” جراح سخي و ماهر ” .. قناصة حزب الله تقتل الطبيب الأخير في الزبداني

كان محمد الخوص يسير من المستشفى الميداني متوجها إلى منزل ابنه في مكان قريب للراحة بين العمليات. لكنه لم يصل، فقد أصابت رصاصة قناص رأس الرجل البالغ من العمر 70 عاما في الشارع. وبذلك، تفقد مدينة الزبداني السورية المحاصرة طبيبها الأخير.

قتل الطبيب مؤخرا لفت الانتباه إلى خطورة استمرار حصار المدن في سورية، رغم الجهود الدولية المبذولة لنزع فتيلها في إطار مفاوضات السلام الجارية في جنيف.

عشرات الأشخاص لقوا حتفهم العام الماضي جراء الجوع أو الأمراض المرتبطة بسوء التغذية في المناطق المحاصرة. وتقدر الأمم المتحدة أن ما يقرب من نصف مليون سوري يقعون تحت الحصار، ولم تتمكن قوافل المساعدات الإنسانية إلا من الوصول إلى 30 في المائة منهم هذا العام.

وأبلغ مكتب الأمين العام مجلس الأمن الدولي يوم 23 مارس/ آذار، أن الأغلب محاصرون من قبل القوات الحكومية و200 ألف آخرين من قبل تنظيم الدولة الإسلامية. وقال ستيفن أوبراين، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، لمجلس الأمن “البؤس اليومي في هذه المناطق عار علينا جميعا”.

الأوضاع في الزبداني- التي كانت منتجعا جبليا ذائع الصيت- هي صورة مصغرة للواقع القاسي الذي أصاب السوريين في جميع أنحاء البلاد.

كان الخوص مشهورا بين سكان الزبداني بأنه جراح سخي وماهر، وكان يلقي الشعر في المركز الثقافي للمدينة قبل اندلاع الحرب الأهلية في البلاد. وقال عامر برهان، مدير المستشفى الميداني في المدينة “كان لديه موهبة في إلقاء الشعر. كان يحب الزبداني. كان يغني لها”.

بعد أن أطلقت قوات الأمن حملة قمع وحشية ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في عام 2011، بدأ الخوص بهدوء في علاج المتظاهرين الجرحى في عيادته ببلدة بقين القريبة. وكانت قوات الأمن تلاحق أفراد الخدمات الطبية الذين يعالجون المتظاهرين، ولم يستطع تحمل جذب انتباه مخبري الحكومة.

في عام 2012، طرد الجيش السوري الحر، الذي اصطف مع المحتجين، القوات الحكومية من الزبداني. وعندما غادر آخر جراح المدينة في 2015، انتقل الخوص إلى هناك للعمل في غرفة العمليات.

وقال أحد العاملين في “الجمعية الطبية الأميركية السورية”، التي تدعم المنشآت الطبية في البلاد، إن مقاتلي المعارضة أجبروا الخوص على ملء المكان الشاغر. وتحدث الموظف بشرط عدم الكشف عن هويته، خوفا من الانتقام.

هناك صار الخوص محاصرا في واحدة من أقسى عمليات الحصار، وذلك بعد أن شن حزب الله اللبناني والقوات الحكومية حملة لا هوادة فيها لطرد مقاتلي المعارضة من المدينة. وأدت حملة حزب الله إلى فرار جميع أهالي البلدة تقريبا إلى مضايا المجاورة، التي خضعت أيضا لحصار القوات الحكومية وحزب الله العام الماضي. وقام مهندسون بتلغيم المناطق حول المدينتين، وانتشر قناصة لمنع أي شخص من الدخول أو الخروج.

لفترة من الوقت، كان الخوص يعمل مع الطبيبة أمل عوض، التي لم تتلق تدريبا على العمليات الجراحية. ولكنها في يناير/كانون الثاني، وافقت على مغادرة البلاد في إطار اتفاق توسطت فيه الأمم المتحدة بين القوات الحكومية والمعارضة لإطلاق سراح المصابين من أربع مدن محاصرة بسورية.

