السعودية من الحذر إلى الحزم

سيلاحظ أي مراقب للمواقف ولسياسات المملكة العربية السعودية وخطابها السياسي والإعلامي، بخاصة بعد تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز والجيل الشاب من القيادات، أن ثمة تحولاً في نهج الرياض التقليدي تجاه قضاياها وعلاقاتها الإقليمية والدولية وردود أفعالها، بل كذلك في إدارة الشؤون الداخلية. فعلى مدى عقود عدة اتسم النهج السعودي بالحذر أو ما يمكن أن نسميه بالديبلوماسية الهادئة التي قادها وعبَّر عنها عبر 40 عاماً الأمير سعود الفيصل، وعدم الانخراط في شكل مباشر أو غير مباشر في النزاعات المسلحة.

اليوم وبعد تولي القيادة السعودية الجديدة، يلمس المراقب سياسات ومواقف تتسم بالحزم، ويتسم الخطاب الديبلوماسي السعودي بتأكيد الذات وبناء تحالفات عربية وإسلامية عسكرية لدعم سياسات الرياض وبناء توافقات حولها. ونستطيع أن نرد هذا التحول في النهج السعودي إلى عدد من العوامل الداخلية والإقليمية والدولية. فداخلياً أصبحت القيادة السعودية أكثر إدراكاً للتحولات التي تحدث في المجتمع السعودي وتطلعه إلى مزيد من المشاركة ورفع القيود الثقافية والاجتماعية، بخاصة حول المرأة وممارسات بعض القوى الدينية التقليدية، فضلاً عن تأثيرات انخفاض أسعار النفط. لذلك، نلحظ ما يرقى إلى ثورة على المنظومات الثقافية التقليدية، وخططاً للتحول الوطني للنهوض الاقتصادي والإعداد لعصر ما بعد النفط في إطار رؤية 2030.

وإقليمياً ودولياً جاء الاتفاق الأميركي مع إيران حول برنامجها النووي لكي ترى فيه المملكة اعترافاً ودعماً لدور إيران الإقليمي وسعيها للهيمنة، ومن ثم استخلصت القيادة السعودية أن الاعتماد على حليفها التاريخي وهي الولايات المتحدة لم يعد ممكناً، وتأكد هذا بتراجع الدور الأميركي في المنطقة. وإقليمياً تعمَّقت الأزمات في عدد من الدول العربية، بخاصة بعد تمدد المنظمات الإرهابية، وكان أكثر هذه الأزمات خطورة على الأمن القومي السعودي ميليشيات الحوثيين في اليمن، حيث الجوار السعودي المباشر.

ولم تكتفِ هذه الميليشيات بالانقلاب على السلطة الشرعية، بل ذهبت إلى الوجود المسلح على الحدود السعودية واختراقه وحيث وصلت في شكل مباشر أو من خلال «حزب الله» إلى سواحل المتوسط حتى مياه البحر الأحمر.

وكان طبيعياً إزاء هذه البيئة الإقليمية والدولية أن تعيد المملكة تكييف سياساتها وديبلوماسيتها لتتعامل في شكل فعال مع هذه التحديات. لذلك، رأينا إزاء هذه الأخطار المقبلة من اليمن تشكيل تحالف «عاصفة الحزم» بقيادة السعودية وتوسيعه من تحالف عربي إلى تحالف إسلامي.

في هذا السياق، ظهرت الشراكة الاستراتيجية السعودية – المصرية، والتي تبلورت في زيارة الملك سلمان الأخيرة إلى القاهرة، حيث استخلصت المملكة أن مصر، على رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة والإرهاب الذي تواجهه، هي في النهاية القوة العربية المؤهلة لتعيد معها تماسك الوضع العربي وصوغ استراتيجية عربية لمواجهة التحديات التي تهدد الأمن العربي والتدخلات في الشأن العربي الداخلي.

غير أن النهج السعودي الجديد واقتحام الأزمات ليسا بلا تحديات إقليمية وداخلية. فإقليمياً لا يبدو أن سلوك إيران تغير بعد اتفاقها مع الولايات المتحدة، لجهة تعميق عدم الاستقرار في مناطق الاضطراب العربية. كما لا يبدو واضحاً في المستقبل المنظور أن إيران ستقتنع بأن تتحول من قوة تتحدى الوضع الإقليمي إلى قوة متعاونة تراعي الاهتمامات الأمنية لجيرانها. وداخلياً، فإن سياسات الإصلاح الشاملة في المملكة، والتي تهدف إلى نقلها إلى عصر جديد من التجديد والانفتاح، ستواجه تحديات القوى المحافظة التي ترسخت عبر عقود، والتي ترى في النهج الجديد تهديداً لقناعاتها ونفوذها ومصالحها في المجتمع.

