هل بإمكان تركيا منع مرور السفن الروسية المتجهة إلى سوريا ؟

تشير بعض الصحف منذ بدء الأزمة مع روسيا إلى أنه بإمكان تركيا إغلاق مضيقي البسفور والدردنيل في وجه السفن الروسية بكل سهولة. وقد ازداد الحديث عن هذا الخيار بعد مرور السفينة الحربية الروسية من مضيق إسطنبول (البوسفور) وتوجيه الجنود الروس أسلحتهم نحو مدينة إسطنبول.

ولكن هل يمكننا ذلك؟

يُطلق على مضيقي جناق قلعة (الدردنيل) وإسطنبول (البوسفور) مصطلح المضيقين التركيين في العلاقات الدولية. وكانت تركيا قد أنهت الحرب العالمية الأولى رسميا عبر معاهدة لوزان السلمية في 1923. ولكن مشكلة المضيقين كمشكلة الموصل لم تُحل كما كانت تريد تركيا. فثمة إجحاف شديد بحق تركيا في اتفاقية المضيقين المبرمة في لوزان. فلم تنشر تركيا الأسلحة في محيط المضيقين حتى عام 1936.
وكانت الدول تتنافس في مجال التسليح في الثلاثينيات، ما زاد من القلق التركي، لذا حاولت تركيا إبرام اتفاقية جديدة تضمن سيادتها على المضيقين. فكانت اتفاقية مونترو للمضيقين 1936 ثمرة تلك المحاولات. وهذه الاتفاقية في الوقت نفسه مثال مهم على منهج السياسة الخارجية المبنية على القانون والدبلوماسية لدى أتاتورك. ولم تستند تركيا إلى الظروف المعتادة من أجل تغيير بنود الاتفاقية، بل استفادت من المنافسة التي كانت بين الدول الكبرى. وبذلك حُلت مشكلة المضيقين دبلوماسيا دون أن تتسبب تركيا بإغضاب أيٍّ من الدول. حيث حصلت تركيا على دعم إنجلترا والاتحاد السوفيتي ودول البلقان، وذهبت إلى مدينة مونترو السويسرية وفق الشراكة التي شكلتها. وقد وقَّعت كل من إنجلترا وفرنسا واليابان والنمسا وبلغاريا واليونان ورومانيا والاتحاد السوفيتي بالإضافة إلى تركيا على هذه الاتفاقية التي أُبرمت في 20 يوليو/ تموز 1936.

وقد نصت الاتفاقية على خضوع المضيقين للسيادة التركية. ولكن تم الاتفاق على حرية عبور السفن من المضيقين. بحيث يمكن للسفن المدنية أن تعبر المضيقين دون توقيف أيا كانت حمولتها. وبعبارة أخرى لا يمكن لتركيا توقيف السفن التابعة لروسيا أو أية دولة أخرى. وهذه الحقوق سارية حتى أثناء الحروب ما لم تكن تركيا مشاركة فيها، أي إن المضيقين يبقيان مفتوحين لجميع الأطراف أثناء قيام حرب لا تشارك فيها تركيا. أما إذا شاركت تركيا في الحرب فيمكن للسفن المدنية غير التابعة للدول المشاركة في الحرب أن تعبر المضيقين بحرية. شريطة عدم إيصال المعونات لأعداء تركيا.وهذا يتيح لتركيا حق توقيف أية سفينة وقت الحرب. فلو كانت هناك حرب بين تركيا وسوريا لما كان بإمكان السفن الروسية شحن البضائع إلى سوريا. وبعبارة أخرى إذا قالت تركيا اليوم إنها تشعر بالتهديد، وادعت بأن الحرب باتت وشيكة، يمكنها أن تفرض المزيد من الشروط على عبور السفن الأجنبية بما فيها السفن الروسية. ولكن لا شك في أن اتخاذ مثل هذا القرار يستوجب القوة السياسية والعسكرية.

وثمة قيود أكثر فيما يتعلق بالسفن الحربية. فثمة اعتراف ببعض الامتيازات لدول حوض البحر الأسود. فالسفن الحربية ملزمة بإبلاغ تركيا قبل عبور المضيقين في أوقات السلم. فالدول المطلة على البحر الأسود يجب أن تبلغ تركيا قبل 8 أيام من عبور السفن، أما الدول غير المطلة على البحر الأسود فتبلغ تركيا قبل 15 يوما. وفي أوقات الحرب لا يُسمح لسفن الدول المتحاربة بالمرور من المضيقين. وإذا كانت تركيا مشاركة في الحرب فيحق لها التحكم بحركة السفن الحربية في المضيقين كما تشاء.

وإذا ما شعرت تركيا بخطر الحرب فيمكنها إغلاق المضيقين في وجه بعض الدول. ولكن في هذه الحال ثمة حاجة لقوة سياسية عسكرية لمتابعة هذا القرار. لأنكم إذا أغلقتم المضيقين في وجه إحدى الدول بدعوى الحرب، يعني أنكم بدأتم بنوع من الحرب، وإن إغلاق المضيقين في وجه الدول المطلة على البحر الأسود مثل روسيا بمثابة تحدٍّ صارخ لها، وبالتالي ستكون ردة فعل تلك الدول شديدة جدا.

في حين أن النتيجة المهمة الثانية لإغلاق المضيقين هي فتح النقاش حول اتفاقية مونترو. وثمة احتمال لإصدار قرارات ضد المصالح التركية عن المؤتمر الذي يُعقد من أجل هذه الاتفاقية، وذلك لأنها اتفاقية دولية ذات أطراف متعددة.

والخلاصة أن تركيا لا يحق لها إغلاق المضيقين في وجه السفن الروسية إلا في حال حدوث حرب.

سدات لاتشينير – زمان التركية[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫5 تعليقات

  1. تستطيع تركيا لو أرادت أن تغلق مضيق البسفور في وجه السفن الروسية ولن تستطيع روسيا أن تدخل في نزاع مع تركيا لأنها سوف تدخل في نزاع مع دول تحالف الناتو

  2. تركيا و روسيا في كل الامور الاستراتيجية المتبادلة بينهم لا بريدو ولا بيحسنو و حكي العواطف ضحك على انفسنا من اي طرف كان

  3. المضيق ” تركي ” ، وبالتالي تستطيع تركيا أغلاقه من الناحية ” القانونية ” . ولن يعارضها أي دولة في العالم لان المضيق غير مهم .. وليس بأهمية قناة السويس أو مضيق باب المندب .