا اهداف .. عطونا حلوووووووووووووووووووووووووول
كالعادة
ترك لب المشكلة المتمثلة بالنظام العالمي الذي يفضل الدول الصناعية
وتحميل الدول الفقيرة وشعوبها مسؤولية فقرهم وتعاستهم
سنبقى متخلفين ومكبوتين مقهورين طالما لم نحسم الصراع بعد بين السلطة الدينية والسلطة السياسية كما فعلت أوروبا منذ قرون بينما لم تعاني أمريكا وكندا وأستراليا مثلا من هذا الصراع ﻷن أجداد المهاجرين الأوائل كانوا قد حسموه في موطنهم الأصلي قبل هجرتهم ويجب التفريق هنا بين السلطة الدينية وبين الدين فجميع قادة الغرب مسيحيون ويفاخرون بذلك ولكنهم لايستطيعون استغلال الدين في السياسة كما يحدث عندنا ولمن يتسائل ما علاقة السلطة الدينية (ولا أقول الدين معاذ الله) بموضوع التخلف سأجيبه انظر مثلا إلى الخلافة العباسية وكيف أصبح أولاد الزنا خلفاء للمسلمين (فقط أبو جعفر المنصور والأمين كانوا أبناء حرائر) وكيف حكمنا 21 خليفة عثماني من أصل 36 خليفة وهم دون سن البلوغ وقد قتل أو عزل معظمهم قبل البلوغ على يد حريم السلطان اللواتي كن يحكمن المسلمين فعليا فيما لايعرف عن أي خليفة أندلسي ولد لأم حرة على الإطلاق !! طبعا ماكان ليتم كل هذا لولا صمت مطبق وتأييد كامل من السلطة الدينية المتحالفة والمتماهية مع نظام الحكم الفاسد هذا ﻷنه ضمن لها مصالحها وامتيازاتها وأطلق يدها لقمع وإسكات الرعية بألف حجة دينية وحديث ضعيف وترهات وفتاوي لاعلاقة لها بالدين وبالتالي قتل أي فكرة أو إبداع ممكن أن يخرج من هذه الرعية لأن العلم والإبداع والاكتشاف والإرتقاء الثقافي والفكري لابد في النهاية بأن يصطدم مع سلطة الخليفة المطلقة المحمية والمغطاة بالشرعية الدينية وهذا ما أوصلنا مثلا كسوريين إلى أن يحكمنا ولد قاصر تافه أرعن أصبح بين ليلة وضحاها (الفريق أهبلوف) مغطى بغطاء الحسون ومشايخه كما غطى كفتارو من قبله أبيه المقبور وكما يحاول البغدادي وأمثاله تغطية نفسهم بنفسهم باسم الدين وباسم أمير المؤمنين والخليفة وستستمر المأساة والمعاناة في مجتمعاتنا إلى أن يتم فصل السلطة الدينية عن السياسية وفصل الألوهية المعطاة لهؤلاء الحكام باسم الدين ورمي مشايخ السلطان في مزبلة التاريخ بعد القول لهم بأن صكوك الغفران التي منحوها للسطان ولأنفسهم قد انتهت صلاحياتها وإلى الأبد .