اعتراضاً على ارتفاع تكاليفه .. حملة افتراضية تدعو التونسيين للزواج بأجنبيات
“قاورية تهنيك ولا تونسية تتشرط عليك” هاشتاغ لحملة افتراضية أطلقها عدد من الشباب التونسي في مواقع التواصل الاجتماعي دعوا فيها إلى الزواج بالنساء الأجنبيات ومقاطعة التونسيات.
خطوة جاءت للتعبير عن استنكارهم للمطالب المجحفة والكثيرة التي تشترطها الفتاة التونسية على الرجل قبل الزواج لكنها أدت إلى نشوب حرب ومواجهة افتراضية بين الجنسين انتهت بفتح نقاش حول واقع الزواج في تونس.
الحملة التي انتشرت بسرعة على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت نشر صور لعدد من الشباب التونسي المقيم في الخارج و المتزوج من أجنبيات وأشرطة فيديو حاول من خلالها تعداد مزايا ومحاسن هذا الزواج وأفضليته على الزواج بتونسية وذلك بطريقة ساخرة من أجل تشجيع أقرانه على القيام بالمثل والعزوف عن ابنة البلد التي مازالت تفرض متطلبات مادية يعجز عن توفيرها الرجل.
أسامة بن عمار، 25 سنة أحد المنضمين إلى الحملة أثنى على هذه الفكرة مشيرا إلى أنها أفضل طريقة ووسيلة وجدها الشاب التونسي للتعبير عن سخطه من ارتفاع تكاليف الزواج في بلده واضطراره للجوء إلى الدول الغربية للبحث عن شريكته وبناء حياته الزوجية.
و يقول أسامة :”الزواج بأجنبيات غير مكلف لأن المرأة الأوروبية إضافة إلى أنها جميلة فهي بسيطة ولا تضع شروطا تعجيزية على الشاب وهي قنوعة ترضى بحالته الاجتماعية مهما كانت، عكس التونسية التي تتدلل كثيرا وتحرص على المظاهر والبحث عن الرفاه دون مراعاة للظروف المادية للشاب الراغب في الزواج” ، وفق ما نقلت شبكة سي ان ان.
من جهته يرى محمد عزيز بوعبيد، 23 سنة وهو من أحد الداعمين للحملة أن “ارتفاع تكاليف الزواج في تونس لم تترك للشاب فرصة للتفكير فيه وتكوين أسرة”، مشيرا إلى أن الشاب الفقير في الأعوام الأخيرة “لم يعد باستطاعته إقامة علاقة عاطفية أو الزواج لأن الفتاة تستهين به، فهو لا يستطيع أن يوفر لها كل ما تحتاجه وهذا يجعله لا يرغب في المجازفة بالارتباط وتكوين أسرة مقابل ويدفعه للتفكير في حلول أخرى أقربها الزواج بأجنبية”.
هذه الحملة الداعية للزواج بأجنبيات لم تمر مرور الكرام وفتحت جدلا كبيرا تحول إلى حرب كلامية افتراضية بين الجنسين وصلت إلى حد تبادل الاتهامات والاستهزاء والسخرية.
وكردة فعل قامت الفتيات بحملة مضادة على الفايس بوك للدفاع عن صورتهن حملت عنوان “ترنكوشة تونسية ولا عزوزة قاورية” أي فتاة تونسية شابة ولا عجوز أجنبية، نشرن فيها صور لشبان تونسيين تزوجوا بأجنبيات مسنات، معتبرين أن هذا الزواج هو زواج مصلحة وغير متكافىء يجبر عليه الشاب لتحسين وضعه المادي والخروج من الفقر.
علياء بوسنينة 27 سنة متزوجة حديثا، أقرّت أن المرأة التونسية تطمح دائما إلى الأحسن لكنها “تبقى أفضل ألف مرة من الأجنبية، في جمالها العربي وفي طبعها الحنون ودفئها وتضحياتها من أجل زوجها وأبنائها ومحبتها له ووقوفها بجانبه ومقاسمته مصاعب الحياة”.
وتقول:”صحيح أن الزواج أصبح صعبا وكلفته باهضة ولكن هذا ينطبق على الفتاة كذلك، فهي تساعد زوجها على كل المصاريف قبل الزواج وبعده وتتحمل شطحاته وتربي أطفاله وتحرص على إسعاده، وهذا لا يمكن له أن يجده عند الفتاة الأوروبية المتحررة”.
ومن جهتها انتقدت سناء شكشوك، طالبة ماجستير في الاقتصاد، نظرة الشباب التونسي للمرأة الأجنبية بأنها مصدرا لتحسين الظروف المادية والحصول على أوراق الإقامة في بلدها.
واعتبرت أن الحملة التي أطلقوها لا تعني أن المرأة الأجنبية أفضل من التونسية بل هي “تعبير عن أحلام الشباب التي أصبحت مختزلة في الهجرة إلى أوروبا عن طريق الزواج بأجنبية”، مشيرة إلى أن الشاب يتخلى من أجل ذلك عن قناعاته وتقاليده وسعادته وأحيانا كرامته، وهذا فيه إساءة للرجل التونسي.
وفتحت هذه الحملات رغم طبيعتها الساخرة والطريفة الباب للنقاش حول واقع الزواج في تونس أين ترتفع نسبة العزوبة لدى النساء اللاتي تتراوح أعمارهن بين 30 و34 سنة بـ40%، ولدى الفتيات اللاتي تتراوح أعمارهن بين 20 و25 سنة، بـ85%.
ويرى طارق بلحاج محمد الاستاذ في علم الاجتماع أن هذه الحملة تعكس أزمة حقيقية اقتصادية وعلائقية تتمثل الاقتصادية في ارتفاع تكاليف الزواج وتمسك التونسيات بشروط مجحفة ومكلفة وتتمثل العلائقية بالعلاقة الملتبسة بين الشباب والشابات التونسيات.
وأضاف أن التحوّلات التي حدثت في المجتمع التونسي لم تواكبها تحولات في الذهنية، مشيرًا إلى أنه في زمن حداثي تقاليد الزواج لم تتغير ومازال ينظر إليه بعقلية القرون الوسطى وبات مرتبط بالاستعراض والرفاه والصورة الاجتماعية والرياء.
وقال:” في تونس مازال الزواج في أغلبه ليس خيارا شخصيا فقط بل خيارا عائليا واجتماعيا، وحتى وإن بدأ شخصيا وبإرادة حرة فسرعان ما سينقلب إلى مناسبة اجتماعية مكلفة وشبه مستحيلة حين تتدخل العائلة وتفرض شروطها ومقاسها وذوقها ومعاييرها ونزواتها”.
وخلّص إلى أن الأسباب الاقتصادية والثقافة الإجتماعية السائدة المرتبطة بالزواج عطلّت حلم طيف كبير من الشباب ونسفت حلمهم في تكوين أسرة عبر التمسك بمراسم وعادات مكلفة وغير منتجة ومفيدة تعقد الحياة أكثر مما تسهله وهو ما عمّق من ظاهرة العنوسة وعزوف الشباب عن الزواج.[ads3]