أوباما يسلم بشروط بوتين للتسوية في سوريا !

موافقة روسيا على المشاركة في الاجتماع الذي دعت الولايات المتحدة إلى عقده غداً الجمعة في نيويورك تمهيداً لإصدار قرار من مجلس الأمن في شأن التسوية في سورية لم تكن مجانية. فوزير الخارجية الأميركي جون كيري سلم عملياً رأس المعارضة السورية إلى فلاديمير بوتين، وخضع لسلسلة شروط وضعتها موسكو ليس أقلها القفز العلني على مقررات اجتماع الرياض.

قال كيري بعد اللقاء مع بوتين في الكرملين إن واشنطن وموسكو حققتا تقدماً في وضع خلافاتهما جانباً، مؤكداً أن «الولايات المتحدة وحلفاءها لا يسعون إلى ما يسمى تغيير النظام» السوري. وأضاف أن التركيز الآن «ليس على خلافاتنا في شأن ما يمكننا أو ما لا يمكننا فعله على الفور بخصوص بشار الأسد»، بل على تسهيل عملية السلام التي «يقرر السوريون خلالها مستقبل سورية»، في تبنّ للشعار الذي يردده الروس في كل مناسبة.

لم يكن أحد يشك أصلاً في أن الأميركيين تراجعوا قبل بداية التدخل العسكري الروسي عن مطالبتهم برحيل الأسد، بل هم أجبروا حلفاءهم الأوروبيين على تبني موقف «مرن» من حاكم دمشق، ثم دفعوا المعارضة إلى التوقف عن المطالبة بتنحيه الفوري، فاكتفت بالمطالبة برحيله فور بدء المرحلة الانتقالية بعد ستة أشهر من المفاوضات.

الآن لم يعد حتى هذا وارداً بالنسبة إلى واشنطن. المهم أن تتخلص الإدارة الديموقراطية من ورطتها التي جعلتها عرضة لهجمات عنيفة من المرشحين الجمهوريين المحتملين إلى الرئاسة الأميركية وخفضت ثقة المواطنين في فاعلية خطتها لمواجهة «داعش»، والمهم أن يسهم الروس في التسوية، أي تسوية، لكي يتمكن أوباما من الوفاء بوعوده للأميركيين بأنه قادر على إيجاد حلول للأزمات الدولية من دون تدخل مباشر أو توريط جيشهم في حرب جديدة.

فالأميركيون بحسب استطلاعات الرأي ليسوا معنيين بإيجاد حلول للأزمة السورية المستمرة منذ نحو خمس سنوات، بحد ذاتها، بغض النظر عن أكلافها الهائلة على كل صعيد، بل هم خائفون من وقوع اعتداءات إرهابية على أراضيهم بسببها، ولذلك اتخذ معظمهم موقفاً سلبياً من استقبال اللاجئين السوريين خشية أن يكون بينهم «إرهابيون مندسون».

وفي مؤتمره الصحافي في موسكو، اعتبر كيري مطلب المعارضة التي اجتمعت في الرياض في شأن ضرورة رحيل الأسد فور بدء المرحلة الانتقالية التي تلي المفاوضات بين الطرفين بأنه «موقف غير مرتبط (بالمفاوضات) بالتأكيد».

والشرط الروسي الآخر الذي استجاب له الأميركيون كان مطالبة موسكو بإعادة النظر في تصنيف المنظمات السورية المعارضة بعدما اعتبرت أن بعض المشاركين في مؤتمر الرياض «إرهابيون». ويبدو أن واشنطن طلبت من الأردن التريث في وضع قائمة بالمنظمات الإرهابية في سورية بانتظار نتائج مفاوضات كيري. وقد يعني هذا أن البحث انتقل الآن إلى تحديد أطراف المعارضة الذين يمكن أن يشاركوا في المفاوضات بناء للمعايير الروسية، وفي ذلك استبعاد فوري لبعض أهم الفصائل المقاتلة على الأرض يفتح الباب أمام احتمال شق صفوف المعارضة أو حتى حصول قتال بين أطرافها.

وأكثر من ذلك، يريد الروس فرض حزب «الاتحاد الديموقراطي» الكردي الموالي للأسد والمعادي لتركيا، والذي لم يدع إلى اجتماع الرياض، ليكون طرفاً في وفد التفاوض مع النظام. وهو حزب تدعمه واشنطن أيضاً وتقدم له المال والسلاح والحماية الجوية.

خلاصة كل هذا، أن الأميركيين نصبوا أنفسهم بديلا من المعارضة عوض أن يكون دورهم دعمها وإسناد خياراتها، وقبلوا بأن يكون الروس حماة الأسد والمفاوضين باسمه، وهم على استعداد لتقديم كل التنازلات الممكنة لنفض أيديهم من الأزمة السورية، ودوماً بذريعة «محاربة الإرهاب».

حسان حيدر – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫6 تعليقات

  1. هذا الموقف الاميركي الاسرائلي الاوروبي معروف ومنتظر!!!
    ماهو رد الشعب السوري؟؟؟

  2. شاوي
    يلعن ابو لحيتكم على ابو كل الخا يسين من الامريكان و الاوربيون وكل واحد يتاجر بدمنا

  3. امريكا واسرائيل و اليهود هم من يريدون الاسد . لأنهم لم يجدو أفضل منه كعميل.

  4. الموقف الأمريكي لا جديد فيه …

    هو مع بقاء النظام بأي شكل ،،، بمعنى أن جبهة النظام و أعداء الشعب السوري لا تزال على وضعها بدون أي تغيير …

    بالمقابل ، جبهة الثورة شهدت دفعة (معينة) نتيجة التوحد الذي تم خلال إجتماع الرياض (و لو كان بشكل مبدئي ، و من خلال تقريب وجهات نظر مختلف اطياف المعارضة) .. بمعنى أن جبهة الثورة في تقدم و لو بسيط ..

  5. من يعتقد ان أوباما و الاوروبيين كانوا يدعمون الشعب السوري بغير الكلام و الجعجعة و الكلام الفاضي فهو واهم و يخدع نفسه و يخدع غيره وبده فت خبز كبير في عالم السياسة
    كل ما يقوم به بوطين و العصابات الشيعية في المنطقة هو بتنسيق كامل مع اوباما و اسرائيل