السفير المصري السابق امين شلبي – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫7 تعليقات

  1. مقولتك غير صحيحة عن التحالف الاستراتيجي السعودي – المصري في المنطقة غاب عن بال السعودي ان مصر بعد عبد الناصر ليست مصر قبل عبد الناصر فقد انكفأت للداخل واصبح التركيز الاقتصادي والاجتماعي على المواطن المصري بدل المواطن العربي ، وادى هذا مع الوقت الى انتهاء كل التنظيمات الناصرية في الوطن العربي بدون استثناء ، والسيسي بهذا الموضوع تحديداً لا يفرق عن مبارك بشيء ، وبالتالي عند الدخول في اي قضية مشتركة ينظرون لمصلحة مصر اولاً الاقتصادية ثم الامنية واذا لم يجدوا لا يتدخلوا كما حصل في اليمن ، فحسب الفكر الاستراتيجي للزعيم او القيادة في كل دولة يعني احياناً يكون التدخل العسكري لخدمة اهداف اقتصادية او يكون التدخل العسكري لخدمة ايديولوجية معينة رغم انها خسارة كبيرة اقتصادياً كما ايران ، فهي تنفق ملايين في سورية وليس هناك اي فائدة اقتصادية ولكن ايران دولة ايديلوجية وبالتالي لا ينظرون للقضية من منطق اقتصادي بعكس مصر ، عندها 60 مليون بدها تطعميهون والوطن العربي ربنا يتولاه برحمتو

    1. واضح ان معلوماتك واسعة وصحيحة … قلتللي عدد سكان مصر 60 مليون …
      يا بغل .. عدد سكان مصر تجاوز الـ 90 مليون منذ خمس سنوات .. ريتهم كلهم ي***ا عليك وعلى فهمك القاصر
      .. طبعاً ايران ليس لديها هم إطعام شعبها .. لأنهم يتدبرون أمورهم بالكسب من زواج المتعة .. وبذلك يتفرغ الملالي الشياطين لرش المال إلى كلابهم في الدول العربية ..

  2. أي حزم و اي بطيخ
    النظام السعودي مثله مثل النظام المصري و النظام التركي : كلهم بيادق في يد امريكا تحركهم كما تشاء
    النظام السعودي لا يستطيع منح سلاح نوعي للسوريين الا برضا امريكا
    بل حتى لا يقدر ان يفك حصار قوات على عبد الله صالح و الحوثيين عن مدينة تعز التي يسكن بها 50 مليون نسمة لأن أمريكا لا تريد هزيمة منكرة لحليفها السابق على صالح و حليفها الحالي الحوثيين

    1. استنتاجك غلط…. امریکا لایعطی الثورجیة سوریا السلاح الکاسر للتوازن لانه یرید ان یستمر الحرب… للمثال: شوف الفلم الوثائقي باسم” blood in mobile ” و القصة عن الشرکة نوکیا یلی یشتری المواد المخصصة للصناعة الجوالات من کونغو الدمیوقراطیة.و الشرکة یشتری هذه المواد من العصابات الحرب.و الشراء منهم یعنی مواصلة الحرب و المواصلة الاجرام و القتل و الاغتصاب النساء ووو… فلماذا لایحرك المجتمع الدولی للقضاء علی کم لصوص و القطاع الطرق ؟! لان المواصلة الحرب و الوجود عدة اطراف المتنازعة ع هذه المناجم یعنی “البضاعة الارخص!”… نفس شي بسوریا و النفط بدلا من 50 دلار تباع ب5 دولارات من قبل العصابات یحتاج الی الفلوس فورا و اذا تاخر یوما یمکن ان یسیطر علی البئر النفط فصیل اخری… و کل قصة الحریة و الدمیوقراطیة و الشبیحة و الشیعة و السنة و الصحابة و متعة و عرض عائشة وووو کلها حکی فاضي… النفط الارخص هو الاصل و الباقی فرع…

    2. لا توزع جهلك علينا يا خازوق اللاذقية
      امريكا و اوروبا تحارب الاسلام السني و تتحالف مع الصفويين منذ تحول الفرس الى شيعة تحت قهر سيف الصفويين و لولا المعارك التي كان يفتعلها الصفويين مع العثمانيين لكانوا فتحوا معظم اوروبا
      نعم المال و الاقتصاد مؤثر و لكن الاهم هو صراع الحضارات والافكار يا بهيم

  3. ٥٠ مليون ياحومصي بمدينة واحدة ….هههههههههه صحيح انك حومصي … ليش في مدينة بالعالم اكثر من ٢٥ مليون …!!!