هل ورطت إيران روسيا في سوريا ؟

ذكرت مصادر أميركية رفيعة المستوى انها رصدت «تباينا وصل حد الخلاف بين روسيا وايران» حول مواضيع متعددة، ابرزها الحرب في سورية. وتتابع المصادر ان المسؤولين الاميركيين الذين زاروا موسكو أخيرا لمسوا خيبة أمل لدى نظرائهم الروس مما يعتبرونه وعودا ايرانية لم تتحقق.

ويبدو ان المسؤولين الايرانيين الذين زاروا موسكو قبل عام، قطعوا وعودا لمضيفيهم الروس مفادها ان الحسم العسكري في سورية ممكن، وان كل ما ينقصه هو قوة نارية ساحقة تواكب القوات الارضية التابعة لطهران وللرئيس السوري بشار الأسد. وعمل الأسد كذلك على اقناع موسكو بان الحسم ممكن في حال قدمت روسيا قوتها النارية المتفوقة.

وأوضحت المصادر: «رغم ان الرئيس (باراك) أوباما حذّر (نظيره الروسي فلاديمير) بوتين من مغبة تورطه في الحرب السورية ومن امكانية تحولها الى مستنقع… حاول بوتين انتزاع تنازل من واشنطن وحلفائها في سورية، ولما لم ينجح في ذلك، وافق على الاقتراح الايراني بدخول الحرب السورية بهدف تحقيق حسم عسكري».

الغطاء الجوي الروسي قدم لقوات الأسد فرصة لاقتحام مناطق المعارضين، لكن جيش الأسد مدرع، فلعبت صواريخ «تاو» الاميركية الصنع دورا حاسما في تكبيده خسائر هائلة وأوقفت تقدمه، ما أجبر الأسد على الاستعانة بالميليشيات التابعة لايران، اللبنانية والعراقية والافغانية، لتعزيز صفوف قواته من المشاة. وأدى الالتحام بين الأسد وحلفائه من جهة، ومعارضيه من جهة ثانية، الى خسائر بشرية كبيرة في صفوف الطرفين، مع تقدم بطيء للمهاجمين على الأرض.

وتابعت المصادر ان الروس والايرانيين عقدوا اجتماعا رفيع المستوى لتقييم الحملة، التي كان مقررا ان تستغرق ستة الى ثمانية اسابيع، لكنها طالت اكثر من ذلك، مضيفة: «اثار الروس تحفظهم على تواصل الحملة المكلفة على الخزينة الروسية المتهالكة. فطلب الايرانيون مهلة اضافية وعدوا تحقيق الحسم في اثنائها».

لكن الحسم العسكري للأسد ضد المعارضين لم يتحقق، وسط ضغط سياسي هائل على روسيا مارسته العواصم الغربية، خصوصا ألمانيا التي تعاني من تدفق اللاجئين السوريين، فاضطرت روسيا الى الخضوع، وهذه المرة أعلن بوتين منفردا تعليق عملياته الجوية، من دون اي تنسيق مسبق مع حلفائه في طهران.

وحتى تظهر ايران ان بامكانها الاستمرار في عملية القضاء على المعارضين السوريين، حتى من دون مشاركة روسيا، حثت الأسد على تكثيف غاراته الجوية وتوسيع نطاقها لتشمل مدينة حلب. ويعتقد المسؤولون الاميركيون ان «في عودة الأسد لاستخدام البراميل المتفجرة ضد احياء حلب دلالة على خروج روسيا من المعادلة النارية للحرب الدائرة».

ورغم ان روسيا حاولت ان تظهر وكأن تصعيد قوات الأسد وحلفائه في سورية، وهو تصعيد نسف المفاوضات وادى لانهيار الهدنة التي كانت قائمة، كان تصعيدا بتشجيع منها على اثر خلافها مع واشنطن حول مسودة الدستور السوري الجديد ودور رئيس الجمهورية فيه، الا انه يبدو ان موسكو كانت تحاول تغطية ان ايران والأسد صعدا الحرب من دونها.

