أيها السوريون : أبشروا بديمقراطية على طريقة الثنائي المرح بوتين ـ مدفيديف

أفضل مثل ينطبق على روسا المثل الشعبي الشهير: «طبيب يداوي الناس وهو عليل»، ففي أحسن الأحوال، لن تقدم روسيا العليلة ديمقراطياً للسوريين أكثر من نموذجها «الديمو خراطي» الكوميدي الذي أصبح مثاراً للسخرية والتهكم عالمياً. فربما يغيب عن أذهان الكثيرين أن كل ثورات أوروبا الشرقية نجحت، واستطاعت بعدها الشعوب أن تنتقل فعلياً من حقبة الطغيان الشيوعي إلى حقبة الديمقراطية الرأسمالية. لكن روسيا كانت الاستثناء الوحيد الذي عارض حركة التاريخ. صحيح أن رومانيا تأخرت قليلاً عن ركب جاراتها في الانتقال الديمقراطي، حيث ظل شبح تشاوسيسكو جاثماً على البلاد حوالي عشر سنوات بعد نفوق الطاغية، لكن رومانيا نجحت في ما بعد في التخلص من تركة تشاوسيسكو ونائبه الذي استمر في الحكم بعد الثورة لعقد من الزمان. وبعد أن أيقنت أوروبا الغربية أن شقيقاتها الشرقية قد تخلصت فعلاً من الإرث الشيوعي الطغياني استقبلتها في الاتحاد الأوربي لتصبح أعضاء كاملة الأوصاف. لكن وكر الشيوعية الأصلي الذي كان يتمثل بالاتحاد السوفياتي لم يفارق عهد الطغيان إلا شكلياً.

على عكس كل الدول الأوربية الشرقية، التي كانت تدور في الفلك الروسي، انتقلت روسيا بعد ثورتها، أو لنقل بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، من الديكتاتورية الشيوعية إلى عصر المافيا، حيث حكمت المافيا هناك لفترة من الزمن ريثما يتشكل نظام جديد يحكم البلاد بعد سقوط النظام الشيوعي. وبعد طول انتظار، لم يحظ الشعب الروسي بحكم ديمقراطي على غرار بقية دول أوروبا الشرقية التي انتقلت فعلياً إلى النظام الديمقراطي الحقيقي. لا شك أن النظام الروسي الجديد راح ينافس الرأسمالية المتوحشة اقتصادياً، حيث تحولت موسكو إلى واحدة من أغلى العواصم في العالم، لكن النظام السياسي الجديد ظل نظاماً سوفياتياً بواجهة ديمقراطية زائفة. صحيح أن الدولة الروسية الجديدة تظاهرت باتباع النظام الديمقراطي والانتخابات والتعددية الحزبية وغيرها من مظاهر الديمقراطية، إلا أنها في الواقع كانت وما زالت بعيدة عن الديمقراطية الحقيقية بعد الأرض عن الشمس.

انظروا فقط إلى لعبة التداول على السلطة المزعومة في روسيا منذ سنوات طوال. لقد تحولت روسيا إلى لعبة في أيدي الثنائي الشهير ميدفيديف – بوتين. مرة يكون ميدفيديف رئيساً للجمهورية وبوتين رئيساً للوزراء، ومرة يكون العكس، مع الانتباه طبعاً إلى أن الحاكم الحقيقي الوحيد في روسيا هو بوتين، بينما يلعب مدفيديف دور الكومبارس الديمقراطي. ولسنا بحاجة أبداً لأي برهان كي نرى كيف أصبحت روسيا العظمى كلها مرتبطة باسم بوتين، بينما ينظر حتى الروس أنفسهم إلى ميدفيديف، شريك بوتين في السلطة، على أنه مجرد ديكور ديمقراطي، بينما السلطة الحقيقية للقيصر بوتين، وهو الاسم الذي تطلقه عليه وسائل الإعلام الغربية، لأنه الحاكم بأمره بقوة الجيش وأجهزة الأمن الروسية الشهيرة التي ورثت أساليب الكي جي بي من ألفها إلى يائها.

وبما أن روسيا أصبحت صاحبة الكلمة العليا في سوريا بعد احتلالها المباشر للبلاد بغطاء شرعي زائف اسمه بشار الأسد، فهي لا شك ستنقل للسوريين تجربتها «الديموخراطية» الكوميدية، بحيث ستعمل على إجراء انتخابات يفوز فيها عميلها في دمشق سواء كان بشار أم عميل آخر من نفس الطينة. ويجب أن ننوه هنا إلى أن روسيا تغلغلت عميقاً داخل المؤسستين العسكرية والأمنية السورية، وتعرف أيضاً كيف تتلاعب بأتباعها داخل المؤسستين. وبالتالي، فيما لو حصل تغيير في سوريا، فلا شك أنه سيكون على الطريقة الروسية، بحيث سيبقى الأمن والعسكر مسيطرين على البلاد بنفس الطريقة التي يدير بها بوتين روسيا «الجديدة». بعبارة أخرى، فإن الثورة السورية ستفرز واقعاً مشابهاً للواقع الذي أفرزته الثورة الروسية المسكينة التي انتقلت ظاهرياً من العهد السوفييتي الشيوعي إلى العهد الديمقراطي الزائف، بينما ظلت اليد العليا فيها عملياً للجيش والاستخبارات. ولا ننسى طبعاً أن الرئيس الروسي بوتين نفسه هو أحد رجالات المخابرات الروسية «الأشاوس». وهذا يؤكد أن روسيا شذت عن باقي ثورات أوروبا الشرقية.

