” المادة السابعة ” السورية في إستثنائية مؤتمر الرياض
لم تكن المفاجأة كبيرة في مؤتمر الرياض للجهة التنظيمية تحديداً، فالأمور تُقرأ من عناوينها. التباشير الأولى للمؤتمر، وفي مقدّمها رسالة الدعوة التي وُجّهت بدايةً إلى 65 شخصية سوريّة كنتُ واحدةً منها في تاريخ 30 تشرين الثاني (نوفمبر)، كانت ناظماً عتيداً ليومي أعمال المؤتمر الكثيفَين. حملتْ لغة الرسالة قدراً عالياً من التركيز والوضوح والرغبة في التوكيد على المرجعية الأممية المعتمَدة لصيغة مقررات جنيف 1 كحامل لمرحلتي التفاوض وانتقال السلطة القادمتَين؛ فبناء الدعوة على مرجعية القرار الدولي الأبرز، والذي يحقق شروط الثورة ويحاكي تضحيات ثوارها والمقاتلين من أجلها، هو بحدّ ذاته إنجاز استباقي للمؤتمر يُنبئ عن شخصية راسم استراتيجيته وخط مساره، السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، خلال يومين فارقين من عمر العمل المعارض السوري في 9 و10 كانون الأول (ديسمبر) 2015؛ الجبير الذي عرفناه بمهنيته وتفوّقه على معظم رؤساء البعثات الديبلوماسية في العاصمة الأميركية واشنطن خلال فترة خدمته سفيراً للمملكة العربية السعودية هناك، ولا ريب أنه نقل منظومة عمله الآن بكل آلياتها وأطرها الحداثية ذات الشفافية العالية إلى موقعه الجديد رأساً للديبلوماسية السعودية في العاصمة الرياض.
يضاف إلى هذه القيمة الأمميّة للمؤتمر بُعد آخر يعتبر سابقة في تاريخ الحراك المعارض السوري، وكذا تمكيناً لجناحه السياسي الذي طالما أشير إليه بالتساؤل حول مدى ارتباطه مع الميدان وقدرته على التواصل والإدارة السياسية للعمل العسكري على الأرض السوريّة، وذلك بدعوة الممثلين السياسيين عن الفصائل المقاتلة المعتدلة وهي: الجبهة الشمالية، الجبهة الجنوبية، جيش الإسلام، وأحرار الشام، كأعضاء فاعلين في برنامج المؤتمر بل مؤثّرين في قراراته السياسية التي تكاد تقترب من المصيرية قياساً بحرج المرحلة ودقّتها. وأقل ما يقال عن جلوس الجناح السياسي للثورة السورية إلى طاولة واحدة مع الجناح العسكري أنها «ضربة معلّم» حقّقت اختراقاً عظيماً لمجريات العمل الثوري بكوادره مجتمعة، ووحّدت الجناحين على كلمة سواء يكاد رحيل بشار الأسد ورفض بقائه في السلطة خلال المرحلة الانتقالية من أهم مفاصلها التي أقرّها المؤتمرون وأدرجوها كبند رئيس من بنود بيان الرياض.
بيان الرياض أنجز أيضاً تثبيتاً وشرعنة لمصطلحات توافقية من أهمها: مدنية الدولة وتعدّديتها، مرجعية وسيادة القانون في تدبير شؤونها، واعتماد نظام اللامركزية الإدارية. وتمّ إقرار تلك الثوابت من غير اعتراض أو تحفّظ من جهة الإسلاميين، أو الفصائل، ولا حتى من قِبَل عتاة القوميين العرب من المؤتمرين. فالدولة المدنية المنشودة في سورية الجديدة هي أقصى طموحات اليمين واليسار والوسط أيضاً كونها جامعة ومتكاملة وعادلة، بمعنى أنها لا تلغي الحس التعدّدي العلماني الذي تتعايش تحت مظلته الأديان والطوائف والأعراق والمعتقدات السياسية كافّة، حيث القاسم المشترك الأعظم هو المواطنة حقاً وواجباً، وكذا لا تتفوّق على الهوية المسلمة للدولة التي أقرّها الدستور السوري للعام 1950 وقد أُعدّ بعيد الاستقلال عن الانتداب الفرنسي، وهو مرجعية مقبولة وقابلة للتطوير والتعديل بحسب المعطيات المستجدّة التي حملتها الثورة من جهة، وحاجات ومعطيات القرن الحادي والعشرين من جهة أخرى، للدخول بسورية الجديدة إلى موقعها العولمي الذي غيّبه الاستبداد ونظام القهر الجماعي في عهديّ الأسدَين، الأب والابن، وما أنتجاه من دساتير انفرادية كانت تُحاك وتتغاير تبعاً لقياسهما ومصالحهما الذاتية.