اليوم، صار واضحا التباين بين روسيا وايران، حسب المسؤولين الاميركيين، «فالروس يعتقدون ان الايرانيين اما اساءوا تقدير مدى مقدرة المعارضة على الصمود عسكريا، او ان الايرانيين كانوا يعلمون ذلك ولكنهم آثروا اشراك روسيا في الحرب على كل حال».

الايرانيون، حسب المصادر الاميركية، لا يمانعون خوض حروب استنزاف، فتاريخ حربهم مع العراق في الثمانينات يشير الى انهم كرروا الحملات العسكرية نفسها التي واجهت المصاعب ذاتها، واستمروا في القتال ثماني سنوات ولم يحققوا الكثير. اما الروس، فهم أكثر حذرا من الغرق في مستنقعات عسكرية، بعد حربهم المكلفة في افغانستان في الثمانينات، وبعدما كاد الجيش الروسي يغرق في مستنقع مشابه في حرب جورجيا في العام 2008 قبل ان يقرر بوتين التوقف وتعزيز ما انتزعه من الجورجيين من دون المضي قدما لاسقاط حكومتها.

وبسبب حذر بوتين الزائد من المستنقعات العسكرية، فهو انتزع شبه جزيرة القرم في ساعات، وارسل قواته الخاصة الافضل تدريبا من دون اعلام روسية، وهو يدعم القتال شرق اوكرانيا عن طريق ميليشيات محلية ومرتزقة، فيما الجيش النظامي الروسي لا يتدخل الا بشكل طفيف جدا.

في سورية، اعتقد بوتين انه يمكنه تحقيق نتائج سريعة باستخدام مقاتلاته فحسب، لكن لا النتائج جاءت بسرعة، ولا التكلفة بقيت منخفضة، فانسحب، «وربما آثر العمل بنصيحة الرئيس (أوباما) وتفادي المستنقع السوري والعودة الى الديبلوماسية»،حسب مسؤول اميركي.

الايرانيون بدورهم اعتبروا القرار الروسي المنفرد في الخروج من الحرب السورية بمثابة خيانة، ويبدو انهم قرروا مواصلتها من دونهم والحسم، وهو ما دفع ايران الى ارسال جيشها النظامي الى سورية، الى جانب «الحرس الثوري»، بأعداد غير مسبوقة.

لكن رغم الخلاف، تقول المصادر: «تحتاج ايران قدرات روسيا الديبلوماسية ومكانتها في المجتمع الدولي، وروسيا تحتاج الى اصدقاء دوليين بسبب العزلة التي يفرضها عليها العالم… صحيح ان مشروعهما المشترك في سورية تعثر وادى الى توتير العلاقة بينهما، لكنهما سيستمران في العمل سويا بسبب انعدام الخيارات الاخرى».

حسين عبد الحسين – الراي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. بالإضافة لتدخل روسيا وإيران وميليشياتها فلا أظن ذيل الكلب الأهبلوف ومؤيديه البعثيين العروبيين والجيش العقائدي وضباط حماة الديار سيمانعون لو تدخلت إسرائيل أيضا بمقاتلاتها الحربية وقواتها البرية من أجل قتل الشعب السوري وإنقاذ محور المقاومة والممانعة وسيجدون لها مئات الفتاوي الشرعية وآلاف التخريجات القومية تتناسب مع كذبهم وشعاراتهم علما بأن سكوت إسرائيل على التواجد الإيراني العسكري الكثيف مع مليشياتها الطائفية بالقرب من حدودها فوق الأرض السورية ماهو إلا دليلا على حرصها التام على إنقاذ محور المقاومة (الممانع لها !!) من الانهيار والسقوط .
    إذا كان التاريخ قد خلد خيانة بروتوس فهو بالتأكيد سيخلد عمالة ذيل الكلب وسيضرب بها المثل ويقال …. أكثر عمالة من الأهبلوف.