وفي أحسن الأحوال، إذا ظلت روسيا ممسكة، بزمام الأمور في سوريا، فلن يحصل السوريون إلا على نسخة مشوهة من «الديموخراطية» الروسية، بحيث سيكون لدينا رئيس من فصيلة المخابرات والعسكر حاكم بأمره يتناوب على السلطة مع شخصية أخرى من وزن «الطرطور»، كي يقنع العالم بأن سوريا تغيرت وأصبحت ديمقراطية، بينما هي في الواقع انتقلت من سيء إلى أسوأ. ولا شك أن «الديموخراطية» السورية ذات النكهة الروسية ستكون مناسبة جداً لإسرائيل، لأنها تطمئنها بأن الشعب السوري سيبقى تحت ربقة العسكر والمخابرات الذين حموا إسرائيل من الشعب السوري على مدى نصف قرن من الزمان. فهل سيقبل السوريون بأن تذهب تضحياتهم الهائلة أدراج الرياح مقابل الحصول على نظام عسكري مخابراتي برداء ديموخراطي زائف من طراز بوتين- ميدفيديف، أو مديفيديف ـ بوتين؟

فيصل القاسم – القدس العربي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫6 تعليقات

  1. بوتين ومدفيديف يذكروني بالفلم الكوميدي الغبي والأكثر غبائاً ?

  2. أقام وزير مالية النظام، اسماعيل اسماعيل، عرسًا لنجله في فندق “داما روز” وسط العاصمة السورية دمشق، حضره عدد من الوزراء ومسؤولي النظام.

    وبحسب صفحة “سوريا فساد في زمن الإصلاح” الموالية، والمهتمة بتسليط الضوء على قضايا الفساد في سوريا، فإن الحفل أقيم مساء أمس، وحضره عدد من شخصيات الحكومة، أبرزهم وائل الحلقي، وبشر اليازجي، وهمام جزائرلي، وآخرون.

    ووصفت الصفحة في منشور لها عبر “فيسبوك”، الحفلة بأنها باذخة، موجهة انتقادًا للوزير وباقي مسؤولي الحكومة، وقالت “اليوم عرس ابن وزير المالية بالداما روز، وعرس علي ومحمد وحسن وجعفر ورامي وغيرون كتار استشهدوا، كرمال يضل وزير المالية وابنو والداما روز وكل يلي حضروا العرس بخير وأمان”.

    و يعتبر فندق “داما روز” من أفخر فنادق العاصمة السورية، وتعتبر تكلفة إقامة الأعراس والاحتفالات فيه مرتفعة قياسًا على باقي الفنادق أو الصالات.

    ويتهم موالون ومعارضون، حكومة النظام السوري، بالفساد المالي والأخلاقي، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ نحو خمسة أعوام، جراء آلة الحرب على المنتفضين ضد بشار الأسد وقواته.

    1. نحن شعب أعزنا الله بالاسلام
      فاذا ابتغينا العزة بغيره ازلنا الله
      يسقط الاسد النصيري
      وتحيا الثورة السورية

  3. إذا كانت رومانيا قد احتاجت لعشر سنوات لكي تتخلص من حكم تشاوشيسكو وهي في وسط واحة من البلدان الأوروبية الديمقراطية فأظن أننا قي سوريا سنحتاج لمائة عام لكي نحصل على حريتنا وديموقراطيتنا بعد سقوط نظام ذيل الكلب الأهبلوف ولمن يريد أن يعرف بالتفصيل ماذا سيحصل في سوريا في أول 5 سنوات بعد سقوط ذيل الكلب فما عليه إلا أن ينظر إلى ليبيا وسيعرف الجواب.

  4. أعتقد جازماً أن الحكم في روسيا لا علاقة له بالديمو (خراطية)، وقد نجح الدكتور فيصل بتسليط الضوء على ذلك…لكن لمن لايعرف خفايا الأمور فإن روسيا محكومة فقط بالمافيا…ورئيسها (بوطن). هذا الوغد الذي عايش زمن المافيا وكان أحد أزلامها في مدينة سان بيتر بورغ الروسية كما يقول الروس، وقد رأيناه وهو يحمل الشنطة لعمدة المدينة وقتذاك.. وليعلم من يحب هذا المجرم أنه وحين انهيار الإتحاد السوفييتي كان يبحث عن مبلغ 200 دولار كي يدفع قسطاً ويشتري سيارة لادا…ليعمل عليها شوفير.. وللعلم فإن (الشوفير )كما يقول أخوتنا السوريون يشبه (الشر.م …و…طة) في كل شيء وروسيا ليست استثناء… لارجل (ك ج ب9 ولا شي..هو رجل مافيا بامتياز… واقرؤوا ما يتناقله الروس همساً ونقلاً عن زوجته السابقة.. وتحية للدكتور فيصل