هل ينقذ الاتفاق مع تركيا ألمانيا من ” البديل ” ؟

قبل ان يقرّ قادة الاتحاد الأوروبي اتفاقا مثيرًا للجدل مع #تركيا يهدف الى وقف تدفق الهجرة غير القانونية إلى القارة القديمة مقابل امتيازات مالية وسياسية لأنقرة، ادخلت قضية #اللاجئين الدول الاوروبية، ولا سيما #ألمانيا، في ازمة كبيرة بعدما عكست الانتخابات الجزئية الاخيرة التي حصلت في ألمانيا نهاية الاسبوع الماضي، تحولات كبيرة تنبئ بانهيار المشهد الحزبي القديم، وتنذر بمخاطر على الديمقراطية.

فقد استغل حزب “البديل من اجل ألمانيا” المناهض للاجانب واليمين المتطرف عدم وجود سياسة ثابتة وواضحة لدى الائتلاف الحاكم والخلافات في داخله ليصعد الى البرلمان في ثلاث مقاطعات ألمانية في ما يمثل خرقا كبيرا في السياسة الألمانية، ما يستدعي من الائتلاف الحاكم ولا سيما زعيمته انغيلا ميركل النظر بجدية الى تهديدات هذا الحزب، وربما اضطراراها الى التعامل معه على رغم رفضها الكامل لمبادئه وسياسته القائمة على كراهية الاجانب.

و”البديل”، هو حزب تأسس عام 2013 على خلفية أزمة الديون اليونانية التي أحدثت اضطراباً كبيراً في الاقتصاد الأوروبي، ويطلق عليه اسم “الحزب المعادي للأورو” لأنّه ينادي بتفكيك منطقة الأورو وعودة كل دولة من دولها إلى عملتها الوطنية. وعلى رغم فشله في معارضة حملة الإنقاذ الألمانية لليونان٬ وجد الحزب فرصته الثانية في استغلال قضية المهاجرين التي تفعل فعلها في استقطاب ألمانيا وأوروبا سياسياً بعدما واجهت ميركل انتقادات من دول أوروبية عدة وحتى من المشرّعين الألمان أنفسهم بمن فيهم حزبها الاتحاد الديموقراطي المسيحي ويدعو “البديل” إلى إغلاق الحدود أمام تدفق المهاجرين. وفي شهر كانون الثاني٬ تجرّأ زعيم الحزب حتى على القول إن المهاجرين الذين يتدفقون على ألمانيا بطريقة غير شرعية٬ يجب عدم التردد عن إعدامهم رمياً بالرصاص إذا تطلب الأمر٬ وفقاً لما نقلت عنه وكالة “رويترز”. كما يواصل الحزب سياسة شعبوية يمينية وتبنّي خطاب معاد للأحزاب التقليدية التي ترفض أي تعاون معه بصفته “عاراً بالنسبة إلى ألمانيا”، وفق ما قال وزير المال الألماني فولفغانغ شويبله. ويعتبر ارتفاع الاسهم الانتخابية لـ”البديل” سيناريو غير مسبوق منذ عام 1945 في بلد يبحث دائماً عن المثالية الأخلاقية بعد الرعب النازي.

وتعيش ألمانيا حالة غليان منذ أن فتحت أبوابها عام 2015 لأكثر من مليون طالب لجوء، خصوصاً لسوريين هاربين من جحيم الحرب على متن قوارب هوائية للوصول إلى الاتحاد الأوروبي. ومع حصول حرائق في منازل طالبي اللجوء، ومجتمع مصدوم باعتداءات جنسية ارتكبها مهاجرون في كولونيا، يبدو أن الألمان الذين استقبلوا اللاجئين في بادئ الأمر بالترحاب، باتوا مربكين. وهناك عدد متزايد منهم يتّجه نحو اليمين الشعبوي الذي يأمل في تحقيق نتيجة تاريخية الأحد.

ويواجه الاجانب واللاجئون رفضاً في بعض مدن ألمانيا، وخصوصا في الشطر الشرقي من البلاد حيث جرت تظاهرات ضد مراكز للإيواء، غير أنهم يُعتبرون في المناطق الأخرى بمثابة مورد ثمين للشركات التي تحتاج إلى عمال جدد، ولا سيما في مجال المهن اليدوية والحرفية. وصدر تقرير عن مجلس أوروبا كان يحذر من خطورة تنامي العنصرية والكراهية والتمييز ضد الأجانب عبر الإنترنت، ولا سيما مواقع التواصل الاجتماعي حيث تنتشر الخطابات العدائية للأقليات والأجانب. ولهذا يحذّر المجلس في تقريره عن العنصرية والتعصب من تنامي خطاب الكراهية على شبكة الإنترنت.

يوجد في ألمانيا نحو 168 منظمة يمينية متطرّفة، ابرزها، الحزب الديموقراطي القومي واتحاد الشعب الألماني، وحركة “بيغيدا” العنصرية، التي طرحت نفسها ايضا في دول اوروبية، تحت اسم “اوروبيون وطنيون” ضد أسلمة اوروبا. وهذه الحركة هي امتداد لحركات وتنظيمات يمينية على شاكلة حزب “النازيون الجدد”.