أما سقف «سيادة القانون» الذي أقرّه بيان الرياض فهو الخط الحسم الذي سيضع السوريين سواسية في الحق والواجب وكذا في المساءلة والمحاسبة، في كفّتي ميزان المساواة والعدالة حيث يستوي الجميع أمام منصة القضاء، ويقع كل مواطن سوري تحت طائلة العقاب أو الثواب طبقاً لأدائه في مجتمعه وليس وفقاً لانتساب لحزب أو طائفة أو عائلة أو ثروة؛ وحيث لا موانع أمام الشريعة الإسلامية أن تكون أحد مصادر التشريع الرئيسة. ومجرد توقيع أطياف مؤتمر الرياض، بمن فيهم الإسلاميون من مقاتلين وسياسيين على سواء، على الاحتكام للقانون الوضعي هو تقدّم آخر باتجاه الدولة السورية المنشودة – دولة المواطنة وحكم القانون.
أما عن اللامركزية الإدارية فقد كلفتنا شغلاً موصولاً منذ أن كنتُ قد طرحتُ صيغتها في أول منظومة سياسية من عمر الثورة تشكّلت ما قبل تكوين المجلس الوطني السوري بأشهر في آب (أغسطس) 2011 وهي «الجمعية الوطنية السورية»، وقد أطلقتُها حينها مع الشهيد والقائد الكردي مشعل تمو قبيل أشهر من استشهاده. وقد كانت اللامركزية الإدارية طرحاً مقبولاً لمعظم الثوار الأكراد الذين كان يتشاور معهم ويمثّل معظم أطيافهم كقائد سوري كردي وطني موحِّد بامتياز قبل أن تناله يد الغدر في مدينة قامشلو في ليل 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2011 على يدّ العتاة من الانفصاليين الذين كانوا يروّجون لصيغ «اللامركزية السياسية» وليس «الإدارية» منذ الأحرف الأولى للثورة، تمهيداً لانفصال غير معلن يكمن تحت الرماد.
تبقى التفاصيل القادمة من متعلّقات ثوابت وشروط مرحلتي التفاوض والانتقال بالسلطة هي التي ستحمل الشياطين إلى الطاولة إذا لم يتمّ اختيار الوفد المفاوض المباشر، وقد أنيط بهذه المهمّة للهيئة العليا للمفاوضات التي أنتجها المؤتمر ومقرّها مدينة الرياض، وهو اختيار مبني على معايير الكفاءة والخبرة والباع الممتدّ في التعامل مع المجتمع الدولي، وكذا الحنكة في المناورة عند الحاجة إليها طبقاً لقواعد الديبلوماسية العامة في هكذا حوارات صعبة ومعقّدة، والقدرة على التخاطب ومواجهة مطبّات الإعلام لهدف الحفاظ على ثوابت الخطاب لفترة قد تطول.
ويبقى فصل المقال في تحقيق الضمانات الملزِمة للسير السلس والتطبيق المنتظم لكل ما تؤول إليه المفاوضات السياسية العسكرية في آن. الضمان كما طرحتُ في المؤتمر ينحصر في إبقاء السلاح متيقّظاً ومستعداً بيد الثوار لحماية مكاسب الثورة خلال مرحلة وقف إطلاق النار، وأثناء تنفيذ العملية الانتقالية وانتقال السلطة غير مجتزأة إلى يد الشعب السوري، مروراً بإطلاق الانتخابات العامة البرلمانية والرئاسية، ووصولاً إلى مرحلة كتابة وإقرار دستور الدولة الجديدة؛ وذلك درءاً لأي تساهل أو التفاف أو تحايل عرف به النظام السوري عبر تاريخه الملتوي. سلاحنا هو المادة السابعة السورية بامتياز، وهي الضامن الحقيقي لوصول الثورة إلى خواتيمها السعيدة بعد جارف من أحزانٍ ودم؛ وعندها فقط يجمع سلاح الثورة، وينتظم مقاتلوها في عداد جيش وطني جديد، وتخلد البندقية برمزيتها إلى «متحف الثورة السورية الماجدة» الذي سنرفعه قريباً في دمشقنا المحرّرة من أشكال الظلمات والطغيان.
مرح البقاعي – الحياة[ads3]
sifooonnnnnn
ياريت يا ست مرح تخبرينا اذا كانت سلطات ال سعود سمحتلك بمجالسة الرجال و كشف وجهك وشعرك امامهم
ولا مين وصللا على المؤتمر …… محرم من جماعتها ربما الخوجة او ربما الشوفير الهندي سنج شاهاتا كلكتا من المقيميين…..ولك تضربوا
عاشت سوريا حرية خالية من الاسد والجهل