ألمانيا : هل يحسم اللاجئون نتائج انتخابات ولاية بادن فورتمبيرغ ؟
تعد ولاية بادن فورتمبيرغ معقلاً دائماً لحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ومركزاً مهما لبسط سيطرته السياسية. وباختصار فالولاية كانت دوماً بمثابة رهان آمن للحزب. وبالنسبة لأعضاء الحزب فكانت لديهم تلك القناعة إلى أن فقدوا قبل خمس سنوات منصب رئيس الوزراء الذي فاز به فينفريد كريتشمان من حزب الخضر، حيث حصل الخضر على 24.2 بالمائة من الأصوات في الانتخابات الماضية، وكانت تلك النسبة كافية للدخول في تحالف مع الحزب الديمقراطي الاشتراكي. صدمة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي كانت كبيرة خصوصا وأنه احتكر منصب رئيس وزراء ولاية بادن فورتمبيرغ منذ 1953. وحاول أعضاء الحزب مواساة أنفسهم بعد تلك الخسارة بالقول إن حزبهم ظل أقوى قوة سياسية في الولاية المحافظة.
هزيمة كبيرة لحزب المستشارة في ولاية بادن فورتمبيرغ
فوز حزب الخضر بمنصب رئيس الوزراء في مارس / أذار 2011 اعتبره أعضاء حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي حدثاً عابراً، واعتقدوا أنهم سيستدركون الهزيمة على أبعد تقدير في الانتخابات القادمة، وسيطيحون برئيس الوزراء فينفريد كريتشمان من حزب الخضر. فهذا الأخير استفاد في تلك الفترة من كارثة فوكوشيما النووية والتي حصلت جراء زلزال اليابان الكبير. كما أن التدخل العنيف والمفرط للشرطة ضد معارضي مشروع المحطة الجديدة للقطار بمدينة شتوتغارت والمعروف بـ “شتوتغارت 21 “، وأيضا الإدارة غير المقنعة للأزمة من طرف رئيس الوزراء السابق ستيفان مابوس من حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، ساهم في هزيمة الحزب المسيحي وفوز حزب الخضر.
بعد ذلك كانت خطة حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي هي تجاوز الهزيمة، التي كانت وصمة عار في جبينه، خلال الانتخابات القادمة والتي ستجرى في 13 من مارس/ آذار الجاري. بيد أن استطلاعات الرأي تتوقع ارتفاع حظوظ حزب الخضر إلى 30 في المائة. وفي حال استمر الحزب في هذا الاتجاه، يمكن للخضر أن يحققوا أول انتصار بهذا الحجم في تاريخ ألمانيا. وفيما يخص التوقعات الخاصة بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فتقدر بـ 30 في المائة فقط أو أقل، علما أنه حقق 39 في المائة من الأصوات في آخر انتخابات في ولاية بادن فورتمبيرغ. ومن بين الأسباب وراء ذلك التراجع استياء الكثير من الناخبين من سياسة ميركل تجاه اللاجئين.
استياء المحافظين من سياسة ميركل تجاه اللاجئين
ولهذا السبب يحاول مرشح حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي غيدو وولف، التوفيق بين كسب رضا أنصار سياسة ميركل ومنتقديها، من خلال مطالبته بتطبيق نظام الحصص اليومية للاجئين الوافدين على ألمانيا، وهو ما ترفضه المستشارة ميركل بشدة. أما رئيس الوزراء فينفريد كريتشمان من حزب الخضر المعارض داخل البرلمان الألماني، فيساند سياسة الأبواب المفتوحة لميركل. ويرى كريتشمان أن أزمة اللاجئين لا يمكن حلها إلا على المستوى الأوروبي. وفي هذا الصدد يقول كريتشمان “أنا أدعم المستشارة لأنها تنتهج طريقاً حازماً بخصوص سياسة اللاجئين”.
ويدين أعضاء حزب الخضر في التوقعات الجيدة لاستطلاعات الرأي بشكل خاص لرئيس الوزراء كريتشمان. ويرى غالبية سكان الولاية أن هذا المعلم السابق البالغ من العمر 67 عاماً يقدم انطباعاً جيداً. كريتشمان الكاثوليكي الذي يتهمه رفاقه في الحزب بأنه غير يساري بما يكفي، يتبع نهجاً سياسيا برغماتياً. ويمزج في سياسته بين الجانب الإيكولوجي والاقتصادي في ولاية بادن فورتمبيرغ التي يعتمد اقتصادها على التكنولوجيا العالية، وتعد مقر كبريات شركات صناعة السيارات الألمانية مثل دايملر وبي إم دبليو.
ولا تقتصر الشعبية المرتفعة لفينفريد كريتشمان على أعضاء حزبه. فأنصاره داخل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي يتجاوزن منافسه غيدو وولف من الحزب المسيحي. ويصف كريتشمان غيدو وولف بـ “السياسي المنتمي لحزب الخضر، لكن خطابه أسود (رمز الحزب المسيحي)، دون أن يكون وجهه أحمر (رمز الحزب الاشتراكي)”. ويبقى حزب الخضر منافساً صعباً أمام الحزب المسيحي الديموقراطي خصوصا وأن الخضر يتولون منصب العمدة في كبريات المدن الجامعية كفرايبورغ، وتوبنغن وفي شتوتغارت عاصمة الولاية.
ماهي التحالفات الواردة؟
وحتى في حال نجاح حزب الخضر في كسب المزيد من أصوات الناخبين، فإن الشكوك تبقى مطروحة فيما إذا كان ذلك سيكفي ليشكل الحزب مرة أخرى تحالفا مع حليفه المفضل الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وتعطي استطلاعات الرأي للحزب الاشتراكي الديمقراطي ما بين 13 إلى 16 في المائة. أما حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوية فيسعى إلى انتزاع أصوات حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي، وربما ينجح للمرة الأولى في الدخول إلى برلمان الولاية، الذي يتوفر فيه الحزب الليبرالي على ممثلين له، عكس حزب اليسار الذي لم يحجز له أي مقعد.وبدوره يحاول حزب اليسار تنفير ناخبي حزب الخضر من هذا الحزب بدعوى أن حزب الخضر في بادن فورتمبيرغ لم يعد ومنذ مدة ذا توجه بيئي واجتماعي، وإنما صار توجهه شبيهاً بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي.
ويفتح هذا التضارب الباب أمام تكهنات مختلفة حول الائتلافات الحكومية الممكنة. ففي حال فشل التحالف بين حزب الخضر والحزب الاشتراكي الديمقراطي، يمكن أن يكون التحالف بين الحزب المسيحي وحزب الخضر خياراً وارداً. أما عندما يحصل الخضر على عدد أكبر من الأصوات مقارنة بحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فإن التحالف بين الحزبين سيكون صعباً. فغيدو وولف، مرشح حزب ميركل في الولاية، لن يقبل على الإطلاق أن يكون الحليف الأصغر تحت مظلة حزب الخضر. ويبقى هدفه هو أن يكون حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي قويا في الولاية، كما في السابق. (DW)[ads3]