غير أن ميركل واثقة من أن حزب “البديل من أجل ألمانيا” سينحسر ما أن تُحَلّ أزمة المهاجرين. وقال وزير الداخلية الألماني المحافظ توماس دي ميزيير صحيفة “دي فيلت” إن “حزب البديل من أجل ألمانيا لا يملك أيّ مفهوم سياسي أو مهارة لإيجاد الحلول”.
لكن النتائج الانتخابية وتعاظم الحملة المناهضة للاجئين من شأنها ان تجعل مهمة حزبي الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاشتراكي الديموقراطي اللذين يهيمنان على الحياة السياسية منذ 70 عاماً، في تشكيل تحالفات ممكنة على مستوى الولايات، مهمة صعبة.

وعبّر محام ينتمي إلى حزب ميركل ويدعى هانز¬ كناوب عن هذا التطور الجديد بقوله: “صحيح أن أسلوب معالجتها ( ميركل) لأزمة اللاجئين كان نموذجياً على المستوى العالمي٬ ولكنّه يعتبر خطأً فادحاً من وجهة نظر فروع حزبها في المقاطعات” التي شهدت انتخابات. وجاء في تقرير لصحيفة “الغارديان” البريطانية أن النتائج الهزيلة التي منيت بها ميركل، والتي ترافقت مع انتقادات قاسية لطريقة تعاطيها مع أزمة المهاجرين٬ يمكنها أن تدفع بحزبها إلى إعفائها من قيادته. لكن بعض المحللين يرون أن الضربة الانتخابية لن تكون كافية لإطاحة المستشارة الألمانية. وفي هذا الصدد٬ قال وليم بارترسون٬ وهو أستاذ السياسات الألمانية والأوروبية في جامعة آستون: “ما يحمي ميركل من السقوط هو غياب المرشحين اللامعين البدلاء لها٬ فضلاً عن عوامل الضعف التي تعتري الحزب الديموقراطي الاجتماعي الذي يعتبر المنافس التاريخي لحزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي الذي تقوده٬ وأما حزب “البديل” ألمانيا٬ فإنه قد يثير الضوضاء لميركل بأكثر مما يمثل تهديداً لها. وقال مراسل “بلومبيرغ فيو” في ألمانيا باتريك دوناهو: “تواجه ميركل أكبر تحٍّد خلال عقد من ارتقائها إلى منصب المستشارة. ولكن٬ وحتى الآن٬ لم يبرز اسم قوي يمكن اعتباره صالحاً لأن يكون وريثاً لها في منصب المستشارية٬ ويضاف إلى ذلك أن أعضاء حزبها الثائرين على سياستها المتعلقة بالهجرة يفتقرون لقائد محنّك.

وفي الوقت الذي عمدت دول البلقان إلى إغلاق حدودها في وجه الموجات المتدفقة من اللاجئين٬ فضلت ميركل إلى جانب بعض المسؤولين الأوروبيين الكبار٬ إبرام اتفاق اوروبي مع تركيا لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا ووضع حدٍّ لهذه الأزمة المستعصية. ويستبعد خبراء في الشأن الألماني أن تعمد ميركل إلى تغيير موقفها من أزمة اللاجئين٬ ويرجحون ان تتركز جهودها في هذا المجال على تطبيق الاتفاق المبرم مع تركيا. فهل ينقذها هذا الاتفاق من الازمة الداخلية وازمة صعود “البديل”؟

أمين قمورية – النهار[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

4 Comments

  1. حزب البديل والاحزاب اليمينية المتطرقة بالمانيا لماذا هي مزعوجة من سياسة ميركل الناجحة هي وحكومتها بشان اللاجئيين والاجانب فالمانيا اصبحت نسبة العجزة والمتقاعدين فيها كبيرة مع انخفاض حاد بالولادات والاطفال فمن اين تعوض هذا النقص البشري الكبير فلولا السياسة الناجحة لميركل وحزبها لاغلقت الكثير من المدارس والجامعات والمعامل والمتاجر فالمانيا بحاجة لاعداد كبيرة من اللاجئيين سنويا فهناك اعداد كبيرة من اللاجئيين يرحلون لعدم امتلاكهم اقامة لجوء ومنهم من يعود طواعية الى بلادهم فمن مصلحة المانيا ان تجدد دماء شعبها بمواليد جديدة واطفال وكوادر واصحاب شهادات ومهن ومتخصصيين من اللاجئيين

  2. صحيح كلامك من مصلحة المانيا ان تجدد دماء شعبها بس على الاكيد ما مع هيك اشكال من اللاجئين الي واحد فاتح فمه وحامله على كتفه بلا معنى و ماشي بالشارع فهيك لاجئ لازمه سنيين ليسكرفمه ويتعود ويندمج وبعدها بتشوف خيره من شره المانيا افضل شئ لالمانيا النظام الكندي والنيوزيلاندي للهجره نظام النقاط ونظام الاختيار على حسب الكفائات واحتياجات المانيا ماكل من هب ودب وناس مابتعرف تفك الخط بلغتها لتتعلم لغه ثاني ولا ناس كانت صايعه ببلادها ودايره وراء التحشيش شو بدها المانيا بهيك اشكال ٠

    1. كلامك مزبوط!!! هادا يلي كان لازم يصير من البداية! بس يبدو الالمان جحاش وما تعلموا من التجربة مع اللبنانية والمغاربة ودول شرق اوروبا!!! هلا على كلن الاتفاق الجديد مع تركيا حيفسح المجال لها الشي, من اليوم اللاجئ السوري باوروبا حيوصل منقا عالصينية

  3. نعم ..ستسطتيع ميركل فرملة حزب البديل باتفاقها مع تركيا لوقف تدفق اللاجئين …اللاجئين كان سبب الخلاف