مقتل الكسندرا مزهر على يد لاجئ يؤجج التوتر في السويد
قد تكون الشرطة السويدية تمكنت من ضبط الوضع في العاصمة ستوكهولم، بعدما نزل عشرات المتطرفين الى الشارع لمطاردة مهاجرين الجمعة الماضي. الا ان هذا الحادث يبقى معبرا عن حالة من التوتر الشديد في السويد، اثر مقتل المدرسة السويدية من اصل لبناني الكسندرا مزهر على يد فتى من طالبي اللجوء.
فقد نزل مساء الجمعة بين 50 و100 ملثم الى الشارع، واعتدوا بالضرب على “اشخاص لهم ملامح اجنبية”، موزعين منشورات تدعو الى “تلقين اولاد الشارع من شمال افريقيا العقاب الذي يستحقونه”.
ونجحت الشرطة في اجبار المعتدين على الفرار. الا ان مشاهد الاعتداءات في الشارع قلبت المفاهيم لدى سكان هذه الامة السويدية اللوثرية التي تطرح نفسها، باسم مفاهيم انسانية عالمية، ملجأ للمضطهدين في العالم. وكتبت اليوم صحيفة “اكسبرسن” في صفحتها الاولى: “ماذا يحدث في السويد؟” وعددت الاحداث التي لها علاقة بتدفق اللاجئين، مثل احراق منازل، والتوتر في الشارع، وتجاوزات بعض المهاجرين.
وحمّلت الصحافة اليمينية واليسارية على السواء رئيس الحكومة الاشتراكي الديموقراطي ستيفان لوففن مسؤولية هذه الازمة، معتبرة انه قلل اهمية التحديات التي تواجه البلاد بسبب ازمة المهاجرين.
وكانت صحيفة “سفنسكا داغبلاديت” الناطقة باسم يمين الوسط حذرت منذ الخريف الماضي من تداعيات تدفق اللاجئين. وكتبت: “من تجرأوا على مناقشة الرابط بين عدد الواصلين والقدرة على استقبالهم جيدا وادماجهم، اتهموا بتقديم صورة سوداوية ولعب ورقة اليمين المتطرف”. وفي 26 كانون الثاني الجاري، نشرت افتتاحية دعت فيها الى طرد المنحرفين الاجانب، مما يدل على صدمة احدثها مقتل الشابة مزهر في 25 الجاري، طعنا، على يد فتى في الـ15 من العمر في بيت للاجئين القصر الذين وصلوا الى البلاد من دون اهلهم او اقارب لهم.
وكانت مزهر تعمل وحدها في بلدة ملوندار في ضاحية غوتبورغ جنوب غرب البلاد، في هذا البيت المكتظ باللاجئين. وقال عمّ الشابة القتيلة: “لم نكن نتصور ان شيئا من هذا القبيل يمكن ان يحصل في السويد. نحمّل الحكومة ورئيسها مسؤولية ما حصل”.
وزار رئيس الحكومة مكان الحادث. الا ان تعليقاته فاجأت كثيرين. فقد قال ان “لا حل بسيطا” لهذه الازمة، مما دفع بصحيفة “داغنس نيهيتر” الى القول ان “لوففن ليس لديه ما يقوله”.
واعلنت الحكومة، بعد الحادث، عزمها على تطبيق قرارها بطرد طالبي اللجوء الذين رفضت طلباتهم، ويقدّرون بنحو 60 الفا للعام 2015 وحده. خلال العامين 2014 و2015، استقبلت السويد نحو 250 الف مهاجر، ليصبح عدد الاجانب في هذا البلد نحو 20 في المئة من مجموع السكان، وهي اعلى نسبة في بلدان الاتحاد الاوروبي.
وبات معلقون كثيرون يعتبرون ان “النموذج السويدي” يتداعى مع تدفق اللاجئين باعداد كبيرة جدا، مما ادى الى نقص كبير في عدد المساكن القادرة على استقبال اللاجئين، وزيادة الفوارق الاجتماعية بين فئات السكان. وقالت ايفا المتقاعدة من مدينة بوراس التي كانت عاصمة النسيج في السويد، وهي المدينة التي كانت مزهر تعيش فيها: “لقد تغير البلد كثيرا. كان مكانا هادئا. واليوم لم نعد نسمع سوى اخبار العنف والاعتداءات”.
وقال المؤرخ لارس تراغارد في تحليله للوضع في السويد ان “اليسار تناسى، بسبب حرصه الشديد على الحفاظ على صورة السويد كدولة كبرى من الناحية الاخلاقية، البعد الوطني للمشكلة، وفتح الباب امام تنظيم “ديموقراطيي السويد” من اليمين المتطرف”. هذا الحزب حرص على النأي بنفسه من مجموعات عنصرية عنيفة نشطت خلال التسعينات ضد لاجئين اتوا من البلقان. ويخشى ان يكونوا اليوم عادوا الى نشاطهم.
وتشتبه القوات الامنية بتجنيد متطرفين من مشجعي اندية كرة القدم الذين وجهت اصابع الاتهام الى بعضهم، اثر عمليات مطاردة استهدفت المهاجرين الجمعة الماضي. واكد موقع “نوردفرونت” الذي يمثل حركة “اس. ام. ار” النازية مشاركة “نحو 100 مشاغب” الجمعة، في اعمال العنف من ناديي “اي. آي. كي” و”ديورغاردن”. (AFP)[ads3]