وهي لم تكن تريد المغادرة، ولكنها أصيبت بجروح في العام الماضي، وأصبح من الصعب أن تتحمل هذا الحصار الخانق. وقالت من تركيا حيث تتلقى العلاج إن الحصار “استنفدنا وأدى إلى تدهور صحتي. لدي جرح في رأسي، وهناك شظية في يدي وكنت أعاني من انزلاق غضروفي، ووصلت إلى مرحلة أنني لم أستطع المشي”.

وقالت أمل إن الأوضاع داخل المستشفى كانت صعبة للغاية. “علينا أن نقنن استخدام مجموعات التعقيم. لا يمكنك أن تصدق كم كان ذلك صعبا”.

ظل الطبيب الخوص رابط الجأش ومهنيا، ولكن الحصار كان يلقي بظلاله. تقول أمل: “شعرت أنه كان يعيش في عالم آخر في بعض الأحيان. كان يوجد في المستشفى مثلا أثناء القصف، ولم تكن هناك إصابات، كان يجلس لكتابة الشعر”.

ظل الخوص يعالج بانتظام من تبقى من سكان الزبداني من الإصابات الناتجة عن إطلاق الرصاص والقصف. وكانت “الجمعية الطبية الأميركية السورية” تبحث خفض الدعم للمستشفى، لأن معظم الباقين في الزبداني من المقاتلين.

في 25 مارس/ آذار، قتل الخوص برصاص قناص أثناء عودته من العمل. يقول مدير المستشفى: “تلقينا مكالمة هاتفية أن هناك شهيدا وذهبنا ووجدنا الدكتور الخوص على الطريق. أصيب برصاصة في رأسه كانت تستهدف قتله”.

وأضاف برهان أن الرصاصة جاءت من اتجاه الحصار. وتابع “نحن واثقون بنسبة 95 في المائة أنه قتل من قبل قناص تابع للحكومة أو حزب الله”.

قالت أمل إن اثنين آخرين في الزبداني قتلا برصاص قناصة في ذلك اليوم. وأكدت أنه من غير الممكن الخلط بين الخوص ومسلح. فهو، على حد قولها، لم يحمل السلاح أبدا وكان يرتدي دائما زيا مدنيا. “كان أيضا متقدما في العمر. وكان ذلك واضحا من مسافة بعيدة”.

استغرق رجال الإنقاذ ثلاث ساعات لاستعادة جثته من الشارع حيث أجبرهم القناصة على الاحتماء. (أسوشييتد برس – العربي الجديد)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫3 تعليقات

  1. مشكلة حزب الله أنه يبدو بوجهين، فهو من ناحية يريد أن يبدو حزبا يمثل أحد ألوان الطيف السياسي في لبنان، بيد أن الواقع غير ذلك، فهو مؤسسة سياسية وعسكرية واجتماعية ضخمة، متهمة من قبل قطاع كبير من اللبنانيين بمصادرة إرادة الدولة. حزب الله لا يحق له أن يفرض علينا أيديولوجيا التقديس الخاصة بالنظام الإيراني وحزبه الإرهابي المشارك بإبادة الشعب السوري الذي عمل منذ مشاركته بجرائم الحرب في سوريا على نشر الفكر التكفيري الرافض للآخرين. حزب الله يمارس الإرهاب باسم المقاومة. تاريخ حزب الله الإرهابي في لبنان، منذ تأسيسه حتى الآن، متى وقف هذا الحزب مع القضية الفلسطينية، ومع قضايا العرب بشكل عام، لقد كانت كل صراعاته مع إسرائيل دائماً من أجل مصالحه الشخصية، ومصالح الجهات التي ينتمي إليها خارج المنطقة العربية

  2. 70 عاما واكرمه الله بالشهادة انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب لعن الله الروافض الانجاس من حزب الشيطان اعطوه اجمل هدية يتمناها انسان في سنه

  3. و الله و الله لن نسكت و إن سكتنا ( الآن فقط ) لأننا مقهورين …لن ننسى و الحرب مفتوحة بين المسلمين و الصهاينة مهما اختلفت أشكالهم و مسمياتهم و أولهم الجار الغادر المجوسي جزب الات و من والاه … و إن غدا لناظره قريب